تشكيل المجلس التشريعي.. تعقيدات الصراع بين إسقاط النظام وتصحيح المسار
الخرطوم: عازة أبو عوف
يواجه تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، عدداً من التحديات التي تتعلق بطريقة تكوينه خاصة بعد انقسامات قوى الحرية والتغيير وخروج وتجميد أحزاب لعضويتها فيها، بجانب اتهامات لأحزاب بعينها بالسيطرة على المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وتخوفات من استمرار المحاصصات، وجانب آخر يتعلق بأن هناك قوى ثورة رفعت شعار إسقاط النظام وهذا يعني حسب تعبيرها أن المجلس المقبل لا يمثلها.
وكان القيادي بحزب الأمة القومي إبراهيم الأمين، قد حذر في حوار مع (مدنية نيوز) من تعيين المجلس وفق انتماءات محددة تتحكم فيها الأصوات العالية داخل مؤسسات الدولة، وشدد على ضرورة تكوين المجلس التشريعي بالصورة التي يكون فيها المجلس ممثلاً حقيقياً لقوى الثورة وتطلعات الشعب السوداني.
تحذير من إعادة الأزمة
ولفت الأمين، إلى أن أية محاولة في فترة ضيقة لتكوين المجلس وتعيين أشخاص بانتماءاتهم الحزبية ولصوتهم العالي داخل مؤسسات الدولة، تعني إعادة الأزمة إلى المربع الأول (لأن المجلس التشريعي مرآة ويجب أن يكون حقيقياً ولا يعمل من أجل من هم في السلطة، ولكن يعمل من أجل الوطن ومصلحته لأن الأجهزة العدلية الآن معطوبة).
انقسام لجان المقاومة
وفي المقابل انقسمت لجان المقاومة نفسها حول تشكيل المجلس في الوقت الراهن، حيث رأت جزء من اللجان أن المجلس سيحقق المطالب المرحلية ويمكّن من إنجاح الفترة الانتقالية، فيما يعتبر الجزء الآخر أن الحكومة نفسها لا تعبر عن الثورة ويطالب بإسقاطها.
وأشار عضو تنسيقية منطقة الفتيحاب بأمدرمان عبد الرحمن إبراهيم، في إفادة لـ (مدنية نيوز) أمس، إلى أن الاتجاه الحكومي تجاه الشباب وقضاياهم مفقود، ولفت إلى أن مبادرة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، الأخيرة التي طالب فيها بضرورة تشكيل المجلس التشريعي في فترة أقصاها شهر، لفت إلى أنها فوقية لذلك تباينت الآراء داخل لجان المقاومة نفسها بين من يرون أن الحكومة الحالية لا تعبر عن مطالب الثورة ويجب إسقاطها، ومن يرون في تشكيل المجلس التشريعي تمسكاً بالأسس الديمقراطية لمراقبة أداء الحكومة والتمسك بمبادئ الثورة.
وحول استشارة قوى الحرية والتغيير للجان المقاومة حول تمثيل الشباب في المجلس التشريعي، شدد عضو تنسيقية منطقة الفتيحاب بأمدرمان، على عدم وجود أية اتصالات حول الأمر.
التزام بنسبة النساء
وبموازاة رؤى الشباب برزت في الوقت ذاته تخوفات نسائية من الإقصاء من تشكيلة المجلس التشريعي كما حدث في التشكيل الحكومي السابق. وقالت عضو المجموعات النسوية السياسية والمدنية (منسم) سوسن الشوية، لـ (مدنية نيوز): “هناك تخوفات من عدم التزام الأحزاب بما جاء في الوثيقة الدستورية التي نصت على أن تكون مشاركة النساء بنسبة (40%)”، ونبهت إلى عدم وجود نظام (الكوتة) للنساء، وأضافت: (إنما تم تركه للكتل والأحزاب، وهذا يتطلب ضرورة أن تدفع الكتل والمكونات والحركات المسلحة بالنساء للمجلس التشريعي).
وتابعت أن تمثيل النساء مرتبط بالتزام تلك المكونات، وأكدت تمسك الأجسام النسوية بالمشاركة السياسية، وأوضحت أن (منسم) هدفها الرئيس التنسيق بين الأجسام النسوية فيما يخص المشاركة السياسية للنساء، ونوهت إلى أن تجربة (منسم) على الرغم من وجود (٦٣) جسماً بها حتى الوقت الراهن، إلا أنها تعرضت لإشكالات أدت إلى خروج مجموعات منها.
اتجاهات لتشكيل المجلس
وعلى الرغم من إصدار عدد من الجهات لرأيها فيما يخص تشكيل قوى الحرية والتغيير للمجلس التشريعي باعتبار أن كثيراً من قوى الثورة أصبحت خارج الحاضنة السياسية للحكومة كما ورد في بيان لحزب البعث السوداني، إلا أن قوى الحرية والتغيير تسعى جاهدة لتكوين المجلس التشريعي.
وكشف القيادي بقوى الحرية والتغيير، الناطق الرسمي باسم التجمع الاتحادي جعفر حسن لـ (مدنية نيوز)، اليوم، أن الترتيب لتشكيل المجلس التشريعي قطع شوطاً كبيراً، وكشف عن أسباب التأخير في إعلانه، وقال إن قضية تمثيل النساء أبرز هذه التعقيدات، ولفت إلى عدم دفع عدد من الولايات بالنساء للمجلس التشريعي، بجانب عدم رفع بعض الولايات لممثليهم في المجلس رغم مخاطبتها بضرورة تحديد ممثليهم قبل (٦) أشهر.
وأوضح جعفر، أن (٧٥) مقعداً من المجلس مخصصة للجبهة الثورية، فيما ستختار قوى الحرية والتغيير (١٦٥) مقعداً منها (١٠٧) مقاعد للولايات و(٥٨) لكتل الحرية والتغيير، وذكر أن هناك (٦٠) مقعداً سيتم تعيين شاغليها بين العسكريين والحرية والتغيير.
ونبه جعفر، إلى أن الحاضنة السياسية خصصت (٣١) من مقاعدها للجان المقاومة في الولايات وأخطرت الولايات بذلك، وأردف أن المقاعد المخصصة للجان المقاومة بولاية الخرطوم فقط بلغت (١٨) مقعداً، بجانب (3) مقاعد للخبراء والمختصين ليكونوا في اللجان، وأضاف أن قوى الحرية والتغيير حريصة على أن يكون تمثيل النساء بنسبة (٤٠%) كحد أدنى، وتابع: (إذا لم تتم هذه النسبة لن يتم تشكيل المجلس التشريعي).