(موت طالب.. موت أمة) * أما آن الأوان أن نوقف أنهار الدم؟
| في ما يتعلق |
بقلم: مشاعر عبد الكريم
الدمار الذي حاق بدارفور قد يستغرق وقتاً طويلاً كي نمسح عن الجباه الناجية ذكراه و قطرات عرق خوفه. فهو لم يقتصر على المباني فقط بل على المعاني الإنسانية الأساسية التي كانت من أهم ركائز قيام دارفور.
من ذا الذي يمكنه في أقصى شططه أن ينكر قوة إنسان دارفور في مد العون لأغلب دول الجوار. حتى صاروا ضمن خيوط نسيجها الاجتماعي القوية.؟ من ذا الذي يمكنه نسيان دور دارفور التاريخي و الديني المعروف منذ قديم الزمان؟ لا أظن أن هنالك من النكران و النسيان لكن هنالك من يستطيع سحق الإنسان الجميل بدفعه دفعاً نحو التخلي عن كل ذلك مقابل نار الإنتقام.
الإنتقال إلى العدالة والتنمية مهمة مستحيلة في ظل سيادة قانون( القوي ياكل الضعيف) الذي نراه في ممارسات (قوات) الكفاح المسلح التي انتظمت في المدن المختلفة في السودان عقب توقيع اتفاقية السلام، أو اتفاقيات السلام، المؤسف في الأمر ليس استخدامهم المفرط للقوة و السلاح في مناطق مأهولة بالسُكان المدنيين. المؤسف حقاً إنه لا تتم محاسبتهم في ذلك لا بشكل رسمي أو شعبي. فقد تم إرسال رسائل مبطنة إن القوة والسلطة بالانتماء لكل ما هو (نظامي) و حينها يمكن صناعة أي شيء تحت الحماية. لهذا صار أغلب الشعب في سعي للانضمام لأي تلك الحركات أو القوات لضمان الحماية.
الحكاية في جامعة زالنجي بسيطة جداً طُلاب تظاهروا ضد الوالي.. لكن لأن من يملك القوة لا يملك العقل في متوالية طبيعية غريبة، فقد تم قتل طالب و إصابة آخرين و بعض السكان. هذا غير الترويع الذي انتشر في كل المنطقة فقد أعاد للأذهان تلك الحقبة التي سعى الغالبية لانهائها بمختلف الآراء و التحولات.( كفاح مسلح أو حكومة)الحقبة التي كان فيها الجيش السوداني يقوم بقصف المدنيين لدحر المسلحين غير الموجودين في المدن حينها!
حينما ترى دبابة عل الشاشة سيتبادر لذهنك إنها متمركزة لقتال جهة تستخدم ذات القوة.. وليس طلاب عُزّل لا يملكون سوى قوة الصوت و العلم. و الإيمان بأن المدنية تتمثل في علو صوت المطالبة لا البطش. لكن السيد الوالي لا يؤمن سوى به فقط و ببقائه في أعلى سُلطة في زالنجي و (الماعاجبو يشرب من الحفير ) فالمياه هنالك تحدي و كذا الحياة.
الحياء كلمة لا يعرفها السياسيون. لذلك يقومون بفعل كافة الأفعال دون حياء، أو ضمير. تراهم ينافقون و يداهنون و يوزعون الابتسامات أمام الكاميرات و حال انطفاء نورها، يظهر وجههم الحقيقي المقيت الذي يستطيع أن يرى دم طالب غض في أول أيام عمره مسفوح على طول الطريق.. ما دام ذلك الطريق لن يؤدي إلى إقالته.. وما دام ذلك الطالب ليس من المقربين إليه.
الإلهاء الذي تمارسه أغلب وسائل الإعلام المحلية بنشر قصص (النجوم) الشخصية و التي لا ناقة لنا فيها ولا طاقة لمجاراة البذخ الذي يغرقون فيه. هو منهج مستمر منذ النظام السابق لشغل الناس عن مشاهدة حقيقة ما يعيشونه في هذه البلد.. فحناجرنا التي هتفت طوال سنوات ثورات دولة السودان بأن (مقتل طالب مقتل أمة) صارت الآن تغني(تلعب معاي أنا يا حلو)؟