السماء تمطر والواقع ينهار.. خطر مزدوج يهدد الأرواح والبيئة
تقرير: منى النور
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم هذا العام بداية مبكرة لفصل الخريف ووفقاً لتقارير هيئة الإرصاد السودانية، من المتوقع أن يكون معدل هطول الأمطار هذا الموسم أعلى من المعدل في ولايات البلاد الوسطى والغربية والشرقية، وتوقعت الهيئة أن تكون المناطق الشمالية الغربية من العاصمة الخرطوم أكثر تأثراً بالفيضانات الموسمية الناتجة من التدفقات المقبلة من الهضبة الإثيوبية عبر النيل الأزرق.
وتتزايد المخاوف في معظم المدن وقرى السودان وولاية الخرطوم بصفة خاصة من تكرار الكوارث البيئية بصورة مضاعفة في ظل تفشي الأوبئة.مما يزيد من مخاوف انتشار الأمراض الوبائية مثل حمى الضنك و الملاريا و الكوليرا التي حصدت آلاف الأرواح مؤخرآ في ولاية الخرطوم وقد وصلت فيها الإصابات إلى ألف حالة في اليوم وتشكل أمراض الخريف خطرًا على صحة المواطنين في ظل انتشار الجثث ومخلفات الحرب وتدمير البنية التحتية وانعدام أنظمة الصرف الصحي و ركود مياه الأمطار لفترات طويلة، مما يخلق بيئة مثالية لتفشي الأمراض المنقولة بالمياه والأمراض الجلدية.
تفاقم المعاناة
وبحسب حديث مواطنين فإن السيول والأمطار في منطقة الوادي الأخضر شرق العاصمة الخرطوم جرفت العديد من الجثث التي دفنت على عجل، فيما أوضحت السلطات أنها تلقت بلاغات تفيد بجرف السيول جثث جنود يعتقد انهم يتبعون(للدعم السريع) في تلك المنطقة، مشيرة إلى أن الأمطار أدت إلى تراكم المياه في مناطق متعددة في المنطقة ما أسفر عن ظهور الجثامين. واشار مواطنون تحدثوا لمدنية نيوز” إلى حجم معاناتهم خلال فصل الخريف لهذا العام، و أوضحوا أن المحليات لم تكن استعدادتها بالشكل الكافي، جراء تفاقم الاوبئة بشكل كبير، فيما لم تجد الحالات الحرجة التي حدثت خلال هذا الخريف تدخلات علاجية سريعة نتاج ضعف الاستعداد الكافي من قبل المحلية المثقلة بمطلوبات صحية ووقائية، لتغطية العجز الذي لازم الولاية بمحلياتها المختلفة خلال فترة الحرب.
وقال السر عبدالرحيم، مواطن يسكن بحري ، ان المنطقة لم تجد حظها الكافي من استعدادات تلافي أخطار الأوبئة المحتملة خلال هذا الفصل، ولكنه أكد ان عدم ازدحام المنطقة بالسكان، حيث لا زالت هناك منازل خالية من ذويها، الامر الذي حد من خطَورة انتشار الأوبئة. وزاد لكن القليل من المواد التي تم تقديمها، والاستعدادات التي أجريت كانت كافية لتقوية مناعة المواطنين ضد المخاطر المحتملة جراء انتشار الاوبئة وفقاً لمسبباتها المنظورة.
تحذيرات دولية
وحذّر خبراء ومسؤولون في منظمات دولية ومحلية من تفاقم التأثيرات الكارثية للدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمنشآت العامة في السودان، خلال عامين من الحرب. وقد تسببت الحرب في تدمير مرافق حيوية مثل الجسور والسدود، إلى جانب شبكات الكهرباء والمياه والمنشآت الصحية والتعليمية، ووفقاً لتقديرات غير رسمية، تتراوح قيمة الخسائر الناجمة عن تدمير هذه البنى والمنشآت بين 120 و150 مليار دولار.
وبحسب حديث الخبير البيئي يوسف عثمان “لمدنيه نيوز” فإن الظروف الاقتصادية والمالية والبنية التحتية المدمرة بسبب الحرب، تمثل تحديات تعيق اجتهادات السلطات في اتخاذ الإجراءات التحوطية المناسبة لمواجهة موسم الأمطار الحالي مضيفا أن الأوضاع تدهورت أكثر عقب الحرب، وحتى اليوم لم تتم صيانة الطرق والجسور وتطهير وتنظيف المجاري بالصورة المطلوبة بجانب عدم توفير مضخات الطوارئ، وإقامة التروس الواقية من السيول والفيضانات مشيرا إلى أن الحرب دمرت القليل الذي كان يتعامل معه قبل الحرب وأضاف بالقول “بالنظر إلى حجم الدمار الكبير الذي طال البنية العمرانية بالخرطوم خاصة وتراكم الأنقاض في كل مكان والانتشار الكبير للنفايات والجثث والمقابر في بعض الأحياء السكنية والغير معلومة الأمكنة حتى الآن. وتوقع الخبير أن يحمل موسم الأمطار هذا العام في طياته آثار بيئية وصحية وخيمة نتيجة تجمع وتراكم برك المياه. وقال إن الاستعدادات لموسم الخريف والفيضانات المتوقعة هذا العام به جملة من التحديات التي تتمثل في إفرازات الحرب من دمار وشح في الوقود والإمكانات والآليات التي تعرضت للنهب والتخريب.
مركز الطوارئ
فيما كشف تقرير صادر عن مركز عمليات الطوارئ و الأوضاع الصحية بالبلاد والتدخلات خلال أسبوع في تقرير حصلت عليه مدنيه و نشر بموقع وزارة الصحة عن تسجيل ( 1913) إصابة بالكوليرا، منها (43) حالة وفاة، من 12 ولاية، فيما بلغت الإصابات بحمى الضنك (61) إصابة من غير وقوع حالات وفاة، جميعها من ولاية الخرطوم.
في حين وصلت الإصابة بالتهاب الكبد إلى( 26) إصابة، منها (4) حالات وفاة من ولاية الجزيرة. وحول وباء الحصبة، سجلت ولايتي شمال دارفور والخرطوم كل الإصابات خلال اسبوع والبالغة 35 إصابة دون وقوع حالات وفاة، واكد تقرير الخريف، عن تأثر 13 محلية بالأمطار من 3 ولايات، وتضررت 60 أسر
واشار وكيل الوزارة د.هيثم محمد ابراهيم خلال مخاطبته الاجتماع لضرورة الإسناد الاتحادي لولايات دارفور وكردفان المباشر أو عبر المنظمات الدولية والأممية وأضاف “الإنسان السوداني هو مقصدنا بالخدمة في اي بقعة من السودان ،وقال ونعمل ونجتهد على إيصال الخدمات له”، موجهاً بتوفير استحقاقات العاملين في الطوارئ بدارفور. كما تعرض للحصار المضروب في شمال دارفور داعيا إلى كسره لإيصال الخدمات للمواطنين و إنقاذ الأرواح.
مواجهة التوقعات
وبحسب تصريحات سابقة لادارة الدفاع المدني فإن التنبؤات بخريف غزير هذا العام تفرض تحديات كبيرة على الأجهزة التنفيذية بالمركز والولايات كونها تستوجب تحضيرات جادة لمواجهة تلك التوقعات، مشيرة إلى أن الولايات الآمنة التي لم تصلها الحرب لم تتأثر بنياتها التحتية على العكس من تلك التي دمرت الحرب معظم بنيتها التحتية وقال أن ولاية الخرطوم حدث بها خلل كبير في قنوات التصريف بسبب التدمير الواسع الذي حدث في بنيتها التحتية الهندسية، نتيجة لاحتلالها بواسطة قوات الدعم السريع لأكثر من عام، مما سيرتب على سلطات الولاية أعباء أكبر في مواجهة التحضيرات للخريف واستعادة منظومة مصارف السيول والأمطار.
فيما حددت إدارة الدفاع المدني جملة من التحديات الكبيرة التي تواجه الاستعدادات لموسم الأمطار والسيول والفيضانات هذا العام تتمثل إجمالاً في إفرازات الحرب من دمار وشح في الوقود والإمكانات والآليات التي تعرضت للنهب والتخريب، مبيناً أن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع المدني أرسلت الموجهات العامة لجميع وزارات التخطيط العمراني ولجان طوارئ الخريف بالولايات، للتحرك العاجل على مستوى المحليات الوحدات الإدارية التي يقع عليها عبء كبير في معالجة مصارف المياه السيول والأمطار.