ضع دائرة حول ..
| في ما يتعلق |
بقلم: مشاعر عبد الكريم
حاولت بكل طاقتي الإيجابية أن أجد مبرر منطقي لرد فعل رئاسة الوزراء في ما يخص قضية (مبارك أردول) فما نفعت طاقتي ولا ايجابيتي.. ظننتُ لوهلة أنني قد أكون متأملة عليه. خاصةً أنه حاول التباهي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولأكثر من مرة بطريقة لا ترقى لمنصبه كمدير عام للشركة السودانية للموارد المعدنية. و آخرها إدعائه عدم معرفته بالإسم الصحيح للزميل (سهير عبد الرحيم) بشكل وضعه في حرج وليس كما ودّ الذهاب إليه بوضعها هي في حرج.
خرج البيان بأسلوب دفاعي منح السيد (مبارك أردول) ثلثي فقراته لتبيان موقفه الذي استند إلى مواقف مماثلة جاء فيها (درء آثار السيول و الأمطار و دعم الجيش) و يالها من مهمة نبيلة لشركة يفترض أن تقوم بمهام أكبر بكثير من (جمع التبرعات) التي بالضرورة ستضرب نزاهتها و مهنيتها حينما يختص الأمر بتنفيذ القوانين للذين تم جمع التبرع منهم. فكيف يمكن أن يستقيم ظل البناء و عود البناءون أعوج؟
أعجب من الإسلوب هو قوة العين التي تبيح لكل شخص مخطئ أن يتناول طعامه دون تغيير في المذاق. أتعجب أن يكون هؤلاء هم ممن قادوا نضال سنوات ضد دولة الظلم والفساد. حالة السيد (أردول) واضحة المعالم منذ أول قراءة، لكن لأن السياسة هي(اللعبة القذرة) يمكنك عزيزي القارئ أن تجد بين سطور البيان الرسمي الأعذار الشاهقة البنيان للسيد (أردول) و كل من تضعه الظروف في وضع مشابه. / هو في أكتر من جمع التبرعات في البلد دي؟ / و خذ كمثال ( و أتفق الاجتماع على أن هذا الإسلوب لا يستقيم مع نظم الحوكمة المطلوبة. وأن التعامل مع التزامات المسئولية المجتمعية بهذه الطريقة غير صحيح) * فقرة من البيان.
الاستبيان الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي في قضايا الرأي العام، يمكن العمل به دون مراجعة فهو يمثل عينة من المجتمع مختلفة الفئات العمرية و الدرجات العلمية و المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و يمنحك دون ضغط قراءة صحيحة لاتجاهات الرأي في تلك القضية. وفي قضية السيد (أردول) كان إتجاه الرأي العام إنها قضية فساد. كشفتها الصحافة بغض النظر عمّا يهمس به إن الأمر مقصود..فالأمر حقيقي و قد حدث مما لا يدع مجالاً للشك. لكن كيفية إدارة تلك القضية،هي التي جعلت من الاستبيان حملة موجهة ضد شبهة فساد الشركة السودانية للموارد المعدنية متمثلة في المدير.. حيث يصبح السؤال وباعتراف السيد المدير العام للشركة إنها ليست المرة الأولى التي يتم جمع تبرعات فيها بتلك الطريقة، إذن ما مدى شفافية التعامل مع تلك الأموال مع العلم إنها شركة حكومية و من المفترض أن تدار كافة الأموال الواردة للشركة، بإشراف من وزارة المالية. و كذلك المنصرفات بالضرورة.
بضبط الوارد يمكن ضبط الشارد من المال العام. وهي الدائرة التي يجب أن تضع حولها الحكومة الانتقالية كافة الخطوط الحمراء. و يمكن بها كذلك ضبط الصرف والإنفاق الحكومي غير الضروري والمضر لبلد لم ينهض حتى الآن. دعك من المشي عبر النفق،للوصول لنقطة الضوء المنشودة. بضبط الوارد للشركات والمؤسسات الحكومية يمكن أن (نبنيهو) بالشكل الصحيح وليس بالأحداث المفرثعة التي تمنح الشعب الإلهاء أو بالاحاديث الناعمة التي لا تصيبنا بالخدر اللذيذ إنما بالملل من المتحدث والحديث.
الحديث حول فساد الفترة الانتقالية محدود ولن نقع في فخ الاستشهاد بالعهد السابق و مدى فسادهم الذي فاق سوء الظن العريض.. لكنه كحديث ضروري كقول و كسماع كي نستطيع أن نغيّر من إرث فساد طال الخدمة المدنية منذ بداية عهد الدولة في السودان..كي نتمكن من النظر في عيون أسر من قدموا أرواحهم فداءاً لبناء دولة المدنية والعدالة والديموقراطية.
الدائرة غير حادة الزوايا وهذه حيلتها الهندسية المفخخة..إذ يمكنها أن تضيق أو يتسع قطرها، الذكاء أن تتمكن من تضييقها لتصير نقطة يمكن السيطرة عليها.