د. ياسين القدال لـ(مدنية نيوز): المخدرات أصبحت مشكلة والحشيش و”الترامادول” الأكثر تداولاً
* أعمار الفئات المستهدفة بالمخدرات تتراوح بين 18 وحتى 22 سنة
* الحشيش و”الترامادول” أكثر أشكال المخدرات المتداولة في البلاد
حوار: فدوى خزرجي
بين الحين والآخر، تصدر جهات رسمية وشرطية أخباراً عن ضبط كميات من الحبوب المخدرة والحشيش في مناطق مختلفة من البلاد، غالبيتها تباع بواسطة شبكات إجرامية تنشط في تهريب وتخزين وتوزيع أنواع خطيرة منها مخدر “الايس” مما جعل الكثير من الأطفال والشباب معرضين لخطر الإدمان من شدة تنوع الوسائل في الوضع الراهن لتفشي المخدرات الخطرة، ويتطلب ذلك جهداً متكاملاً وتكلفة مالية كبيرة، والتي تهون مقارنة بالخسائر اليومية والدمار الذي يحدث لعقول الشباب والأطفال أمل المستقبل”، وحول خدمات الصحة النفسية في السودان بين الحاضر والمستقبل وتجارب علاج الإدمان في السودان”، أجرت “مدنية نيوز” حوارا مع إستشاري الطب النفسي وعضو المجلس الإستشاري للطب النفسي بوزارة الصحة الإتحادية د. ياسين القدال للتحدث عن هذه القضية:
* هل أصبحت مشكلة الإدمان تهديدا حقيقيا في المجتمع السوداني وباتت تمس كل الأسر؟
من المؤسف بالفعل أنها أصبحت مشكلة تمس كل المجتمع والأسر السودانية، بحيث لا يكاد هناك بيت يخلو من مدمن ومدمنة في أعمار مختلفة منذ مرحلة الأساس حتى سن الأربعينيات والخمسينيات، كما بات كثيرون من الأطفال والشباب معرضون لخطر الإدمان من شدة تنوع الوسائل الوضع الراهن لتفشي المخدرات خطر للغاية، يتطلب جهداً متكاملاً وتكلفة مالية كبيرة، التي تهون مقارنة بالخسائر اليومية والدمار الذي يحدث لعقول الشباب والأطفال أمل المستقبل”.
* الوضع الحالي المتفاقم والذي وصل بعض مدارس الأساس، ما هو السبب الأساسي في رأيك؟
يرجع ذلك إلى الجرأة التي يتم بها التوزيع والترويج، تقول الشرطة إن طريق مواجهة المخدرات يحتاج إلى عمل متكامل مع عقوبات رادعة تستهدف الوصول إلى كبار التجار ومن يقفون خلفهم”، ومن وجهة نظري فإن مطاردة المتاجرين والمتعاطين والقبض عليهم ليس كافياً وحده، بل لا بد من وجود نيابات مجهزة تعمل طوال اليوم ومتخصصة بتلك الإجراءات، وتشكيل محاكم مهمتها نظر تلك القضايا بصورة عاجلة وعادلة، بغرض تحقيق عنصر الردع تزامناً أيضاً مع توفير مراكز علاجية لتأهيل المدمنين وإعادتهم إلى المجتمع.
* هل انتشار البنقو انخفض في البلاد مع ظهور انواع جديدة للمخدرات؟
في الوضع العالمي والمحلي لانتشار المخدرات ما زال القنب (البنقو) هو المخدر الاكثر انتشارا في العالم، وبالتالي في السودان، وانخفضت معدلات الكوكايين والهيروين في العالم، في حين ارتفعت معدلات الاقراص المنشطة (مثل الامفتامين”كبتاجون”، والاكستاسي) وكذلك معدلات الادوية المحتوية على مواد مخدرة، ويعد مخدر “الآيس”، ويطلق عليه “كذبك الشابو” أو “الكريستال” هو الأكثر شيوعاً وسط الشباب ويصنف من بين أقوى الأنواع القابلة للاستنشاق أو الحقن أو حتى الشم، حيث تفوق سرعة إدمانه سرعة الكوكايين، بحسب أطباء متخصصين.
* ما هي أكثر أشكال المخدرات المتداولة في البلاد؟
الحشيش و”الترامادول” أكثر أشكال المخدرات المتداولة في البلاد، لكن هناك أنواع جديدة أكثر خطورة، إذ أصبح “الآيس” أو “الكريستال” الأكثر رواجاً واستخداماً، ومن مخاطره أن إدمانه يتم من أول جرعة.
* وماهو أثر مخدر الايس على الجهاز العصبي؟
يتسبب “الآيس” في اضطراب شامل بوظائف المخ والجسم ما يؤدي إلى نوبات عدوانية تصل لدرجة القتل أو الانتحار، مع تدني نسبة الشفاء منه بالنسبة إلى المدمنين، نضيف إلى ذلك بأن مخدر الآيس كريستال الفتّاك الذي يُعرف بـ”مخدر الشيطان”، انتشر بسرعة رهيبة مؤخراً وأصبح موجوداً بشكل مُرعب وسط الشباب والطلاب، وبعد ظهور الأنواع المغشوشة أو المخلوطة بمبيدات حشرية لتقليل السعر صارت خطورته أعلى. ومخدر “الآيس” أو “الشابو” أو “الكريستال ميث” مادة نشطة تؤثر على الجهاز العصبي وترفع درجة حرارة الجسم وتؤدي إلى الموت المفاجئ. أيضاً تزيد الميول الانتحارية، وضعف الذاكرة بين مدمني الآيس.
* هل وضع انتشار المخدرات في السودان لا زال يحتاج للمزيد من الدراسات، لأنه لا يكاد يذكر في التقارير العالمية؟
حسب تقارير رسمية سودانية لعام 2021، تم الكشف عن دخول 13 ألف حالة تعاطي للمخدرات إلى مراكز معالجة الإدمان، وأشارت إلى أن الإحصاءات تبيّن أن أعمار المترددين على المراكز تتراوح بين 14 إلى 24 سنة، جميعهم في المراحل الدراسية المختلفة، حيث يبدأ استخدام المخدرات لأكثر من 90% من المدمنين بين سن 13 إلى 22 عاماً، ومن النادر أن يبدأ شخص استخدام المخدرات قبل أو بعد هذه السن، ما يستوجب توجيه جهود التوعية لهذه الفئة العمرية، وأن تُركِّز الأسر جهودها لرعاية ومراقبة هذه الفئة.
* هل أصبح تعاطي المخدرات وسط طلاب الجامعات السودانية ظاهرة مقلقة؟
بالفعل، إذ أثبتت بعض الاستبيانات التي أجريت أن 15% من الطلاب يتعاطون المخدرات بأنواعها المختلفة، وأشارت أحدث التقارير إلى أن الفئات العمرية هنا من 18 وحتى 22 عاما، و هي الفئات المستهدفة بتجارة وبيع وتعاطي المخدرات.
* هل هناك احصائية لحجم تجارة المخدرات بالبلاد؟
بحسب السلطات السودانية فإن حجم تجارة المخدرات يتجاوز السبعة مليارات دولار، فيما أظهرت البحوث أن أكثر من 10% من الجنسين، إما يروجون أو يتعاطون المخدرات في الوسط الجامعي، وتنفذ الشرطة يوميا نحو 300 حملة دهم، بالإضافة لحملات التفتيش الدورية، في محاولة للتصدي لعمليات ترويج وبيع وتعاطي المخدرات. وسبق أن حذر الناطق باسم الشرطة، من أن معظم الجرائم “الخطيرة جدا”، ترتكب تحت تأثير المخدرات، مثل القتل والاغتصاب وجرائم العنف.
* ماهي المشاكل التي تعترض مسيرة عمل الصحة النفسية بالمستشفيات؟
هناك الكثير من المشاكل التي تعترض مسيرة العمل في مستشفيات السودان، منها ضعف الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، والتي يجب أن تتوفر لتقديم خدمة صحية نفسية بصورة جديدة، لذلك اقدم عددا من التوصيات من بينها وجود سياسة قومية لمكافحة المخدرات وتوفير الأدوية لتصبح في متناول اليد، إلى جانب وضع ميزانية وتمويل لخدمات الصحة النفسية مع توفير كمية من الأسرة بالمستشفيات، كما أوصي بأهمية وجود أطباء نفسيين في كل الولايات، لان نسبة الموجودين منهم بالخرطوم تمثل 90% وتوجد نسبة ضئيلة جدا في باقي الولايات، واطالب بوجود ممرضين نفسيين وتدريبهم وتأهيلهم لمرافقة المرضى. مع تقديم برامج لبعض الشرائح المستهدفة مثل الأطفال والشباب والنساء، بالإضافة إلى وضع خطة متكاملة للعلاج النفسي.
* برأيك كيف يمكن مجابهة مشكلة المخدرات في دولة كالسودان؟
مجابهة مشكلة المخدرات يكون من زوايا متعددة ؛ زاوية الجانب الصحي بالتوعية والعلاج والوقاية، الزاوية الأسرية بالأسوة الحسنة والتربية الصحيحة والإرشاد والمراقبة، الزاوية الأمنية من حماية الحدود والمداخل، المعلوماتية والتنسيق مع دول الجوار، وكذلك توفير الموارد اللازمة لمكافحة التجارة وتجفيف مصادر التهريب والترويج، العدالة الناجزة العاجلة، الزاوية الروحانية والوازع الديني والأخلاقي، والزاوية المجتمعية في زيادة الوعي ومساعدة رجال الأمن والمسؤولية المجتمعية للشركات وبيوتات المال، وهناك وزاوية كبرى هي التسامح مع النفس، التسامح مع الآخر والتعاون والتعاضد والمودة، من أجل سودان الحرية والسلام والعدالة.