الجمعة, نوفمبر 22, 2024
اقتصادتقارير

السودانيون والاقتصاد.. أسعارٌ مرتفعة وإنتاجٌ متعثر

تقرير: حسين سعد
يعيش كثير من السودانيين عقب نجاح الثورة ضد النظام السابق؛ تجربتهم الأصعب على الإطلاق، بسبب انفلات السوق وتهاوي العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وتوجه البلاد أزمات خانقة فيما يخص الوقود والكهرباء، وقضى الناس أياماً طويلة في صفوف المخابز ومحطات الوقود وهتف السودانيين عاليا (الجوع الجوع ولا الكيزان)، لكن أملهم بأن تكون تجربتهم تلك هي التجربة الأخيرة تبدد مع بداية العام الجديد 2021م.

كورونا:

وفاقم وباء كورونا من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة بسبب تراجع الإنتاج والصعوبات المالية وتدهور القدرة الشرائية وانخفاض قيمة العملة والديون وتراجع الاستثمار، إلى جانب تواصل ارتفاع البطالة ونسب الفقر، ومن الراجح أن يدخل الشعب السوداني العام 2021 باستمرار اضطراب الوضع الاقتصادي، وتدهور الحالة الاجتماعية والمعيشية، وجفاف مصادر تمويل خزينة الدولة بالعملات الأجنبية، وبالمقابل على الدولة التزامات عديدة وعاجلة تتطلب توافر العملات الصعبة وعلى رأسها الدولار لسدادها، ويأتي في أعلى سلَّم هذه التحديات توفير الدعم المالي اللازم لتأمين متطلبات الوضع الصحي لا سيما توفير لقاح كورونا والأدوية والمستلزمات الطبية، والاستمرار في تأمين حاجات الغذاء الأساسية مثل القمح والوقود، ولجم ارتفاع الأسعار.

شكاوى المواطنين:

ويشتكي المواطنون من ارتفاع الأسعار، حيث تقول المواطنة مها الطيب لـ(مدنية نيوز) وهي تقف أمام أحد المخابز، إن المصروف اليومي الذي يمنحه لها زوجها لا يكفي منصرفات اليوم، وأضافت أنها اشتركت في صناديق شهرية، لمساعدة زوجها في المصاريف اليومية، ونبهت إلى أن المدارس حالياً مغلقة وفي حال استئناف الدراسة ستكون الأوضاع قاسية على المواطنيين.
ومن جهته قال المواطن كمال جبريل الذي يعمل في مجال الأعمال الحرة، إن فضّل السكن في مكان عمله بأمدرمان بدلاً عن الذهاب والإياب بين الخرطوم مسقط رأسه وامدرمان مكان عمله، وأضاف: (إذا ذهبت للعمل ورجعت الى المنزل بالخرطوم نهاية اليوم هذا يكلف أكثر من ألف جنيه، بجانب نفقات الفطور والشاي والقهوة.
ولا يقف ارتفاع الأسعار عند حدود المواطنين وأصحاب الأعمال الحرة، بل يتجاوزه إلى ارتفاعات أخرى، فسائق الحافلة أو عربة النقل (الدفار) يقرر عدم الالتزام بالتسعيرة المحددة ويرفعها كما يشاء نظراً لارتفاع الوقود وقطع الغيار، وأيضاً صاحب المنزل يطلب من المستأجرين المزيد من النقود للأجرة الشهرية، وحين يتجرأ أحد على الاعتراض يأتي الجواب جاهزاً: (الأسعار في السوق نار).

الأسعار بالأسواق:

وللوقوف على الأسعار نفذت (مدنية نيوز) جولة استطلاعية داخل السوق المركزي بالخرطوم، أمس الثلاثاء، وبلغت قيمة طبق البيض الذي به حوالي 24 قطعة مبلغ 750 جنيها، ويباع كيلو اللحم الضأن بمبلغ (1000) جنيه والعجالي (800) جنيه، وكرتونة الطماطم (1500) جنيه، وجوال السكر 7500 جنيه، والأرز الكيلو بمبلغ 480 جنيه والعدس الكيلو 285 جنيه، وجوال البصل 5500 جنيه، بينما بلغت قيمة جركانة الزيت 8200 جنيه.
ومن سوق المعيلق بولاية الجزيرة محلية الكاملين، أكد أسامة السيد ومحمد عثمان قشيري (حموري السعدانة) لـ(مدنية نيوز) أن قيمة جوال الذرة طابت تبلغ (11) ألف جنيه، والذرة ود أحمد (6) آلاف جنيه، والذرة الفتريتة (7) آلاف جنيه، وكيلة الويكة (2000) جنيه، وجوال القمح (7) آلاف جنيه، وجوال الفول المصري السيوبر (15) ألف جنيه.

معيشة شهرية:

وكانت دراسة قد أجرتها لجنة المعلميين السودانيين، أوضحت أن تكاليف معيشة يومية لأسرة مكونة من خمسة أفراد (أب وأم وثلاثة أبناء)، تبلغ (77،712) جنيه خلال شهر واحد، وفصلت الدراسة تكاليف الأسرة في الإيجار الشهري بمبلغ ١٠ الاف جنيه وكهرباء ومياه ونفايات بمبلغ ٣٠٠ جنيه، وغاز بمبلغ ٣٥٠ جنيه والخبز بمبلغ ١٢٠٠ جنيه، وفطور ومواصلات بمبلغ ٣٠ الف جنيه، بجانب الخضروات التي تكلف ٩ الاف جنيه، ولحمة بمبلغ ٢٨١٢ جنيه وزيت بمبلغ ١٥٠٠ جنيه وبصل وصلصة بمبلغ ٢٩٠٠ جنيه، ولبن بمبلغ ٤٨٠٠ جنيه وسكر وشاي بمبلغ ٢٧٥٠ جنيه، وصابون ومعجون بمبلغ ٣١٥٠ جنيه.

التضخم:

ولمعرفة معدل التضخم السنوي لشهر نوفمبرالماضي فقد بلغ 254.34% مقارنة بشهر اكتوبر2020 الذى بلغ 229.85 % بارتفاع قدره 24.49 نقطة.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء في مذكرته الشهرية إن صعود معدل التضخم يعود لارتفاع مجموعة الاغذية والمشروبات الذي سجل 203.13% لشهر نوفمبر مقارنة بـ 194.53% لشهر أكتوبر المنصرم. وسجل معدل التضخم للسلع المستوردة استقرارا نسبيا حيث بلغ 181.70% لشهر نوفمبر مقارنة بمعدل 181.87% لشهر اكتوبر.

الزراعة والانتاج:

وفي مناطق الانتاج بولاية الجزيرة حذر المزارعيين من فشل العروة الشتوية بسبب ارتفاع مدخلات الانتاج بشكل كبير حيث بلغت قيمة جوال السماد الداب 10 الف جنيه والسماد اليوريا 6200 جنيه بحسب المزارع الطيب امام بتفتيش المعيلق بالقسم الشمالي، وأدى ارتفاع الاسعار الى تناقص المساحات المزروعة بمحصول القمح بمشروع الجزيرة والمناقل وبحسب الخطة التأشيرية المقترحة بالمشروع لزراعتها بمحصول القمح 245.948 فداناً بأقسام المناقل وبلغت المساحات المزروعة منها 171.489 فدانا، وما تم ريه فعليا 91.222 فدانا، أما المساحات المقترح زراعتها بمحصول القمح في أقسام الجزيرة نحو 203.400 فدان والمزروع منها نحو 128.902 فدان والمروية منها 72.905 أفدنة.
ويذكر أن الخطة التأشيرية المستهدفة للدولة زراعة 650 ألف فدان بمشروع الجزيرة وما تمت زراعته حتى آخر الأسبوع الأول من ديسمبر الحالي أكثر من 290 ألف فدان مع استمرار حصر المساحات المزروعة.
وفي اتجاه ذي صلة تفاقمت مشاكل الري بمشروع الرهد الزراعي وأقر المهندس عبد العظيم عبد الغني مدير عام مشروع الرهد الزراعي في تصريح لوكالة السودان للانباء بعجز المشروع زراعة وري 30 ألف فدان مقترحة للعروة الشتوية حيث تم إنجاز مساحة ألفي فدان فقط وري 500 فدان منها مجدداً معاناتهم من مشاكل كبرى في العروة الشتوية ودعا لتحويل المشروع للزراعة الصيفية وأرجع مدير مشروع الرهد تراجع المساحات المزروعة في العروة الشتوية لعدم توفر مياه الري بصورة كافية فضلاً عن أخطاء في الكهرباء ومشاكل في الطلمبات والقنوات ونظام الري بأكمله لافتاً إلى أن المشروع في حاجة لإسناد شركاء الإنتاج في ظل عجزه التام عن مواجهة التحديات الكبيرة التي يعانيها .. وراهن على أن قدرة الري لن تتجاوز مساحة (170) ألف فدان من جملة مساحته الكلية البالغة 300 ألف فدان.

تمكين النظام البائد:

وكان الاستاذ الجامعي الدكتور عطا البطحاني قد قال في الدورة التدريبية التي نظمتها مؤسسة طمسون فاونديشن بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني لعدد من الصحفيين بمقر (سونا) مطلع العام الحالي، إن المرحلة الأولى من عمر النظام البائد 1992-1999م شهدت إفراغ جهاز الدولة من الكوادر الصالح العام، وبلغ ما أمكن حصره حتى نهاية عام 1999 122.375 من العمال والمواطنين والمهنيين والدبلوماسيين والمعلمين، بالإضافة إلى 4369 من ضباط القوات المسلحة و 14.271 من الصف والجنود، وذكر البطحاني، أن النظام البائد بعد إحكام قبضته على النظام المصرفي والسوق شرع في تصفية القطاع العام، حيث تم تكوين لجنة للتصرف في المؤسسات بالبيع أو الإيجار أو الشراكة، ووصف اقتصاد النظام المخلوع بأنه اقتصاد حرب، وذكر أن الميزانية ظلت طوال السنوات الماضية (ميزانية حرب).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *