منسقة مبادرة (وعي) نهلة البدري: نعمل لإعداد المجتمعات للمشاركة في الفترة الانتقالية
حوار: هويدا من الله
رغم الجهود الكبيرة والنضال المستمر على مر التاريخ السوداني، إلا أن وجود النساء السودانيات في مراكز صنع القرار لم يكن بحجم نضالاتهن، وفي ظل النظام المخلوع استمرت حالة التغييب للمرأة السودانية عن الوجود الفاعل في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، وذلك لسياسات الدولة ما قبل ثورة ديسمبر المجيدة، في محاولة لقصر دور المرأة ما بين المنزل والأعمال الهامشية.
وكان حراك ثورة ديسمبر خير دليل على الوجود الكثيف والتفاعل غير المنظور من النساء السودانيات (الكنداكات)، وبرز الدور الحقيقي لهن حيث ضربن أروع الأمثال في الحراك الثوري حتى تم إسقاط نظام الثلاثين من يونيو، ولم تكتف النساء بدورهن في الفعاليات الثورية، فانتظمن بعد سقوط النظام في أشكال مختلفة من العمل مثل تكثيف عمل منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسوية وغيرها.
هذه المساحة الحوارية للحديث عن واحدة من المبادرات النسوية التي تكونت في ولاية النيل الأزرق عقب ثورة ديسمبر المجيدة، وهي (المبادرة النسوية للتوعية) المعروفة اختصاراً بـ (وعي)، وحاورت (مدنية نيوز) منسقة المبادرة نهلة البدري محمد، حول الأهداف والمشروعات والعوائق، فإلى مجريات الحوار:
متى بدأت فكرة تأسيس مبادرتكن النسوية؟
في يوليو من العام 2017م كان أول اجتماع للحديث عن ضرورة قيام مبادرة نسوية تعنى برفع الوعي الحقوقي لدى النساء، ولسياسة الدولة في ذلك الوقت ظلت فكرة ومن ثم أعيد التفكير في يوليو 2019م وبدأت الفكرة بصورهة بسيطة وهي عمل توعوي للنساء والفتيات في الأحياء واللمات الصغيرة عن القضايا الحياتية، وعن أهمية المشاركة في القضايا الاجتماعية، وتم تسجيل الجسم في نوفمبر 2019م بصورة رسمية في وزارة الرعاية الاجتماعية باسم (المبادرة النسوية للتوعية “وعي”).
ما هي رؤية (وعي) وأهدافها الأساسية؟
رؤيتنا هي مشاركة نسوية فاعلة في بناء مجتمع واعٍ تتكافأ فيه الفرص والأدوار، ولدينا (3) أهداف أسياسية هي: (تعزيز مشاركة النساء السياسية والاجتماعية، إدماج النوع الاجتماعي في المؤسسات الحكومية والخاصة، والمساهمة في قضايا السلام وتخفيف العنف المبني على النوع).
هل لدى (وعي) مشاركات محلية، قومية، ودولية في التغيير الحالي وقضايا السلام، وما هي إن وجدت؟
نعم لدينا مشاركات، وعلى المستوى المحلي شاركنا في العديد من المناشط مثل اليوم العالمي للشباب في 2019 – 2020م، أكتوبر الوردي 2019 -2020م، اليوم العالمي للمرأة، وقومياً شاركنا في ورشة في العاصمة الخرطوم كان الغرض منها تحديد آلية لاختيار ممثلات من الولايات للمشاركة في مفاوضات اتفاقية السلام بجوبا، ودولياً شاركنا في مؤتمر في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لمناقشة قرار مجلس الأمن (1325) حول المرأة والسلام والأمن، وتمت دعوتنا للمشاركة في أول مؤتمر أقيم في عاصمة جمهورية جنوب السودان جوبا تحدث عن قضايا المشاركة النسوية في الفترة الانتقالية، ولكن لظروف طارئة لم نتمكن من المشاركة فقمنا بإرسال ورقة طرحنا فيها رؤيتنا.
ما هي الأنشطة التي نفذتها (وعي) منذ التأسيس و حتى الوقت الراهن؟
نفذت وعي العديد من الأنشطة بشراكات مختلفة، وأول نشاط كان عبارة عن منتدى بشراكة مع قطاع إذاعة ولاية النيل الأزرق بعنوان (فشل التجربة السودانية في إدارة التنوع).
ونفذنا منتدى لمدة (3) أيام بعنوان (المشكلات التي تعيق مسألة المشاركة)، بشراكة مع المجموعات النسوية والسياسية والمدنية (منسم) بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وشاركت في المنتدى ممثلات من محليات الولاية (الدمازين، الرصيرص، ود الماحي، التضامن، الكرمك وقيسان) بعدد (100) امرأة، وناقشنا خلال المنتدى القضايا العاجلة والملحة على رأسها قضية السلام، وهذا المنتدى نعتبره الانطلاقة الحقيقية لـ (وعي) فمن خلاله توسعت دائرة التعريف بالمبادرة على المستويين المحلي والقومي.
وكذلك أقمنا منتدى بالشراكة مع مبادرة (سودانا نادانا) للنقاش عن وضع النساء في قضايا الحرب، وأيضاً قامت (وعي) بعمل ورشة للتبشير والتعريف بمفوضية الشباب والتي سوف تتأسس في كل ولايات السودان عقب التعريف بميئة الله.
ومن أضخم المشاريع التي لاتزال قيد التنفيذ مشروع (دعم المبادرات القاعدية)، بدعم من منظمة (سيفر ورلد) (safer world) وهو عبارة عن البحث عن مبادرات وجمعيات صغيرة في المناطق القاعدية وتقديم منح صغيرة لتعزيز عمل تلك المجموعات لدعم عملية الحرية والسلام والعدالة والوحدة.
وبالإضافة لذلك نفذنا مشروع تخفيف الآثار الاقتصادية على النساء في ظل وباء (كورونا) بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبالشراكة مع وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية، المشروع عبارة عن دعم اقتصادي للنساء العاملات في القطاع غير المنظم والمتأثرات بإجراءات مكافحة الوباء، وإنشاء قاعدة بيانات لتقوية نظام الإنذار المبكر والاستجابة للوحدة، انتهى المشروع ولكن نسعى لشراكة جديدة في ظل الموجة الثانية للوباء.
ومن المهم الإشارة إلى أن (وعي) حالياً في مرحلة الإعداد لورشة بالشراكة مع منظمة (freedom house) لمناقشة كيفية إعداد المجتمعات للمشاركة في الفترة الانتقالية لمرحلة ما بعد السلام، وكثير من الأنشطة في الوقت الراهن هي قيد التحضير وستنفذ في القريب العاجل بمشيئة الله.
هل اختلفت أهداف (وعي) بعد الأنشطة الكثيرة التي قمتم بتفيذها أو احتاجت لبعض التعديلات؟
بعض الشيء، احتاجت الأهداف إلى التطوير لتتواءم مع الدور الكبير الذي ينتظره المجتمع من (وعي)، لذلك أضفنا بجانب رفع الوعي هدفاً آخر هو بناء القدرات، خاصة أننا وجدنا نساء في مؤسسات حكومية وخاصة ولكن غير فاعلات، فهذا يضع على عاتقنا سد الفجوة في بناء قدرات نساء الأحزاب السياسية وشاغلات الدرجات الوظيفة المتقدمة.
أيضاً هناك مسألة التشبيك، النيل الأزرق بها العديد من المجموعات والمبادرات النسوية، لكن ينقصها التشبيك فيما بينها لتوحيد الجهود.
ما المختلف في (وعي) عن المجموعات النسوية آنفة الذكر؟
أعتقد أن مسألة تحديد الرؤية وتوحيد الجهود هو ما ينقص تلك المجموعات، وهو ما يميز (وعي)، ففي وجود جسم عريض يسمى (شبكة نساء النيل الأزرق) التي تضم ما يقارب (15) جسماً نسوياً تسعي (وعي) في خطتها في 2021 للعمل مع هذه الشبكة للوصول إلى أكبر عدد من المجموعات القاعدية، ولكي تستفيد الشبكة من شراكات (وعي) العريضة أيضاً، وهذا التشبيك سوف ييسر لـ (وعي) الوصول إلى المجموعات القاعدية ويعزز من روح العمل الجماعي داخل الشبكة.
ما هي خطة (وعي) في ظل اتفاقية السلام؟
إذا قارنا بين اتفاقية نيفاشا 2005م واتفاقية سلام السودان الموقعة في جوبا نجد أن الفجوة الرئيسية كانت في اتفاقية نيفاشا في غياب الدور المجتمعي والتعامل مع الاتفاقية كملف شركاء بعيداً عن الشعب، ولكن في اتفاقية سلام جوبا حدث تغيير كبير جداً، وهو توعية القواعد وتجهيزهم للاتفاقية فيظل دور (وعي) هو تحريك المجتمعات تجاه مشاركة نسوية فاعلة، لذلك أقامت منتدى بالشراكة مع مركز دراسات السلام بعنوان(تحليل الوثيقة الدستورية واتفاقية السلام من الناحية الجندرية)، وكان الغرض من التحليل إبراز مكاسب الاتفاقية للنساء خاصة في السياسات والقوانين التي تم تعديلها لصالحهن، ليأتي دور (وعي) في عمل مجموعات ضغط لمراقبة تنفيذ تلك التعديلات على أرض الواقع ولضمان وجود النساء في كل اللجان، خاصة المعنية بالعائدين ومفوضيات العدالة الانتقالية والأراضي وغيرها، لأن هناك الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة لن تظهر ما لم تكن المرأة جزءاً من تلك المفوضيات واللجان.
ما المتاريس التي تعوق عمل منظمات المجتمع المدني بصورة عامة و(وعي) بصورة خاصة في استكمال ما تهدف إليه؟
هناك مشكلة فصام ما بين منظمات المجتمع المدني والمكونات السياسية، وما لم تتوحد الرؤى بين المكونين لن يحدث التطور المطلوب، لذلك تسعى (وعي) في خطتها لاستهداف وتجهيز الأحزاب السياسية (رجالاً ونساء)، ممن يتوقع أن يكونوا من القيادات السياسية في المرحلة القادمة، لأن رؤية منظمات المجتمع المدني ليست أشمل من السياسيين ولكنها أعمق لبعدها عن الانتماءات الحزبية والأيديولوجية، لذلك لابد للقيادي أن يستصحب معه الرؤية المجتمعية.
أيضاً (وعي) مبادرة نسوية تتحمل عبء التوعية بمساعدة متطوعات فقط بمنح صغيرة جداً، وتسعى لعمل مكاتب فرعية في ولايات السودان المختلفة لتوسيع دائرة رفع الوعي الحقوقي.
رسالة أخيرة للنساء السودانيات، ماذا تقولي لهن؟
لابد للنساء سواء في الأحياء أو المؤسسات الحكومية أن يكون لديهن هدف، وعدم النظر للمشاركة بأنها مشاركة سياسية فقط، بل هي مشاركة مجتمعية تتمثل في توزيع الأدوار لأن كل المسؤوليات المجتمعية تقع على عاتق المرأة والخروج من القوقعة لا يحتاج إلى تمويل، بل الإيمان بضرورة التغيير والعمل على إحداثه.