(المرأة في الإسلام).. رحلة في بحر الحروف
الخرطوم: أيمن إبراهيم
صدر قبل أيام في ثوب قشيب العدد رقم (5) من مجلة (المرأة في الإسلام)، والتي تصدر عن المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الإفريقي (شبكة صيحة)، وكان أكثر ما ميز هذا العدد الذي جاء في نحو (103) صفحات أنه استقى مادته بعد جهد عامين استثنائيين خلافاً لما هو مُتبع في المجلة التي تصدر سنوياً منذ العام 2014، وقالت إدارة المجلة إن هذا التأخير جاء نتيجة أن العامين الماضيين كانا عامي الثورة السودانية التي تعطل فيها كل شيء في سبيل الحرية والخلاص من النظام السابق.
صدر هذا العدد وهو مترع بالمواضيع الهادفة والمكتوبة بطريقة هادئة وواضحة مع تنوع المواضيع والكتاب والتصميم الأنيق، كما أنه ضم كتاباً وصحفيين وفنانين من السودان ودول إفريقية وعربية متعددة. وقد حفلت الصفحة السادسة بأبرز المواضيع وهو حوار صحفي من إعداد الصحافية عائشة السماني، مع الأستاذة عائشة موسى العضو السابق بمجلس السيادة الانتقالي السوداني، وهي واحدة من النساء الرائدات في مجال التعليم والحقوق، وقد استعرض معها الحوار حياتها الاجتماعية والسياسية والتعليمية، ورغم أن الحوار أجري قبل أشهر إلا أنه أجاب على بعض التساؤلات المتعلقة بتوليها المنصب وما واجهته من تعليقات بعد تعيينها، وردت على ذلك بالقول: (الاستفزاز وعصاتي هما مصدر قوتي).
لم تتجاوز المواد المنشورة من مقالات وتقارير عنوان المجلة (المرأة والاسلام) كثيراً بل طرقت أبواباً لطالما تجاهلها الناس، وبما أنها تصدر باللغتين العربية والإنجليزية فهي بالتأكيد تصل إلى أكبر عدد من أصحاب الفكر والتفكير في مثل هذه الأمور الجدلية الجديرة بالنقاش، فقد تحدث الصحافية كيت كينغزفورد عن المرأة والإمامة تطبيقاً على الناشطة والموسيقية آني زونيفيلد، وكذلك ضم العدد حواراً مع الناشطة والكاتبة زينة أنور من إعداد هالة الكارب، وهناك مقالات حول النساء في القرآن لـ حليمة الجندي، وعمل القابلات في مجتمع منغلق لـ يوسف تماعيدي، والنسوية الإسلامية للقانونية المتخصصة في الشريعة الإسلامية زيبا مير حسيني، وتقرير حول الزواج القسري لـ عائشة السماني، وهو من أبرز المواضيع المثيرة للجدال الاجتماعي خصوصاً في السودان والدول الإفريقية الإفريقية الأخرى، وأيضاً هجر المرأة في السودان وتداعياته للصحافية السودانية مديحة عبد الله.
ومن بين المواضيع المهمة في المجتمعات الإفريقية والعربية أيضاً كتبت الصحافية صفية الصديق تقريراً حول الوصمة التي تواجه النساء من دون أطفال، وما يواجهنه من هدر للحقوق يصل حد منعهن -وسط بعض المجتمعات- من المشاركة في طقوس العرس، ويطلق عليهن اسم (عاقر). هناك أيضاً موضوع من كينيا للمدافعة عن حقوق الإنسان أمينة هرسي حول نساء الساحل الكيني وعنف الأجهزة الأمنية. وفي باب (ما بين عالمين) يضم العدد قصيدة للشاعرة السودانية إيمان آدم بعنوان الغزالة، وهناك مقالات للكاتبة وعالمة الاجتماع إليز أغازريان، والمحامية والحقوقية التركية دورو يافان، والباحثة ثريا زبير بانو، والمحامية المدافعة عن حقوق الإنسان زهرة بجوة، وطالبة الدكتوراة لوز اودنهايزن، وكذلك مقالات للناشطة الحقوقية د. آمنة ودود، ود. مريم عبد الله داهر، وعبد الفتاح حسن، ورميساء الكريم، وعبد الخالق السر، والمنتجة الكوميدية من إندونيسيا ساكديا معروف.
وقد جاء ملف العدد هذه المرة بعنوان (النساء والثورة)، ومن المعروف -فيما يتعلق بالسودان- على وجه الخصوص؛ فإن النساء كن أبرز وجوه الثورة السودانية التي أطاحت بالنظام السابق، وقد تعرضن في سبيل ذلك للقتل والتعذيب والاغتصاب على أيدي القوات العسكرية والمليشيات التابعة لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وكتب الخطاطون على حوائط العاصمة والولايات كثيراً مقولة (المرأة ثورة) تأكيداً على دورها في التغيير بالبلاد، وقد حمل غلاف الملف عملاً للفنانة إيناس ساتر، عبارة عن خريطة السودان مكونة من الورود وتعلوها يد مضمومة الأصابع متوجهة نحو الأعلى، كما ضم الملف كتابات حول إسهام النساء الإفريقيات المسلمات في الحراك السياسي والاجتماعي لفاطمة ديربي، وتظاهرات النساء في الهند للأستاذة الجامعية ألكا كوريان، وصور وحكايات عن اعتصام الخرطوم في السودان من 6 أبريل إلى 3 يونيو 2019، ولم ينسى الملف أرض المليون شهيد، حيث ضم تقريراً عن النسويات في قلب الحراك الجزائري للصحافية المصرية إيمان منير، وكذلك كنداكات الهامش السوداني ووجودهن في قلب الثورة للصحافي السوداني حسين سعد.
ختمت المجلة صفحاتها بمقال لرئيسة التحرير الأستاذة هالة الكارب، بعنوان: (من الشخصي إلى السياسي: نضال السودانيات نحو المساواة والعدالة)، وتناولت فيه انخراط النساء السودانيات في النضال والأنشطة السياسية، وما يعانينه من الوصم وقبضة الأوصياء من الرجال، واغتيال الشخصية لا سيما اللواتي يكسرن أسوار الأنماط الأبوية المرسومة لعمل النساء في السياسية، وتناولت هالة أيضاً ما فعله النظام السابق عبر فرض مجموعة من القوانين وتقنين ثقافة التمييز ضد النساء وممارسة العنف عليهن، وقدمت توصية في ختام مقالها للناشطات ونشطاء حقوق الإنسان الساعين نحو التغيير وكيفية خلق توازن دقيق في خضم هذه التحديات.