جبال النوبة تحتفل بمباركة الحصاد (ورق اللوبيا) والطريق يتمهد للترشح لـ (اليونسكو)
جبال النوبة: الواثق تبيسة
شهدت منطقة (النِّتِل) غرب الدلنج بولاية جنوب كردفان (جبال النوبة) احتفالاً بمناسبة عيد مباركة الحصاد والموسم الزراعي المعروف بـ (سِبر النِّتِل) أو (ورق اللوبيا) في مجموعة (أَمَا) (نِمنق) ضمن مجموعات جبال النوبة العشر.
وتخللت الاحتفالية التي أقيمت الأسبوع الماضي تكريم عدد من القيادات منهم د. جون قرنق دي مبيور، والمعلم يوسف كوة مكي والقائد عبدالعزيز الحلو والسكرتير العام للحركة الشعبية شمال عمار آمون وحاكم إقليم جبال النوبة بالمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية القائد صالح البادل.
ويعتبر سبر (النتل) من الاحتفالات المتوارثة عبر الأجيال منذ قديم الزمان وتمارس بطقوس تختلف عن بقية الطقوس، ويعتبر وقت حصاد سِبر (ورق اللوبيا) بمثابة تقويم تتم فيه عدد من الممارسات الخاصة.
وكانت هذه الطقوس قديماً تبدأ في شهر أغسطس وهو شهر لأهل الزراعة لقطف ثمار أول المحصول وهو (اللوبيا)، وتتم مباركة خير الزرع، وتبدأ بعشائر مجموعة (أمَا) وهي (8) جبال (كُرمُتي، سِلّارا، كِلّارا، تُندِيّة، حجر السلطان، كَكَرَا، الفَوس والنَتِل).
ولكن هذا العام أقيمت في (21) نوفمبر الجاري لحفظ المناسبة، ولم تقم في توقيتها لعدة أسباب منها ظروف الخريف ووعورة الطرق، كما أنه لظروف الحرب وأحداث ( 6/6 / 2011م) المعروفة بـ (الكتمة) انقطع هذا المحفل ليعود من جديد ليعبر عن التعايش السلمي والتحول المجتمعي الذي ينادي بشعارات الثورة (حرية، سلام وعدالة) و(السلام أولاً).
وتختتم هذه الفعالية بجبل (النتل) الذي يجمع ما بين كل تلك العشائر في حلة زاهية، وتتم فيه المباركة من كبير المجموعة حسب الطقوس (أَبَردِي تونغ)، ويشرع في الدعاء للخالق الواحد أن يبارك في الزرع والذرية وأن يتحقق كل ما ينفع الناس.
ويمثل ذلك المحفل لشعب النوبة والمجموعات الأخرى مناسبة اجتماعية ثقافية واقتصادية وروحية في آنٍ واحد، حيث تلتقي فيه الأسر القريبة والبعيدة ومن كانوا في المهاجر ومدن السودان المختلفة ورجالات (الأما).
ومن خلال مراسم الاحتفال يتم أداء العديد من الفنون المتمثلة في (الكِرنق) التي تبدأ بها احتفالات الفنون وتختتم بـ (الدُّسُول)، كما تتضمن (المصارعة) كطقس يبدأ بالمبارزة بين الشباب.
وتوافد أبناء تلك المناطق من المهاجر مثل (أستراليا، كندا، أمريكا والخليج، مصر، وبلدان شرق أفريقيا (كينيا ويوغندا)، وولايات السودان المختلفة في لوحة ترسم ملامح مرحلة جديدة، وكان للمنتمين للحركة الشعبية من أبناء تلك المناطق دور بارز من خلال المساهمة في الاحتفالات.
وتم تكريم عدد من قيادات الحركة الشعبية التاريخيين منهم من رحل ومنهم من هو على قيد الحياة، وتم تكريم كل من القادة د. جون قرنق، يوسف كوة، ومحمد جمعة.
كما تم تكريم قيادات الحركة الشعبية بدءاً برئيس الحركة عبدالعزيز الحلو والسكرتير العام عمار آمون، وجوزيف تكا، وعزت كوكو والبادل، وكل قيادات الحركة الشعبية الفاعلة في المنطقة.
وتعتبر منطقة (أما) هي مهد السلطان عجبنا أَرُوجا والد الأميرة كنداكة مَندِي عجبنا أروجا، وهم من قادة أبرز ثورات جبال النوبة، وتمثل المنطقة (النتل) بعداً روحياً ورمزياً لثوار جبال النوبة.
وشهدت الفعاليات حضور بعض الشخصيات الأكاديمية من مركز الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم منهم بروفيسور محمد المهدي بشرى، وقال د. توحيد خميس، لـ (مدنية نيوز): تعتبر هذة الفعالية من ضمن العناصر التي خصصت جامعة الخرطوم وفداً لدراستها، حيث تعتبر ضمن عناصر الفلكلور والوجدان المشترك لشعب النوبة، وفيها دعوة للتسامح والتعايش.
وأضاف: هذه الممارسات يمكن أن ترشح لليونسكو للتراث الإنساني، وأبان أن تلك الممارسات صمدت لحوالي (7) آلاف سنة، ولا تزال تمارس، ولفت لدور الثقافة في بناء وجدان الشعوب والأمم.
ودعا توحيد، لتعجيل السلام في أرض الواقع الأمر الذي يفتح المجال بشكل أكبر لممارسة هذه الثقافات.