الأربعاء, يوليو 30, 2025
أخبارسياسة

هجوم دموي على لاجئين سودانيين في يوغندا يسفر عن عشرات الاصابات

كمبالا: مدنية نيوز

نفذت مجموعة من لاجئي دولة جنوب السودان يُعتقد أنهم من “مجتمع النوير”، هجوما على مخيم “بيالي” للاجئين السودانيين في دولة أوغندا مساء أمس، مستخدمين الأسلحة البيضاء، ما أسفر عن إصابة عدد من اللاجئبن السودانيين، وتسبب الهجوم في حالة من الذعر والهلع بين سكان المخيم، وسط اتهامات للسلطات اليوغندية بالفشل في حماية مخيمات اللاجئين.

وقال لاجئون سودانيون في المخيم، إن ما حدث كان هجومًا ممنهجًا وقع في السابعة مساءً، من قبل لاجئين من جنوب السودان، وشمل أكثر من موقع داخل المخيم، موضحين ان هناك نحو عشرين مصابا جراء الهجوم بعضهم في حالة خطرة.

وأضاف اللاجئون ان الشرطة حضرت بعد انتهاء الاعتداء ولم تقم بتدخل واضح للسيطرة على الاوضاع، في وقت نقل اللاجئون المصابين إلى مستشفيات في غولو وكريندنغو.
وتقول اللاجئة فاطمة اسماعيل من مخيم كريندنغو: “نحن هنا في كريندنغو، لم نعد نشعر بالأمان، لا بسبب المعتدين فقط، بل بسبب الصمت، الغياب، والإهمال من الجهات التي يُفترض أن تحمينا.

وناشدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومكتب رئيس الوزراء الأوغندي بالتدخل الفوري وفرض حالة طوارئ إنسانية داخل المخيم، وفقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، الذي ينص بوضوح على حق كل إنسان في الحياة والحرية والأمان.

وبحسب المكتب القيادي للمخيم، فقد وقعت الاعتداءات في كلاستر (L شرق)، حيث نفذت المجموعة المسلحة هجومًا مباغتًا من ثلاثة اتجاهات، واقتحمت المنازل واعتدت على سكانها بالضرب والطعن، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 16 شخصًا، بينهم أربع حالات حرجة تم تحويل اثنين منها إلى مستشفى مدينة قولو، واثنين إلى مستشفى كرينادنقو. أما بقية المصابين، فقد نقلوا إلى مستشفى بنادولي رغم افتقاره للأدوية والكوادر الطبية المتخصصة.

أوضح شهود عيان من داخل المخيم أن الشرطة الأوغندية واللجنة الأمنية حضرتا إلى موقع الهجوم، إلا أنهما فشلتا في السيطرة على المعتدين أو اعتقال أي منهم، في حين اضطر الأهالي إلى نقل المصابين بسيارات خاصة لغياب سيارات الإسعاف عن موقع الحدث.

وأشار شهود من داخل المخيم إلى أن الهجوم ليس الأول من نوعه، إذ شهدت الكلاسترات التي يسكنها السودانيون سابقًا سلسلة من الاعتداءات، ما يثير التساؤلات حول دوافع هذه الهجمات، خاصة أنها ليست بدافع السرقة، بل يُعتقد أنها تمثل استهدافًا ممنهجًا للاجئين السودانيين.

وناشد المكتب القيادي للمخيم في بيان رسمي الحكومة الأوغندية بالتدخل العاجل لاحتواء الأوضاع وحماية اللاجئين، كما دعا المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية والإنسانية للنظر في هذه الحوادث المتكررة بجدية، وطالب بتقديم حلول عاجلة وحاسمة، منها إمكانية ترحيل اللاجئين السودانيين إلى منطقة أكثر أمنًا بالتنسيق مع السلطات الأوغندية، تفاديًا لتكرار مثل هذه الاعتداءات.

وعبّر العديد من اللاجئين عن استيائهم من صمت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وعدم اتخاذها أي إجراءات واضحة تجاه هذه الاعتداءات المتكررة، مؤكدين أن الوضع في المخيم أصبح لا يُحتمل، ويهدد حياة الأبرياء يومًا بعد يوم.

وعبّر المكتب القيادي عن أمله في تحقيق العدالة ومحاكمة الجناة، مؤكدًا أن استمرار الإفلات من العقاب من شأنه أن يعمق الأزمة ويفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات. إفادة صحفية: دراسة ميدانية تكشف جذور الفجوة الأمنية والتوترات في معسكرات اللاجئين بأوغندا.

وفي إطار دراسة ميدانية نُفذت احدى المنظمات المهتمه بحقوق الانسان خلال شهر أكتوبر 2024، تم الوقوف على العديد من القضايا البنيوية والاجتماعية التي تُفسر تصاعد التوترات بين اللاجئين السودانيين ونظرائهم من جنوب السودان (خاصة من شباب “النوير”)، كما كشفت الدراسة عن فجوات مؤسسية وأمنية ساهمت في تأزيم الوضع في المعسكرات، ومن بينها ما شهده مخيم بيالي مؤخرًا من اعتداءات عنيفة.

ورغم أن الدراسة ركزت على الاحتياجات القانونية للاجئين السودانيين، إلا أن المعطيات التي تم جمعها من خلال المقابلات الفردية ومجموعات النقاش كشفت عن أبعاد أخرى أكثر خطورة، تتعلق بتراكم أخطاء في إدارة المخيم من قبل مكتب رئيس الوزراء الأوغندي (OPM)، مما أدى إلى احتكاكات متكررة كان يمكن تفاديها.

أحد أبرز الأخطاء التي تم توثيقها هو توزيع أراضٍ مزروعة مسبقًا من قبل لاجئين جنوبيين (النوير) لصالح لاجئين سودانيين جدد، حيث طُلب من السودانيين إزالة الزرع القائم – بعضه كان في مرحلة الحصاد – خلال 48 ساعة فقط لإعداد الأراضي للسكن. وتبيّن أن بعض هذه الأراضي كانت تحتوي على أشجار مثمرة عمرها يتجاوز 20 عامًا.
ووفقًا لإفادات المشاركين، فإن العملية كانت قاسية إنسانيًا، إذ تحدث أحد السودانيين عن مشهد تقشعر له الأبدان: نساء جنوبيات يبكين بحرقة ويمرّغن وجوههن على الأرض أثناء اقتلاع زرعهن، بينما السودانيون أنفسهم كانوا يشعرون بالأسى وهم يُجبرون على تنفيذ الأوامر.

كما أظهرت الدراسة أن توقف الدعم عن بعض اللاجئين الجنوبيين في تلك المرحلة، دون توضيح أو توعية كافية من الجهات الرسمية، أدى إلى اعتقاد الجنوبيين بوجود تمييز ضدهم. وقد زاد هذا من مشاعر الغبن تجاه السودانيين، خاصة وأن لجنة اللاجئين السودانيين كانت نشطة جدًا في استقطاب الدعم وتنظيم المجتمع، حتى أنها كانت – بمبادرة منها – تخصص جزءًا من المساعدات للجنوبيين لتخفيف التوتر، في ظل غياب أي استراتيجية من OPM لتفادي مثل هذه النزاعات.

كما سلّطت الدراسة الضوء على تراخي واضح من الشرطة الأوغندية في التعامل مع الأحداث الأمنية، إلى جانب شبهات فساد وتواطؤ، خاصة فيما يخص الاعتداءات والنهب التي نفذها بعض شباب النوير، حيث استغلت تلك العصابات هشاشة الوضع الأمني والرغبة الضمنية لدى بعض الأطراف المحلية في دفع السودانيين لمغادرة الأراضي الخصبة التي وُزعت لهم.

وأشارت الدراسة إلى أن بعض اليوغنديين قد يكونون ضالعين في تحريك هذه العصابات ضمن خطة ممنهجة لإعادة توزيع الأراضي، وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الحياد المفترض للسلطات في إدارة ملف اللاجئين.
وهناك عوامل أخرى فاقمت الوضع، ومن بين الملاحظات الميدانية المهمة: سيطرة السودانيين على معظم الأنشطة التجارية، خاصة في منطقة الاستقبال، مما خلق مشاعر غيرة واحتقان بين بعض أفراد المجتمع الجنوبي.

انعدام الإنارة في الطرقات الرئيسية مع انتشار الأشجار، وهو ما حوّل هذه المناطق إلى بؤر للنهب والاعتداءات ليلية.
وخلصت الإفادة إلى أن لجنة اللاجئين السودانيين بالتنسيق مع سلطان مجتمع النوير يمكن أن تلعب دورًا محوريًا وفاعلًا في تهدئة الأوضاع، أكثر من الشرطة التي فقدت ثقة السكان، وذلك نظرًا للتجارب الناجحة السابقة في الوساطة المجتمعية داخل المعسكرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *