الجمعة, نوفمبر 22, 2024
مقالات

شركاء الثروة والسلطة وفرقاء بناء الدولة والتحول الديمقراطي

بقلم: كومان سعيد

لا أدري ما الذي يدعونا لتسمية الحاضنة السياسية للفترة الإنتقالية بالشركاء بعيدا عن تقاسم السلطة والثروة، إذا كان كل ما في الأمر هو السلطة والثروة فاعتقد أن هذه الأحزاب السياسية والعسكر والحركات الموقعة على سلام جوبا تستطيع أن تبني شراكة حول السلطة والثروة قد لا تخلو هي أيضا من المشاكل. أما فيما يتعلق بالبناء الديمقراطي و التحول السياسي الذي يمكن أن يعبر بالسودان إلى بر الأمان وبتالي يعمل على تحقيق السلام الشامل العادل و التنمية، يبدو أن هذا آخر ما يخطر على بال الشركاء.
تحقيق السلام لابد من أن يكون مرتبطاً بالتحول الديمقراطي ولابد من إعادة هيكلة بنية الدولة المشوهة. ما حدث بالأمس من إحدى قيادات حركة و جيش تحرير السودان قائد برتبة لواء من حديث له في حفل تكريمي أساء فيه إلى اتفاق الحلو حمدوك، وهدد بالحرب في حالة إصرار الحركة الشعبية على علمانية الدولة، كما هدد الحكومة -وللمفارقة هو جزء منها حسب اتفاق جوبا- الحكومة بنسف الخرطوم في حالة عدم تنفيذ اتفاقية السلام قائلاً إن هذه المرة لن تكون الحرب في دارفور أو حتى الشمالية بل ستبدأ في المنشية والرياض (العمارات البنيتوها بقروشنا).
هذا حديث مؤسف غير مسؤول إطلاقاً على قيادة حركة وجيش تحرير السودان مناوي أن توضح موقفها من هذا الحديث الذي يعكر الأجواء السياسية ويزيد الطين بله. إن ما يحدث الآن يضع أمامنا سؤالا كان لابد من أن نتسائله فيما يتعلق بالحركات الموقعة على سلام جوبا، هل هذه الحركات تؤمن حقا بالتحول الديمقراطي؟ هل هذه الحركات على وعي تام بمتطلبات بناء الدولة ؟ إذا نظرنا لبعض هذه الحركات نجد أن لها علاقة كانت بالنظام السابق وأن بعض قادة هذه الحركات كانت لهم مناصب في ظل حكومة البشير، اما البعض الآخر قد ابرم هذه الاتفاقية اتفاقية جوبا( مكايدة) لخلاف داخلي أدى إلى الانقسام و بتالي ليس لهذة الحركة قوة يمكن أن تدفع بها إلى البناء الديمقراطي. أما البعض الآخر فاختلافه مع النظام السابق ليس مبدئيا بل خلاف مع أشخاص وبتالي هي نفس الايدلوجيا الإسلامية التي ثارت عليها الثورة.
إذا كانت هذه الحركات لا تعي معنى التحول الديمقراطي أو أن لها أهداف ضد التحول الديمقراطي؛ فهذة كارثة أخرى قد تدخلنا إلى دوامة الحرب والدم مرة أخرى، وبالتالي إجهاض هذه الثورة العظيمة.
لقد أصبح الآن المشهد أكثر وضوحا، العلاقة ما بين الحركات الموقعة على إتفاقية جوبا و العسكر علاقة مقربة من علاقة الحركات بقحت التي يشوبها العداء الصريح. وإذا افترضنا جدلا أن هذه الحركات لا يهمها التحول الديمقراطي بقدر ما يهمها أن تتقاسم السلطة والثروة والانتقام من قحت، على قحت أن تبزل جهدا كافي حتى تلحق الحركات الأخرى بعملية السلام والضغط لهذا الهدف لأن وجود الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وحركة جيش تحرير السودان عبد الواحد نور يعمل على تغيير المشهد بشكل كبير، وهذا لا يعني بالضرورة أن الحركة الشعبية و حركة عبد الواحد ستعمل ما سيعجب قحت، لكن أقلها ستعمل ما لا سيعجب بعض الحركات التي لا رؤيه لها. الحركة الشعبية كنموذج لديها رؤية واضحة في إعادة بناء الدولة يمكن أن تكون شريكا قويا جدا للدفع بعملية التحول الديمقراطي وإيقاف عبثية بعض الحركات المسلحة.
وفي النهاية سينتصر الحب ويعم السلام، أو هذا ما نأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *