الخميس, يناير 23, 2025
تقاريرسياسة

بعد مايقارب العامين من الحرب.. معاناة السودانيين تتضاعف بسبب الحرب والمناخ

تقرير: عافية محمد

فاقم خريف هذا العام معاناة السودانيين، وضاعف امكانية انعدام الغذاء في مناطق واسعة من البلاد بسبب خروج 95 %ما المساحات الزراعية بمشروع الجزيرة والمناقل بسبب الحرب في السودان بجانب فشل المحاصيل او غرق المساحات المزروعة نتيجة غزارة الامطار والسيول، الأمر الذي مثل مظهرا من مظاهر التغير المناخي بعدد من الولايات خاصة الأقاليم شبه الصحراوية، والتي شهدت معدلات أمطار غير مسبوقة فضلا عن السيول، مما ألحق أضراراً على مستويات البيئة والزراعة والصحة، وأدى فصل الامطار الحالي الى وفاة المئات من السودانيين بسبب السيول والاوبئة، فيما تدمرت عشرات الالاف من المنازل واتلفت محاصيل يتم الاعتماد عليها بشكل رئيس في الغذاء، فضلا عن قلة الامطار في مناطق الزراعة المطرية مما ينبئ بتدهور في توفير الغذاء مع توقعات باعلان المجاعة في عدد من المناطق بسبب الحرب في السودان.

كيف واجه السودانيون التغير المناخي

يقول الحاج علي محمد مزارع من اقصى شمال السودان بمحلية دنقلا العجوز: “نعتمد في غذائنا على عائد محصول النخيل، لكن هذا العام دمرت الامطار الانتاج واتلفت الثمار قبل نضجها وحصادها، مما قلل من حجم الانتاج، واشار الى ان الخريف هذا العام دمر منازلهم حيث يسكن هو واسرته تحت ظل الاشجار ونبه الى صعوبة بناء منازلهم بالطرق المتبعة سابقا من المواد المحلية، لأنها لن تصمد امام كثافة الامطار وهو ما يتطلب تكاليف باهظة للبناء المناسب للتغيرات المناخية التي حدثت. والحاج علي واحد من الالاف الذين فقدو منازلهم بسبب الخريف.

وكان التقرير التراكمي لآثار خريف 2024 الصادر عن اللجنة الفنية لطوارئ الخريف بوزارة الصحة بالولاية الشمالية، كشف عن وقوع 29 وفاة و125 إصابة منذ بداية فصل الخريف، بالإضافة إلى تعرض 154 شخصًا للدغات العقارب. كما أشار التقرير إلى انهيار 2352 منزلًا بشكل كامل و3610 منزلًا جزئيًا، وتضرر 24 مرفقًا حكوميًا و2502 دورة مياه بشكل كامل أو جزئي. تعرضت 93 منطقة لأضرار جراء الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت الولاية.

فيما اعلنت جمعية الهلال الأحمر السوداني ان الأمطار والسيول أحدثت دماراً كبيراً بمحافظة وادي حلفا بالولاية الشمالية، وشرّدت أكثر من 174 أسرة، اضطروا إلى الاحتماء بالمدارس والمساجد. ثم اضطرت الولاية الى اغلاق رسمي للمدارس بالولاية لمدة اسبوعين.
ولم يقتصر الامر على الولاية الشمالية فقط انما تضررت معظم ولايات السودان من اثار خريف هذا العام حيث وصل ولاية نهر النيل عدد المصابين جراء الأمطار والسيول والظروف التي أعقبتها إلى 588 شخصاً وأنهار مايقارب 11,500 منزل.

وفي ولايات دارفور أعلنت حكومة غرب دارفور العاصمة الجنينة منطقة كوارث طبيعية بسبب السيول والفيضانات، حيث تضرر أكثر من 7 آلاف منزلا كلياً وجزئياً، وقالت لجان مقاومة الجنينة، إن المياه غمرت بالكامل أحياء الزهور والثورة وأردمتا. وناشدت بالتدخل العاجل لاحتواء السيول والفيضانات التي قطعت الطريق الرابطة بين الجنينة ووحدة مورني التي تغذي المنطقة بالبضائع والمواد الغذائية.

التأثير الصحي

وواجهت الولايات السودانية موجه من وباء الكوليرا في عدد 10 ولايات حسب تقرير وزارة الصحة السودانية و عن ارتفاع الإصابات في 54 محلية من 10ولايات إلى 12،896 إصابة ومنها 388 وفاة فيما اغلقت الأسواق بسبب انتشار الكوليرا في بعض الولايات.
يقول المختص بالشأن الاقتصادي شوقي عزمي إن التغيرات المناخية تؤثر على الاقتصاد بصورة كبيرة حيث تغير نمط الحياة الذي يتخذه الناس وكذلك على عاداتهم وتقاليدهم وانماط سلوكهم.

ولفت عزمي الى ان التغيرات المناخية قد تصبح وبالا على مناطق ويؤدي بها إلى حالة من الفقر والبؤس خاصة إذا كانت هذه التغيرات سلبية، فنجد ان انخفاض درجات الحرارة بصورة كبيره يؤثر على قطاع الثروة السمكية، والحيوانية وحتى انواع معينة من المحاصيل الزراعية التي تتطلب درجات حرارة مرتفعة.
واشار شوقي الى ان علماء البيئة عرفوا التغيرات المناخية بانها أي تغيير مؤثر وطويل المدى يحدث لمنطقة معينة في معدل حالة الطقس، وتشمل درجات الحرارة ومعدل تساقط الأمطار وحالة الرياح فبالتالي يكون الجانب الاقتصادي هو الأكثر تأثرا.

واوضح ان التغير المناخي يتسبب في تغيير الأنماط المتبعة في مناطق معينة، ومثال لذلك شمال السودان الذي كان يعتمد على محصول التمور بصورة كبيرة، فقد يتأثر هذا المحصول بالأمطار التي أصبحت تشهدها المناطق الشمالية، والتي لم تعرفها من قبل، وتكمن الحلول بحسب عزمي في إدخال نظام الرعي والمراعي المفتوحة مما يزيد من حجم الثروة الحيوانية بها، وكذلك إدخال نظام الزراعة المطري.
إلا أنه عاد وربط خطوة تغيير أنماط الإنتاج المختلفة بضرورة اجراء دراسات عديدة من الجهات المتخصصة في المناخ لمعرفة هذه التغيرات وديمومتها، حتى لا يتم بناء خطط اقتصادية على تغير مناخي عارض ليس له ديمومة.

فيما قال مقرر تحالف المزارعين الجزيرة والمناقل عبد الرؤف عمر: “ان الحرب افقدت السودان 95% من مساحة الزراعة المطرية بولاية الجزيرة وسط السودان، واضاف ان المساحة المزروعة 5% فقط ولم يتم الاستفادة من زيادة معدلات الامطار في خريف هذا العام لكنه ساعد في ري هذه المساحة ولفت الى ان المساحة التي تمت زراعتها تمت دون تحضير ومدخلات من سماد ومبيدات. واعتبر ان التغير المناخي بالمنطقة ايجابي يجب دراسته للاستفادة من كثافة الامطار طول فصل الخريف

التدابير وكيفية المواجهة

يقول المختص بالشأن البيئي طه بدوي ان قضية التغير المناخي ظاهرة كونية في كافة بقاع الأرض لها اسباب ابرزها ازالة الغابات والتلوث وارتفاع درجات الحرارة وتؤثر بشكل كبير على المناطق الساحلية، ويرى انه بالرغم من المجهودات العالمية والدراسات والمؤتمرات والمنظمات بغرض تخفيف اثار التغير المناخي، لابد ان يتم الوعي بهذه الظاهرة عبر التربية البيئية والالمام بهذه الظاهرة، واشار الى ان السودان غير مؤهل للاهتمام بهذه الظاهرة والجهود الرسمية متواضعة من خلال التعامل مع التدمير الذي خلفه خريف العام الحالي، حيث تم اغراق مدن تاريخية مثال مدينة طوكر بجانب ذلك فقد كانت اثار الخريف الحالي تدميرية على الارواح والزراعة والاقتصاد، واستبعد امكانية السيطرة على هذه الظاهرة في الوقت الراهن في السودان وانتقد عدم وجود وزارة للبيئة، واوضح ان مستقبل السودان مرتبط بإيجاد حلول لظاهرة التغير المناخي واستحداث طرق لمواجهة الاوبئة المرتبطة بهذا التغير.

وكانت المتحدثة باسم المفوضية السامية للاجئين، أولغا سارادو، قالت في مؤتمر صحفي في جنيف يوم 9 أغسطس 2024، ان الصراع في السودان دمر المحاصيل وعطل سبل كسب العيش. موضحة ان أزمة المناخ تجعل النازحين أكثر عرضة للخطر، فالأراضي المغمورة بالمياه تعني أن السكان غير قادرين على زراعة المحاصيل ورعاية مواشيهم، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي والجوع في المناطق المتضررة أيضاً من الجفاف والصراع. هناك حاجة ماسة إلى تدابير التكيف مع المناخ للحد من التعرض لهذه الظواهر المتكررة.

واشارت الى انه مع انتشار الصراع في جميع أنحاء البلاد، يواصل السكان التنقل بحثاً عن الأمان. وقد أُجبر حتى الآن أكثر من 10 ملايين شخص على الفرار من منازلهم داخل البلاد وعبر حدودها.

واوضحت المسؤولة الأممية انه منذ منتصف أبريل، أدت الأمطار الغزيرة المرتبطة بظاهرة النينيو إلى حدوث ظواهر مناخية شديدة في جميع أنحاء شرق إفريقيا – بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والرياح العنيفة والبرد – والتي تضرب مجتمعات اللاجئين والنازحين.

الفجوة الغذائية

ويلف الغموض مصير العديد من الاتفاقيات والمنح التي وقعتها حكومة السودان الانتقالية بشأن المناخ، وقد كان صندوق خضرنة المناخ قد صادق في أغسطس 2020 على منحة بقيمة 25.6 مليون دولار أمريكي كتمويل إضافي لدعم مشروع مبتكر لمقاومة المناخ بالسودان، وهو مشروع جرى تصميمه حسب برنامج الامم المتحدة الإنمائي من أجل تعزيز الزراعة والصحة والأمن المائي والغذائي.

ووفقا لخبراء ان أزمة المناخ في الولايات الآمنة ساهمت بشكل كبير في الفجوة الغذائية التي حذرت منها منظمات حقوقية وكانت اللجنة المشتركة لمجابهة المجاعة اكدت ان السودان يواجه تحديًا هائلًا وماثلا يهدد بقاء وإستقرار السودان واشارت في بيان تحصلت (مدنية نيوز) على نسخه منه الى إن المجاعة الناتجة عن نقص الغذاء والماء تعتبر الحرب الجديدة التي تعصف بالبلاد.

وقالت إنه وفقًا للإحصائيات الأخيرة بلغ عدد سكان السودان أكثر من ٤٧ مليون، يعاني أكثر من نصف السكان من نقص حاد في الغذاء، والماء خاصة الاطفال فان ١٤ مليون طفل يتعرضون لخطر سوء التغذية و اكثر من ٧٣٠ الف فعليا تعرضوا لسؤ التغذية، وإن فشل الموسم الزراعى الصيفي لھذا العام وعدم إعتراف حكومة واقع الحرب بوجود المجاعة كما وأن تعنتھا بعدم فتح الممرات الامنة وتوصيل المساعدات الإنسانية يزيد من حدة الأزمة في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *