النازحون في السودان.. معاناة من مدينة إلى أخرى
كتب.. حسين سعد
كشفت عدد من الأسر التي نزحت مؤخرا من مدينة سنار التي تشهد مواجهات جنوبي وغربي المدينة التاريخية كشفت تلك الأسر عن معاناة كبيرة في الطريق من سنار إلى ولايات شرق السودان بكل من كسلا و القضارف بورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر وقالت شابة ثلاثينية في تحديثها مع مدنية نيوز الإلكترونية ان أسرتها نزحت بداية الحرب من الخرطوم الي مدني وعقب دخول الدعم السريع الي ولاية الجزيرة في ديسمبر ٢٠٢٤م نزحت الأسرة مرة أخرى الي سنار وعقب الأحداث الأخيرة اضطرت الأسرة للنزوح مرة الي أخرى حتى وصولوا مدينة كسلا ولفتت الشابة التي فضلت حجب اسمها انهم وجدوا لهم منزلا بسيطا خارج كسلا
وسردت الشابة باسي تفاصيل خروجهم من منزلهم وقالت خرَوجنا من المنزل لم يكن أمرا سهلا لكن اشتداد سقوط الدانات حولنا وبكثافة كان سببا في خروجنا . خرجنا من دارنا ومن حينا بجنوب الخرطوم أثناء الحرب حيث توجهنا للمجهول فقط للنجاة بأنفسنا ولم نكن نعلم إلى أين نتجه فكان القرار أن نسافر إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة الآمنة وقتها بدأت المعاناة منذ لحظة خروجنا حيث مشينا سيرا على الاقدام إلى الميناء البري لانعدام المواصلات ، ومن ثم معاناة السفر للجزيرة ومعاناة تفتيش المركبات التي تقل المواطنين الفارين من جحيم الحرب من قبل قوات الدعم السريع والسؤال عن وجهتهم وابراز الرقم الوطني أو البطاقة الشخصية القومية ورفض لجواز السفر ونحن وقوف وسط لهيب الشمس نعاني الجوع والعطش عانينا ما عانينا ما بين المسير والوقوف على الشمس. مع الوعد باللحاق بهم الي مدني كان ذلك قبل دخول الدعم السريع الي ولاية الجزيرة في ديسمبر ٢٠٢٣م وتحكي المواطنة قائلة.. عندما وصلوا إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة شمال ولاية الجزيرة وتحديدا محافظة الكاملين كان هناك تفتيش اخر وانزال للعفش وتفتيش دقيق والسؤال عن فاتورة بعض المقتنيات مثل اللاب توب أو الأجهزة الكهربائية وغيرها بما في ذلك عجلات الأطفال.
تجدد المعاناة.
ومن جهتها تحكي مواطنة أخرى وام لثلاثة أطفال انهم خرجوا من الخرطوم في يوليو ٢٠٢٣م من الخرطوم الي الكاملين التي مكثنا بها حتى دخول قوات الدعم السريع الي ولاية الجزيرة وقالت المواطنة ان زوجها يعمل خارج السودان وانه كان يتواصل معهم عبر الهاتف وتطبيقات الواتساب
، كنا ننتظر فيها هدوء الأحوال وانتهاء الحرب والعودة لمنزلنا حتى دخلت مليشيا الدعم السريع لولاية الجزيرة وتجددت معاناتنا حيث استبيحت ونهبت البيوت بولاية الجزيرة وقراها وفقدنا الأمان كل الناس من حولنا وبدأ الجميع في رحلة البحث عن الأمان وبدأت الهجرة لقرى أخرى أكثر أمانا ولا ننسى مشاهد الخوف الذي عشناه وصوت الدانات يأتيك من كل مكان وجهة وكانت هناك إصابات لأشخاص حولنا جراء التدوين المستمر حولنا وهجر الناس جميعهم بيوتهم وواجهنا نقصا في الطعام وكانت قاصمة الظهر انقطاع الانترنت ففقدنا الاتصال بالأهل ولم يتمكن أحد من أستلام التحاويل والأموال التي كانت تصلهم ويعتمدون عليها في وقت يصعب فيه أن يجد أي أحد من يمد له يد العون فالجميع حالهم يغني عن سؤالهم .
ولم يكن لأحد أن يجد ما يقضي به حوائجه وعجز الناس عن إيجاد مصدر لسد رمق الجوع وزادت معاناتنا عندما مرض احد اطفالي ولم نجد بالمستشفى سبيلا للعلاج وكان لابد لنا من السفر إلى مستشفى المناقل واضطررنا لترحيله بعربة ( دفار ) واضطررنا لمواصلة الطريق الذي تكثر به عمليات النهب عن طريق الشفشفة حتى وصولنا الي مناطق سيطرة القوات المسلحة حيث انتشرت الارتكازات حتى وصلنا المناقل نزلنا عند أقاربنا في معاناة أخرى فقد كان البيت مزدحما بالهاربين من الأهل من مدني ظللنا نحاول الحصول علي الانترنت ونحن نحس بمعاناة أصحاب البيت ونتألم لعدم مقدرتنا على المشاركة معهم في تكاليف المعيشة وكنا لم نتسلم تحاويل مالية وعندنا وجدنا الانترنت كانت هناك معاناة أخرى هي الحصول على الكاش .
علاج السكري..
و بدورها تحمسي مواطنة أخرى فضلت حجب اسمها أيضا لدواعي أمنية انها خرجت من الخرطوم برفقة أسرتها وابنها الثلاثين المصاب بالسكري وظلت بالجزيرة حتى دخولها من قبل الدعم السريع وتضيف انها عادت الي منزلها بالخرطوم مر ة أخرى في رحلة عكسية لكن الحال كان اسواء جراء انقطاع الكهربا والمياه والدواء وعزمنا على الرحيل إلى عطبرة وعندما وصلناها عقب رحلة شاقة وبها الكثير من نقاط الارتكاز والتفتيش وصلنا مدينة الحديد والنار التي نزحت اليها اعداد كبيرة من المواطنين هناك كانت معاناتنا مضاعفة إيجار المنزل بسعر باهظ وتكاليف المعيشة والعلاج أيضا.
الهروب الي مصر..
وفي الاثناء تقول مواطنة انها ظلت بامدرمان لااكثر من عام وسط لعلعلة الرصاص ومهاجمة المنزل ومطالبتهم بالمال والذهب وانقطاع الخدمات الضرورية وأضافت انها وطفلها وشقيقاتها واطالفهن قرروا السفر إلى مصر بعد ان ضاقت بهم أرض الوطن المكلوم وتابعت.. الحل الوحيد كان هو استغلال عربات البكاسي التي من المفترض أن تكون لنقل البضائع وبدأنا رحلة شاقة من امدرمان وارتكازاتها حيث بدأت رحلة المعاناة فقد كان الرحلة من من امدرمان الي شندي ثم عطبرة ثم دنقلا ، كان المبيت في قارعة الطريق نفترش الأرض ،ونلتحف السماء وصلنا منطقة الدبة حيث البكاسي الحديثة وسيارات الدفع الرباعي وسائقوها المهرة لدرجة الدهشة الذين يسرعوا في تلك الرمال والوديان بشكل مخيف همهم الوصول سريعا للحصول على المال كنا على ظهر البوكسي ١٥ شخص يمثلون أسر مختلفة بدأت رحلتنا في ليل دامس لا قمر فيه يلفنا الصمت والخوف من المجهول ليس لنا من المتاع الا قوارير المياه التي صرفنا عليها كل المال وبعض البلح والبسكويت اشرقت الشمس واستبشرنا بالنور فكان أن لسعتنا الشمس الحارقة بلهيبها وعانينا الامرين وتعرض بعض الصغار لضربة شمس وتأثر كبار السن من مرضى الضغط والسكري حتى وصولنا الي مصر التي بدات بها معاناة أخرى مع السلطات والايجار والمعيشة