الخميس, نوفمبر 14, 2024
Uncategorised

الجزيرة.. نزوح قسري للقرى (2)

تقرير: مدنية نيوز

الراحل المسرحي والفنان مجدي النور لديه مسرحية بعنوان (الحلة القامت هسه) هذا الوصف ينطبق علي حال قري اهلي بالجزيرة حيث ظلت تشهد قري شرق الجزيرة بجانب قري محلية الكاملين والحصاحيصا نزوح جماعي قسري للقري، حيث تعاظمت معاناة النازحين الفارين من جحيم الحرب، وحتى يوم الناس هذا تعاظمت هذه المعاناة مع نهايات موسم الأمطار الحالي وبداية موسم الشتاء، وتعمق معاناتهم، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي والانترنت وفقدان كسب العيش والنزوح والتشريد من المنازل التي نهبت والزراعة التي تناقصت مساحتها مع نذر المجاعة ونهب أصول مكاتب و تفاتيش شيخ المشاريع الزراعية مشروع الجزيرة والمناقل وتهديد المشاريع الأخرى بالسودان وبحسب روايات اهلي بالجزيرة فقد قطع الناس رجال ونساء وكبار السن مساحات واسعة مشيا بالارجل والسعيد من يجد له عربة كارو او سيارة دفار او بوكسي او شاحنة نقل كبيرة لكنهم في هذه الرحلة الطويلة كانوا يتعرضوا في ارتكازات الدعم السريع الي تفتيش دقيق واهانه بالغة لا ترحم كبيرهم او صغيرهم ،وتشير منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة الي ان النازحين سيواجهون ظروف قاسية ، ونقصًا حادًّا في الغذاء والدواء والعلاج ، ومعظم الوسائل والأدوات الأساسية في الحياة اليومية، بالتزامن مع تغيرات مناخية حادّة.

معاناة الاطفال..

معظم الفارين من تلك الانتهاكات لايعرفون الي اين هم ماضين وماهي ظروف مسكنهم الجديد وليس معهم المال الكافي لمواجهة نفقات الحياة القاسية البعض ذهب الي اهله في ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل هذه الولايات سبق وان ضمت من قبل نازحين في معسكرات للايواء يقطنون لا تقي ساكنيها من حرّ شمس ولا من برد شتاء، علاوة على افتقارها لأبسط الخدمات ومقومات الحياة، ما ضاعف من معاناة هذه الأُسَر، وفي مقدمتهم النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب المرضى، الفئات الأكثر تضررًا من الأوضاع المأساوية في تلك المعسكرات. أما حال المحظوظين من النازحين فهم في منازل ارهقهم ،اما الذين نزحوا الي الأرياف والقري بتلك الولايات فقد انقطعت عنهم الكهرباء والعلاج والانترنت فحرب السودان حاصرت أحلامهم ووأدت أمنياتهم، فأضحى الركام والحطام صورة قاسية ومشهد متكرر كل لحظة،الحكايات مع النازحين في التسجيلات الصوتية وصور الفيديو التي تحملها مواقع التواصل الاجتماعي تحكي عن فظائع دامية فهذه الحرب مثلما فعلت بالرجال والنساء والشباب سرقة براءة الأطفال وحاضرهم ومستقبلهم الرصاص طال مدارسهم، ولا يعلمون مصيرهم المجهول عقب دخول عامهم الثاني وهم بعيدين عن ألعابهم وكتبهم، والأجواء العائلية نفضوا نار الحسرة المشتعلة في قلوبهم، وجعلوا من الشارع المنكوب منفسا لطاقتهم الطفولية.

معاناة النساء..

حال النساء في هذه الرحلة القسرية للتهجير كما قال عضو لجان مقاومة الحصاحيصا محمد فوزي في المؤتمر الصحفي لشبكة نساء القرن الافريقي (صيحة) التهجير شمل قري كثيرة بشرق الجزيرة وغربها ،وحدثت عمليات اغتصاب وانتحار من بينها شقيقتان وسط كارثة إنسانية وقصف متواصل وأجواء لاهبة، تطل قصص من فوهة بركان الحرب العبثية ،المرأة السودانية تكابد أحزانها المتراكمة في حرب قاسية الملامح، وكأنها تتحدث إلى أنقاض المنازل المدمرة بأحوال عائلات تتجرع مر الحياة،وكل يوم تقدم صور مأساوية للحياة اليومية للنازحين، وعندما اتحدث بمعارفي وأصدقائ عبر الواتساب أو الفيس بوك استمع إلى قصص حزينه في طريقهم هربا من تلك الحرب إلى مناطق أخرى، حيث واجهوا ظروفًا قاسية ومأساوي تجسد لكن في ظل هذا الواقع الاليم هناك نمازج مشرقة للتضامن والتكاتف للمجتمع السوداني استمعت اليها من متضررين وهم في ترحالهم حيث هرعت اليهم قري ومدن اخري احتضنتهم وقدمت لهم الغذاء والدواء والمسكن وفي رويات اخري وبسهول البطانة قدم اصحاب الماشية جسارة كبيرة حيث تم ذبح الخرفان وتقديم المياه الصالحة للشرب وتوفير السيارات لنقل النازحين الي المدن الامنه بعيدا عن أصوات الرصاص الذي لا ينقطع ليل نهار، وشبح الموت الذي كان يحلق في كل مكان.ياسادتي اهلي في الجزيرة قطعوا فيافي ومساحات طويله من السريحة الي التكينة ومن شرق الجزيرة وقراها الي تخوم حلفا الجديدة والي القضارف والي شندي فقد ادميت اقدامهم في ظروف بالغة التعقيد ،ونزحوا من مكان إلى آخر وسط آلام وجراح تتراكم وتُثقل قلوبهم، وباتت أجسادهم تتنهد حزنا في ظل آهات تعصر أفئدتهم، وتختزل كل مشاعر الحرب اللعينة.

تداعيات النزوح..

نزوح قري الجزيرة اتخذ شكل موجات بشرية متتالية، تبعاً لتطور الحرب نفسها، فتحولت القرى إلى بركان دافق ينفث سكانه موجات بالآلاف، ولم يتوقف النزوح عند نقطة واحدة، بل تكرر عشرات المرات وعَلِق كثير من النازحين في مناطق يصعب الوصول إليهافهناك من تم ترحيله عبر (عنقريب) واخر درداقة والمحظوظ من يجد له عربة كارو يسحبها حمار او حصان ،فالحرب ادت الي نزوح اكثر من 11 مليون شخص ما بين نازح ولاجئ وهذه أكبر حالة نزوح في العالم الآن فضلا عن الحاجة الملحة لايصال الغذاء والدواء لأكثر من 26 مليون شخص إلى المساعدة والدعم الإنساني العاجل، بينهم 14 مليون طفل، و15 مليون سوداني يفتقرون إلى الرعاية الصحية، و80% من المرافق الصحية لا تعمل.

وقد تم قصف وتدمير اكثر من 60 مرفق خدمي واحتلال بعضها واستخدامها كثكنات عسكرية ومنصات للقتال، فضلا ن معاناة أكثر من 11 مليون سوداني في الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة ومقتل نحو 70 من العاملين في مجال الصحة و معاناة اكثر من 730 الف طفل من سوء التغذية الحاد وازدياد معدلات الوفاة بسبب الجوع وسوء التغذية وسط الاطفال والبالغين .حيث يموت طفل كل ساعتين في معسكرات النازحين وشخص بالغ يوميا من كل 10 الف مواطن وتتضاعف كل تلك الاوضاع الماساوية بسبب تمدد رقعة الحرب المتزامنة مع سياسة التجويع المتبعة في هذه الحرب والتي تنجلي في خروج اكثر من 70% من مناطق الانتاج الزراعي عن دائرة انتاج الغذاء مما تسبب في فشل الموسم الزراعي الشتوي والصيفي 2023. وهذا يجعلها تتجاوز معايير المجاعة المعتمدة لدي الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، بجانب انهيار النظام الصحي بالكامل في 13 ولاية، وقصور كبير في بقية الولايات، حيث تدهور الخدمات الطبية وعدم استقرارها وجودتها في المرافق العامة وارتفاع أسعارها بشكل كبير، مما يُثقل كاهل المواطن المطحون اقتصادياً. حيث لا مرتبات ولا عمل، وعدم اهتمام وزارة الصحة بالمرافق والمعينات والكادر والتحضير المبكر لفصل الخريف. تكدس الجثث، الأوساخ والنفايات، ازدحام دور الإيواء وعدم وجود خدمات صحية وصرف صحي جيد بها، وغياب نظام التقصي والاستجابة السريعة وغياب دور المعامل المرجعية قضلا عن هجره الكوادر الطبيه المدربة، نقص المعينات والأدوية من ضمنها المحاليل الوريدية، المسكنات، ادوية التخدير المضادات الحيوية، الأدوية الضرورية، أدوية الأمراض المزمنة والأمراض المعدية والمنتشرة وامصال التحصين للاطفال وامصال لدغات الثعابن والعقارب، وأدوية الدرن والإيدز وغيرها كل ذلك كانت نتيجته الحتمية أن عدد ضحايا النظام الصحي المنهار وانعدام الخدمات الصحية وقصورها يكاد يكون الأكبر في هذا النزاع المسلح . فمن نجا من الموت بآلة الحرب والجوع، يموت بالمرض المزمن والمستوطن والمعدي والإصابات، والأوبئة والحميات والكوليرا. حيث انتشرت عدة أوبئة في الآونة الأخيرة مع إهمال كامل في التقصي عنها والتصدي لها ،مع الموت من لدغات العقارب والثعابين من خلال الارقام لضحايا هذه الحرب اللعينة ونقص الغذاء والدواء نقول أن الحالة الإنسانية الحالية في السودان هي الأسوأ في العالم ومن خلال هذه الفعالية ندعو كافة الأحرار في العالم للتضامن مع جماهير شعبنا من أجل حقهم في الحياة ودم الخطوات الرامية لوقف الحرب وايصال المساعدات الانسانية.

(يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *