حرية الأديان والاعتقاد.. التطلع لدولة التعايش المرتقبة
حرية الأديان والاعتقاد.. التطلع لدولة التعايش المرتقبة
الخرطوم: مدنية نيوز
تمسكت توصيات مؤتمر تعزير وحماية حرين الدين أو المعتقد في السودان، بالإجماع على الشريعة المجتمعية على أساس المساواة السياسية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية (الإنسانية المعاصرة)، وإنزال القيم الإنسانية إلي الواقع الاجتماعي وتحقيق قيم السلام والعدالة، وإلغاء التمييز داخل القوانين السودانية والاعتراف الحقيقي لا الشكلي بالتنوع العرقي والتعدد الديني والثقافي، وأن تكون المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، ومراجعة قانون الأحوال الشخصية وقانون زواج غير المسلمين.
مواءمة مع الاتفاقيات الدولية:
وطالبت التوصيات بمواءمة القوانين مع الاتفاقيات المصادق عليها، والمصادقة على الاتفاقيات غير المصادق عليها، وحماية حقوق الاعتقاد، ممارسة الشعائر، امتلاك الدور وحق التبشير، ورفع قدرات الأئمة والقساوسة والخدام، بالإضافة الى إدراج تكلفة دراسة التربية المسيحية وطباعة كتبها في ميزانية وزارة التربية، ورفع الحظر عن بناء الكنائس وتعويض الكنائس التي دمرت وخربت، ومحاسبة منتهكي حقوق المسيحيين الدينية (جهات، أفراد ومؤسسات)، وإلغاء القوانين المقيدة لحرية التدين والاعتقاد.
تسامح وتآخٍ:
وأمنت توصيات المؤتمر الذي انعقد في فندق قراند هوليداي فيلا في (28) سبتمبر الماضي، على غرس قيم التسامح والتآخي في نفوس التلاميذ، والتأسيس لقبول فكرة وجود آخر مختلف، وإلغاء المعاهد والكليات الدينية خارج وزارة التربية والتعليم، بجانب تكوين لجان من التربويين والخبراء لمراجعة جميع المقررات الدراسية في كل المراحل ووضع منهج جديد يحترم الأديان ويراعي الحريات الدينية، وتكثيف التوعية المجتمعية لتعزيز حرية الدين أو المعتقد لتجنب استغلال الدين في العمل السياسي عبر المجتمع.
وأشارت توصيات المؤتمر على إقرار عطلة الأحد كعطلة رسمية بدلاَ عن السبت، واعتماد الأعياد المسيحية كعطلات رسمية للدولة.
الدولة الموازية والتغيير المرتقب:
وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرّح، خلال كلمته في المؤتمر، إنه لم يجد دولة عميقة في الوزارة، بل وجد دولة موازية، واستدل على ذلك بأن القوانين مكرّسة عند رئاسة الجمهورية وفي الولايات لدى الولاة، وأكد حاجتهم لقوانين ونظام وهيكلة، وشدد على أن تغييراً كبيراً سيحدث في الوزارة)، وأبان أنه بعد تغيير القوانين لن تكون هناك دولة عميقة أو موازية.
وأشار الوزير إلى مناقشة مسألة الانتقال من دين إلى آخر في المؤتمر الدستوري الذي سينعقد في نهاية الفترة الانتقالية، على أن يتم اتخاذ قرار يتم تضمينه في الدستور والقانون، وأوضح في الوقت ذاته أن التوجه الجديد للدولة يكفل بوضوح حرية الاعتقاد والممارسة الدينية، ونوه إلى أن (124) آية في (52) سورة في القرآن تتحدث عن أن الدين الإسلامي دين تسامح وحرية، ولفت إلى أهمية اتخاذ قرار باعتماد عطلة قومية في أعياد الميلاد.
ومن جانبه أبان المحامي والخبير القانوني نبيل أديب الذي قدم ورقة (التمييز ضد الأقلية المسيحية في القوانين السودانية والدستور)، أن العلاقة على المستوى الشعبي لا مشكلة فيها، وحدد المشكلة في استغلال الدين في العمل السياسي، ورأى أن الحل يتمثل في نشر الديمقراطية.
ومن جهته انتقد المحاضر في القانون الدستوري بروفيسور علي سليمان، الذي قدم ورقة (حرية الدين في القانون السوداني والدستور وحرية الدين في الإعلان الدستوري لعام 2019م)، انتقد حل مفوضية غير المسلمين عقب انفصال جنوب السودان، لأنه لا زال بالعاصمة القومية غير مسلمين.
ومن ناحيته أكد وزير الإعلام والناشط في مجال حقوق الإنسان فيصل محمد صالح، أهمية دور الإعلام في نشر ثقافة التعايش السلمي، واعتبر أن تغيير العقلية والمنهج والسياسات يحتاج وقتاً، وتمسك بضرورة المضي في اتجاه التغيير.
التزام في الممارسة:
وبدوره اعتبر الأستاذ المشارك في مركز دراسات السلام والتنمية وكلية العلوم الإنسانية بجامعة بحري د. جمعة كندة كومي، أن التعايش الديني مؤصّل في المجتمع السوداني وليس من انجازات الدولة التي مارست اقصاءً ممنهجاً، وتمسك بضرورة الالتزام بالنصوص المتعلقة بالحريات الدينية في الممارسة.
إقحام البرامج الأيدلوجية في المناهج:
وفي السياق انتقد القيادي بلجنة المعلمين سامي الباقر محمد عبد الباقي، في ورقة (الحريات الدينية في المناهج التعليمية) إقدام الجبهة الإسلامية على تنزيل برامجها الأيدلوجي في المناهج الدراسية وصياغة المقررات دون أن يكون هناك قبول للآخر، ورأى أن المناهج تؤسس للتقسيم على أساس ديني ورفض ونفي للآخر، وأوصى بإلغاء تلك المقررات وإبدالها بأخرى تدعو لتقبل الآخرين.
مصادرة أراضي وممتلكات:
وفي سياق ذي صلة طالب رئيس مجلس المجتمع الإنجيلي السوداني، رأفت سمير، الذي قدم ورقة (المجتمع الإنجيلي في السودان والتمييز ضد الطائفة الإنجيلية)، بإعادة الأراضي والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، ونوه إلى حجز كل ما تم استغلاله في نشاط كنسي.
توحيد الشرائع:
ورأى الأمين السياسي للحزب الجمهوري بروفيسور حيدر الصافي محمد شبو، الذي قدم ورقة (الأديان مآلها التلاقي)، ضرورة توحيد شرائع الأديان في شريعة واحدة، وهي شريعة الإنسانية المعاصرة، وأن تبقى الأديان في تحقيق هدفها المرموق الرامي لتحرير الفرد من الجهل والخوف، كما تمكنه من تحقيق قيم السلام والعدالة في الواقع الاجتماعية، وذكر (يضاف لذلك أن آلية التواصل مع الإرادة الإلهية تكون في إطار فردي يعمل فيها كل على شاكلته).