الجمعة, ديسمبر 13, 2024
اقتصادتقارير

المجاعة في السودان.. دق ناقوس الخطر

تقرير: منى النور

مع اقتراب الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع من إتمام عامها الثاني؛ بات شبح المجاعة في السودان واقعا ملموسا في ظل استمرار الحرب وعرقلة وصول المساعدات الانسانية، ونتيجة للاضطرابات الأمنية ظلت القوافل التجارية تتعرض لعمليات النهب على الطرقات الرئيسة، كما تمنع الأطراف المتحاربة إيصال المواد الغذائية إلى مناطق حوجة المواطنين بمبررات غير منطقية.

وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قد اطلق تحذيرا -وهو مرصد دولي لمراقبة الجوع’ من خطر المجاعة في (14) ولاية من اصل (18) ولاية بأنحاء السودان، إذا تصاعدت الحرب أكثر بين طرفي الصراع في تلك الولايات،
ويكشف التقييم أن ثمة فرصة حقيقية لحدوث مجاعة في ظل أسوأ تصورات لتطور الأوضاع في تلك المناطق التي تشمل أجزاء من العاصمة الخرطوم، ودارفور، وكردفان، وولاية الجزيرة.

وكشف التقرير أن نحو (755) ألفاً في السودان يواجهون “وضعاً كارثياً” يعد أحد أسوأ مستويات الجوع الشديد وقدَّرت منظمة إنقاذ الطفولة “يونسيف” عدد الأطفال بين هؤلاء المنكوبين بأكثر من (355) ألف طفل سوداني. ويؤكد التقرير أن 8.5 مليون نسمة، اي نحو 18% من السكان يعانون نقصاً في الغذاء قد يُسفر عنه سوء تغذية حاد ووفاة أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة وفقاً لهذا التحديث
ووفق لبيان من المنظمة فقد تضاعف عدد الأطفال السودانيين الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء خلال ستة أشهر، حيث يعاني حوالي 75% من الأطفال الآن من الجوع يومياً، حيث يدفع الصراع أزمة الجوع إلى مستويات قياسية، مما يثير مخاوف من ارتفاع معدلات المرحلة الخامسة هي التحذير الأشد من المبادرة، وتنقسم الي مستويين هما الوضع الكارثي والمجاعة.

وأكدت المبادرة على أن تقييمها الصادر يشير إلى أن المجاعة قد تحدث باحتمال كبير إذا تدهورت الأوضاع في 14 منطقة إلى أسوأ التصورات عنها منذ إقرار نظام التحذير لدى مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قبل 20 عاماً، جرى إعلان وقوع مجاعة مرتين فقط في أجزاء من الصومال عام 2011، وفي أجزاء من دولة جنوب السودان في 2017.

ويتم إعلان وضع المجاعة في حالة إذا عانى 20% على الأقل من السكان في منطقة ما من نقص بالغ الحدة في الغذاء مع إصابة 30% على الأقل من الأطفال بسوء تغذية حاد، وإذا بلغ معدل الوفيات في كل عشرة آلاف نسمة شخصين يومياً من الجوع وسوء التغذية والمرض
والحرب.

السودان المنسي

نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو أكد في زيارته إلى السودان أن الوضع في السودان لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه، مشيراً إلى أن أعداد المتأثرين ربما تكون قد زادت بشكل كبير منذ آخر تقييم لتصنيف مراحل الأمن الغذائي منذ العام الماضي مجدداً التحذيرات من أن السودان قد يصبح “أسوأ أزمة جوع في العالم” مع دخول الصراع عامه الثاني.

فيما شكا عدد من مواطني ولاية النيل الابيض من ارتفاع اسعار السلع والخدمات الأساسية من سكر ودقيق وزيت بسبب اغلاق الطرق الرئيسية التي يتم ادخال البضائع عبرها، مما تسبب في مضاعفة المعاناة على.

وتقول نعمة التي تعمل بائعة شاي وهي نازحة من مدينة ود مدني، انها مرت بأيام كانت تطعم أطفالها الارز المطبوخ بالماء فقط، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن عمل لتسد رمق أطفالها الخمسة، مؤكدة أن سقوط مدينة سنجة بولاية سنار ولغلاق الطرق ضاعف من الأزمة الاقتصادية وأصبح الوضع مقلقا.

برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قال إن أغلب السودانيين يعانون الجوع، وإن نسبة من يستطيعون تأمين وجبة غذاء كاملة يوميا لا تتجاوز 5% من السكان، وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي شرق أفريقيا مايكل دانفورد أن هناك معضلة كبرى فيما يتعلق بالوصول إلى البيانات اللازمة لتأكيد ما إذا كانت معدلات الجوع في السودان قد بلغت الحدود المطلوبة لإعلان المجاعة في السودان.

وقال دانفورد إن برنامج الأغذية العالمي لا يستطيع الوصول سوى لنحو 10% فقط من السودانيين المحتاجين للمساعدات إذ إن “هناك مساحات كبيرة من البلاد لا يمكن ببساطة الوصول إليها”.

وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أنّ 90% من الأشخاص الذين يواجهون مستويات الجوع الشديد في السودان عالقون في مناطق لا يستطيع البرنامج الوصول إليها.

ووفقا لتقريرٍ مفصّل لـمنظمة «اليونيسف» يوجد في السودان 14 مليون طفل بحاجة ماسّة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة أي طفل من كلّ اثنين.

وحذرت يونسيف من أنّ المجتمعات على حافّة المجاعة لأنّهم ممنوعون من الوصول إلى العديد من الأطفال والنساء والعائلات المحتاجة، وأوضحت أنّ «حوالي ثلاثة أرباع الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم غذائي عاجل والبالغ عددهم 3.7 مليون يعيشون هذا العام في 135 منطقة مصنّفة على أنّها يصعب الوصول إليها  وأنّ أكثر من نصف الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحادّ الشديد هم في دارفور والخرطوم وكردفان، والتي تشمل مناطق واسعة، حيث يجب تقديم المساعدة عبر خطوط النزاع أو الحدود.

ودعت يونسيف أطراف النزاع إلى العمل على تمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع ومستدام ومن دون عوائق و أن تعمل شبكات الاتصالات بصورة جيدة من أجل تحديد وإحالة الأطفال المعرّضين للخطر وليتمكّن الشركاء في المجال الإنساني من توصيل الاحتياجات العاجلة.

رفض رسمي

وفيما تم الإعلان عن بداية المجاعة بمعسكر زمزم الذي يؤوي مئات الآلاف من النازحين في ولاية شمال دارفور من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛
رفضت حكومة الأمر الواقع في السودان تلك التصريحات واعتبرتها لا تتسق مع الواقع.

وقالت مفوضية العون الإنساني السودانية في بيان لها، إن الحديث عن وجود مجاعة في المعسكر لا يتسق مع العناصر والشروط التي تستوجب توفرها لإعلان المجاعات. فيما ترى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن علامات التحذير كانت موجودة منذ أشهر وتملك دلائل تؤكد على ان الوضع اصبح مأساوي وأن المجاعة قد بدأت حيث يموت النازحون من النساء والأطفال والرجال من الجوع وسوء التغذية والمرض.

اسوأ ازمة

وحسب خبراء اقتصاد يواجه السودان أسوأ واكبر أزمة نزوح في العالم، حيث ساهم الصراع في إجبار ملايين الأشخاص على ترك منازلهم. ويشكل تدفق النازحين ضغوطا شديدة على الموارد الشحيحة بالفعل مما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الأزمة من الخروج عن نطاق السيطرة.

وقد دفع الصراع القطاع المصرفي إلى أزمة حادة،ويؤدي عدم توفر الخدمات المصرفية أو الوصول المحدود إلى الخدمات المصرفية إلى نقص نقدي واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد. ويكافح السودانيون الذين يعانون من ضائقة مالية لشراء المواد الأساسية مع ارتفاع معدل التضخم. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الحبوب الأساسية إلى 200 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *