السبت, يوليو 27, 2024
مقالات

الحكومة الانتقالية.. أزمات خانقة وإرادة للعبور (17)

بقلم: حسين سعد

تناقش هذه الحلقة مقترحات، وتوصيات الخبراء لاصلاح الاقتصادي الذي خضع لتشريح دقيق لعلله، وأمراضه وندفع في هذه الحلقة،وبالارقام استيراد الغذاء للفترة من العام 1972م الي العام 2010م مع أجري مقارنة بسيطة لحجم التكلفة المالية ،ويقول الدكتورالتجاني عبد الله بدر المستشار الاقتصادي وخبير السياسات الاقتصادية ،والاستراتيجية في كتابه(المخرج الاستراتيجي للاقتصاد السوداني) من نمازج الخلل في الاقتصاد السوداني في العام 1972م كان يتمثل في استيراد السودان من الغذاء يساوي مبلغ(72) مليون دولار وكان هذا المبلغ هو القيمة الكلية لاستيراد الغذاء بحسب تقارير بنك السودان وفي العام 2002م وبدلا من ان يختفي هذا الرقم وتمزق فاتورة الاستيراد حسب ماورد ي التصريحات الحكومية حينذاك ارتفعت فاتورة استيراد الغذاء الي (420) مليون دولار اي بواقع (6) اصناف ،وفي العام 2008م استورد غذاء بمبلغ مليار وثلاثمائة  ثلاثة وثلاثيين مليون دولار  بحسب احصائيات بنك السودان اي ما يساوي اكثر من (19) ضعفا مما كان يستورد في العام 1972م  وفي العام 2009م ارتفعت تكلفة الاستيراد  الي (22) ضعفا  اما الطفرة الكبري فكانت في العام 2010م اذ تم استيراد غذاء بمليارين وثلاثمائة خمسة وستين مليون دولار اي مايساوي (34) ضعفا لما تم استيراده في العام 1972م بينما بلغت اتورة استيراد القمح فقط للمطاحن الثلاثة سيجا ويتا وسين الحكومية في العام 2013م مامقداره واحد مليار وستمائة مليون دولار امريكي قبل انفصال الجنوب كانت الغابات تساوي اكثر من (30%) من مساحة السودان ولكن بعد ذلك اصبح شمال السودان به (10%) فقط من مساحات الغابات وهذا يعد وضعا مريعا يعني ان الغذاء الذي كان ياتي من الغابات قد انحسر وفي العام 2005م بلغت اعتمادات الميزانية (300) مليون دينار لتنمية المراعي الطبيعية التي تعتمد عليها اكثر من (141) مليون راس من الماشية وللمفارقة اعتمدت نفس الميزانية (300) مليون دينار للمدينة الرياضية  بالخرطوم كما اعتمدت (659) مليون دينار اي مايزيد عن ضعف ما وضع للمراعي الطبيعية لكهربة الفلل الرئاسية .

تدهور الاقتصاد

ومضي دكتور التجاني الي ان اهم عوام تدهور الاقتصاد تتمثل في عدم وجود رؤية كلية للسودان تحدد ما الذي نريده للسودان واين يكون موقعه وترتيبه  بجانب الانحراف الكبير والمعيب في استخدام المال العام وغياب الشفافية والمحاسبة وانعدام الارادة الحقيقة نحو احداث تنمية حقيقية متوازنة تقوم علي رؤية استراتيجية وارتفاع حجم المديونية وتراكم الديون الخارجية بصورة مذهلة من حوالي (13) مليار في العام 1989م لتصل الي حوالي (47) مليار دولار بنهاية العام 2014م اي ارتفعت باكثر من (33) مليار دولار في فترة خمس سنوات فقط  منها (9) مليار دولار قروض ليست ميسرة من الصين والهند.

مقترحات:

ولمعالجة سلبيات انعكاسات السياسة المالية اقترح الدكتور اتباع اساليب الحكم الرشيد وسيادة حكم القانون ،والتزام الشفافية في السياسات والخطط الحكومية ومحاربة الفساد في اجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة  واعمال المحاسبة في القطاع الحكومي ومؤسسات الدوله ويري الخبير الاقتصادي ان نقاط الضعف في الاقتصاد السوداني تتمثل في ارتفاع اسعار تكاليف عناصر الانتاج بصورة غير مسبوقة والضعف في تنوع القاعدة الاقتصادية رغم موارد السودان الزاخرة بالعطاء (مشروع الجزيرة) والعجز في الميزان اللتجاري وضعف القيمة المضافة والركود الاقتصادي نتيجة سيطرة الاقتصاد الطفيلي (السمسرة) علي مفاصل الاقتصاد وهجرة راس المال الوطني الذي هرب بعضه الي الخارج بفعل فاعل، وهرب الاخر نتيجة لعدم جاذبية الاستثمار والارتفاع الحاد في معدلات البطالة، والتي تجاوزت (60%) بين خريجي الجامعات وبين حملة حملة الماجستير، والدكتوراة وهجرة العقول والايادي العاملة الماهرة حيث هجر السودان خلال السنوات الخمس الماضية حوالي (268,171) من الاطباء والمهندسيين والمهنيين خلال العام 2013م اضافة الي حوالي (75,630) مهني ومتخصص منهم (1002) استاذ جامعي وحوالي (5280) طبيب حيث بلغت الهجرة مابين العام 2012م 2008م حوالي (654%)

الدولة المستوردة:

وفي كتابه الدولة المستوردة تغريب النظام السياسي يقول برتران بادي تفرض اتبعية بطبيعة الحال تبادل ارعاية والمحاباة تقوم الدولة ارعية بمنح الدولة الزبون اثروات اللازمة لبقائها وذلك وفقا لمنهج مماثل تماما لما نشهده علي المستوي الداخلي للمجتمعات وفي المقابل تقوم الدولة الزبون بتقديم مختلف الامتيازات سواء تلك المتعلقة بأستخدام اراضيها او بالسلطة ارمزية التي تمتلكها باعتبارها دولة علي المسرح الدولي ويتعلق ذلك بمنح قواعد عسكرية او مجرد تسهيلات لعبور اراضي الدولة  الزبون وكثيرا ما كانت الدول الكبري تطالب بأن تخص وحدها بهذه التسهيلات مثلما فعلت بريطانيا مع ايران عند انتهاء الحروب الافغانية في القرن التاسع عشر،وأيضا هناك مثال التوسع في ممارسة مايسمي (الدولة -صندوق القمامة) الذي يقود الزبون نحو مكافأة راعيه بتخصيص أرضه أو مجاله البحري لتخزين نفايات المجتمع الصناعي فنجد هذه المساومات في خليج غينيا والقرن الافريقي بصفة خاصة ويمكن للدولة الزبون ان تتنازل عن حقوقها كفاعل في الجماعة الدولية يمثل تصويت البلدان الفرنكفونية الافريقية الي جانب فرنسا ممارسة مألوفة داخل المؤسسات الدولية  وذلك مثل عدم موافقة هذه البلدان علي القرارات المقدمة الي الجمعية العامة للامم المتحدة في العام 1986-1987م لادانة السياسة الفرنسية في كاليدونيا الجديدة

الوصاية الاقتصادية:

لقد أدي فشل السياسات الاقتصادية الخاصة بالتعاون الثنائي في بداية الثمانيات الي تدعيم التحول نحو التعاون متعدد الاطراف وذلك بأسناد الوصاية الاقتصادية للدول المهيمنة الي البنك وصندوق النقد الوليين وقد تسبب تحويل الاختصاصات هذا في قيام المؤسسات الدولية في المقابل بفرض برامج الاصلاح الهيكلي مصبوغة بشدة بالتوجه النيو كلاسيكي وبذلك ومنذ ذلك الوقت فصاعدا تحولت التبعية من مساومة سياسية في جوهرها تتلاءم في طبيعتها كعلاقات  تتم بين الدول الي تفاعل من النمط الاقتصادي ومنذئذ خضعت المساعدات لشروط تتضمن قبول الدولة الخاضعة بناء وضعها الاقتصادي العام وفقا لرؤي ولخيارات البلدان  الغربية الاكثر تقدماً. (يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *