جنوب كردفان.. تواثق على التعايش السلمي وتبادل المنافع
تقرير: محمد إبراهيم
تقدم زعماء الإدارات الأهلية في جنوب كردفان بخطوات ثابتة في سبيل إفشاء السلام وتعزيز التعايش السلمي الاجتماعي. هذا الواقع فرضه المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة والحركة الشعبية معاً، خاصة في جبال النوبة الشرقية (كالوقي، وأبو جبيهة)؛ فالمواطنون سبقوا الجهود السياسية الرسمية من إرساء دعائم السلام والتعايش الاجتماعي، وتوصلوا لصيغة مشتركة من أجل صون وحماية التعايش السلمي الاجتماعي باعتبار أنهم الأكثر تضرراً من الحروب.
وبعد سقوط النظام بقيادة الرئيس المخلوع عمر البشير تدافعت الإدارات الأهلية والمواطنون من الجانبين للتنسيق المشترك، وتوصلوا لإبرام العديد من الاتفاقيات منها (إيقاف الاعتداءات بين الجانبين نتيجة سقوط الحكومة التي كانت تؤجج الصراعات، والتعاون المشترك لإيقاف سرقات الماشية، بجانب فتح الأسواق المشتركة والسماح لعبور المواطنين لأغراض التسوق والعلاج في مناطق سيطرة الحركة الشعبية).
لجنة التعايش
وتم تشكيل لجنة عليا للتعايش السلمي بتمثيل زعماء الإدارات الأهلية من الجانبين، وتم وضع ميثاق تعاون وتعايش اتفق عليه الجميع للحفاظ على حسن الجوار وإرجاع الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب.
والتقت (مدنية نيوز) بعضو اللجنة العليا للتعايش السلمي وعمدة الكواهلة يحيى الشيخ السيد، في محلية قدير المتاخمة لمقاطعة (كاودا) و(رشاد) حسب الترتيب الإداري للحركة الشعبية.
وأكد العمدة يحيى لـ(مدنية نيوز) أمس، العلاقات التاريخية الطيبة التي ظلت تجمع بين جميع المكونات الاجتماعية سواء التي تقع في مناطق سيطرة الحركة الشعبية أو سيطرة الحكومة، وقال إن (أخته بنت عمه) متزوجة في مناطق سيطرة الحركة ولم ينقطع التواصل بينهم إلا بسبب الحرب، وأضاف: (تاريخياً ظلت المكونات الاجتماعية في حالة تعاون مشترك في جميع الأصعدة).
وذكر العمدة يحيى، أنه بعد سقوط النظام تقدمت الإدارات الأهلية في مناطق سيطرة الحكومة (كالوقي وأبوجبيهة) للتواصل مع زعماء الإدارات الأهلية في مناطق سيطرة الحركة وبمباركة السلطات السياسية وتم تنظيم لقاء ضخم بعد شهور من سقوط الحكومة في مناطق سيطرة الحركة، واعتبر أن اللقاء الذي تم أعاد الثقة وبدّد غشاوة سنوات الحرب اللعينة (على حد وصفه).
القرى الحدودية
وأوضح العمدة يحيى، أن اندلاع الحرب تسبب في هجران أكثر من (9) قرى تتبع لإدارته نزح مواطنوها لمدن كالوقي وأبوجبيهة وهي قرى (أم عدارة، أم لوبيا، حجير الدوم لوقان، مهيلا، القردود الأحمر،إريو، توسي، شك رابح، قردود تورو)، وأشار إلى أن لهذه القرى أراضيَ زراعية خصبة تتجاوز إنتاجية الفدان فيها (20) جوالاً، وأن تلك الأراضي كانت مهجورة بسبب الحرب، وكشف عن عودة كثيرٍ من المزارعين لمناطقهم منذ العام الماضي وبدأوا في الإنتاج، وذلك بعد الاتفاق الذي عقده العمدة يحيى مع (مك) عموم (تيرا) إسماعيل طبق، الذي لديه سكان نزحوا من قرى بسبب الحرب وهي (الفرش، اللُوبي، كرندل، تمبيرا، قوز كمبوروا، التاجورا، كلكدة، والكوك).
تبادل المنافع
وأكد العمدة يحيى، جدية الطرفين في الحفاظ على التعايش السلمي الاجتماعي والتوافق على أن الحرب هي الشر المطلق ولا يمكن أن يسمحوا بتجددها، وأن السلام هو الخيار الأمثل، وأبان أنه للحفاظ على التعايش السلمي تم توقيع اتفاق لحسن الجوار ونبذ العنف، وتشجيع المواطنين للعودة لقراهم وزراعة حقولهم باعتبار أن الزراعة هي المدخل الأول للاستقرار وتعزيز التعايش السلمي.
وقال العمدة: (الآن كثيرٌ من المواطنين يذهبون لتلقي العلاج في مستشفيات المناطق التي تتبع للحركة الشعبية كمستشفى (كنجو)، وهناك الخدمات العلاجية متقدمة ومتطورة أكثر من الموجودة في مناطق سيطرة الحكومة، وهي أقرب مسافة، وتتم هذه الإجراءات بشكل طبيعي كخطاب مني لمك عموم تيرا إسماعيل طبق).
وتابع: (منطقتنا تتوسط مناطق سيطرة الحركة الشعبية، وسمحنا للمواطنين من الجهتين بالعبور عبر مدننا والدخول في الأسواق وإقامة أسواق مشتركة، ولدينا أبقار تمت سرقتها وعبر تعاوننا المشترك استطعنا أن نستردها، وهم أيضاً تم سرقت أبقارهم واستطعنا أن نرجعها لهم، إضافة لتعاوننا في إقامة أسواق مشتركة أسبوعية تقام في مناطق معروفة).