قانون النقابات.. انتقادات لمسودة وزارة العمل ومطالبة بالمواءمة مع مشروع (تجمع المهنيين)
تقرير: محمد إبراهيم
اعتبر قانونيون ونقابيون أن مسودة قانون النقابات التي أعدتها وزارة التنمية الاجتماعية والعمل، من أبرز تحديات الحركة النقابية السودانية، وأن مشروع القانون يحتوي على بنود تفقد الحركة النقابية أهم مميزاتها وهي الاستقلالية والحيادية.
ونظم مكتب النقابات بتجمع المهنيين السودانيين، بالتعاون مع مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية ندوة (الحركة النقابية – الفرص والتحديات) بالقاعة الكبرى بوزارة التعليم العالي السبت الماضي.
دعوة للنقاش والتوافق
وابتدر محجوب محمد صالح الندوة، ودعا للمزيد من النقاش للتوفيق بين مشروعي القانونين، اللذين أعدتهما وزارة العمل، وتجمع المهنيين السودانيين بالتعاون مع مركز الأيام، وقال محجوب في ورقة قدمها في الندوة بعنوان: (الراهن النقابي بين الفرص والتحديات) أن المسألة لا تحتمل الانقسامات، لأن اغلب الأسس المتعلقة بتأسيس العمل النقابي، أصبحت متفقاً عليها وواردة في اتفاقيات ومواثيق دولية.
وأشار محجوب، إلى أن مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية اهتم بمسألة النقابات في الفترة الانتقالية، ذلك حينما لاحظ تعدد مسودات قوانين النقابات التي بلغت (8) مسودات، ونجح في توحيدها في مشروع قانون واحد موحد لقي قبولاً من كل المشاركين في المناقشات، وقال إنه بعد أن تم تقديم مشروع القانون الموحد، اتضح أن هناك قانوناً آخر أعدته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
ودعا محجوب، لبذل مزيد من الجهد للإسراع في توحيد مشروعي القانونين في قانون واحد، لتتسنى إعادة تأسيس الحركة النقابية على أسس متفق عليها من الجميع، وخاصة حسبما ذكر (أنه ليس هناك خلاف كبير بين القانونين).
النقابات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية
ومن جانبه انتقد القانوني عمر الفاروق شمينا في ورقته (الحركة النقابية، القانون، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية)، انتقد قانون (المنشأة) الذي قال إنه ظهر لأول مرة في عام 1971 ووصفه بأنه استثناء، وبعد أن سرد شرحاً له، قال إن النقابة تقوم على الصنعة، الحرفة، المهنة والقطاعات وليس المنشأة.
وشدد شمينا، على أن القانون الموحد الذي دفع به تجمع المهنيين للحكومة هو أكثر قانون عمالي ناضج، وأبان أنه نتاج جهد أكاديمي وفني ضخم مصحوب بتجربة عملية ثرة، وأشار إلى أنه لا يتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، حيث يتح الاستقلالية والوحدة والديمقراطية.
وأبدى شمينا، استغرابه من دفوعات وزارة التنمية الاجتماعية والعمل بأن القانون الموحد هو قانون أحزاب سياسية، واعتبرها حجة واهية وضعيفة تؤكد المحاولات التي تود إبعاد الحركة النقابية من الساحة السياسية واستبدالها بمنظمات المجتمع المدني.
كما انتقد شمينا، جمع العامل لعضوية نقابتين، وقال إن قوانين العمل الدولية تقول إنه لا يجوز إنشاء أكثر من نقابة واحدة للعمال، ولفت إلى أن قانون الوزارة يجرد النقابات من أهم مميزاتها وهي الاستقلالية عبر تضمينها للسلطات الواسعة لمسجل العمل، وقال إن القانون الموحد الذي شارك هو في إعداده يعطي حق التسجيل لمسجل قضائي، وذكر أن الاتفاقيات الدولية تقوم على (3) أضلاع هي (الحكومة، المخدمين، العمال)، وأن القانون الدولي يمنع تدخل تلك الجهات في حقوق وشؤون العمال.
مقاومة ومصادمة
ومن جهته شارك الخبير القانوني والنقابي صديق الزيلعي، بتسجيل صوتي من العاصمة البريطانية لندن، وتحدث عن السمات والمميزات التي تميزت بها الحركة النقابية في السودان، وأكد أنها بدأت واستمرت ديمقراطية تعمل على انتخابات القيادات من القواعد، إلا أن الفترات العسكرية والشمولية عملت على تدجين الحركة النقابية وجعلها خادماً للسلطة وليس العمال.
وقطع الزيلعي، بأن النقابات ظلت مقاومة ومصادمة وتدافع بشراسة عن حقوقها وتعمل على صون الممارسة الديمقراطية، وتكافح الانقسامات التي تعتريها، بجانب دعمها وتأسيسها للحركات النقابية في الوطن العربي وأفريقيا.
واعتبر الزيلعي، أن التحدي الذي تواجهه الحركة النقابية حالياً هو المحاولات المستميتة لإبعادها من السياسية، ودعا لإبعاد الأحزاب السياسية من النقابات، وليس إبعاد النقابات عن السياسة باعتباره حقها المشروع ويمثل دورها الوطني الرائد، وطالب بالمحافظة على التاريخ الناصع للحركة النقابية التي تميزت بالصدام والوطنية والوحدة والديمقراطية.
وذكر الزيلعي، أن هنالك انقطاع أجيال وانقطاع معرفي نتيجة للتغييب المتعمد للنقابات طوال الـ(30) عاماً الماضية، ودعا لتأهيل وتدريب النقابيين المستقبليين، ونبه إلى أن النقابات قامت في السودان قبل إصدار القانون الذي ينظمها في عام 1948م، وامتدح التوحد الذي قام بها الأطباء وانضمامهم في جسم واحد، بالإضافة لدور رائد الصحافة محجوب محمد صالح، بقيامه بتوحيد الوسط الصحفي حول النقابة.
هجوم على مسودة وزارة العمل
وهاجم نقابيون وأعضاء في اتحاد عمال السودان (الشرعي) الذي قامت حكومة النظام المخلوع بحله بمجرد وصولها للسلطة، هاجموا محاولة النظام المخلوع قتل الحركة النقابية السودانية، وأبدوا استغرابهم من سلوك حكومة الثورة التي تعمل على السير في ذات نهج النظام المخلوع.
وقال عضو اتحاد النقابات الشرعي عكاشة عبد الرحمن، إن من أبرز تحديات الحركة النقابية في الوقت الراهن هو قانون وزارة التنمية الاجتماعية والعمل التي تعمل على إجازته، ورأى أن هذا القانون يحتوي على مغالطات فنية واستراتيجية ضخمة، تقوض استقلالية وحيادية وديمقراطية الحركة النقابية.
وأضاف أن حديث الوزارة عن مواءمة قوانينها مع منظمة العمل الدولية هو عبارة عن تغبيش للوعي، ولفت إلى أن منظمة العمل الدولية تهدف لكسر شوكة الحركة النقابية.
وفي ذات الوقت قال النقابي محجوب كناري، إن العمل النقابي في الأساس هو عمل سياسي مطلبي احتجاجي، وأكد على أن الفراغ النقابي الحالي هو عمل مقصود ومدبر له، وتابع: (هنالك جهات سياسية دولية ومحلية تهدف لإفراغ الحياة السياسية في البلاد من النقابات حتى يتسنى لها تمرير مشروعها السياسي وسيطرة على مفاصل البلاد).
واعتبر كناري، أن هناك استهداف ممنهج للقيادات النقابية المستقبلية في الوقت الراهن، بهدف تحجم دورهم وتخويفهم وجبرهم عن التراجع عن مشاريعهم.