(الزلزال).. رسائل في بريد الجميع
| الركيزة |
بقلم: أيمن سنجراب
إنه الشعب حينما يقول كلمته، إنه الشعب عندما يخرج لحراسة ثورته، المجد للجماهير التي سجلت في ساحات النضال مطالبها بأحرف من دم ودموع، إخلاصا ووفاء لأرواح الشهداء ودماء الجرحى، وهي تطلق دعوات الشوق بعودة المفقودين سالمين آمنين، ولم يكن ٢١ أكتوبر ٢٠٢١م يوما عاديا في مسيرة الشعب السوداني فكانت الأفواج تهدر في الشوارع كالسيول في مليونية الزلزال في كل السودان، ضد عسكرة السلطة وحكم (البوت) أو التفاف قوى الهبوط الناعم (المستأنسة) لتبرم تسوية مع العسكريين وتدير ظهرها للمطالب الثورية.
لقد كانت مليونية الزلزال ملحمة في حد ذاتها جددت الجماهير فيها عهدها للثورة، وفي تلك الملحمة رسائل متعددة الاتجاهات الأولى للإسلامويين منسوبي النظام المخلوع بأنه لا طريق لعودتهم وأن الشعب المعلم أغلق كل (الدروب) وقد فضل ربط البطون و(بيتان القوى) على حكمكم وأيامكم بل سنينكم المشؤومة حيث رددت صدى الهتاف الفضاءات (الجوع الجوع ولا الكيزان)، ويخرج الهتاف من الحناجر الصادقة رغم الأزمات الخانقة المفتعلة في الخبز وارتفاع الأسعار وزيادات قيمة الدولار مقابل الجنيه حلما بالعودة ولكن هيهات!!.
والرسالة الأولى هي رسالة مزدوجة لمنسوبي النظام المخلوع إضافة للعسكريين الموجودين حاليا في السلطة عبر مجلس السيادة، ممن ينظر الشعب إليهم بأنهم يمثلون اللجنة الأمنية للنظام المخلوع ويعتبرهم امتدادا للنظام المقتلع بواسطة ثورة ديسمبر المجيدة، والرسالة هي أنه لا مجال مطلقا لأي انقلاب عسكري مهما كانت صورته ناعما كان أو بالتحالف مع مدنيين كما يحدث حاليا في اعتصام القصر الجمهوري للحصول على تفويض لتمرير (الطبخة)، أو انقلاب باستخدام القوة، ومن أراد أن يجرب فليستعد للمواجهة المفتوحة مع الجماهير ويتحمل عواقب جرائمه.
الرسالة الثانية هي أن الجماهير لم تخرج لدعم أي طرف من طرفي قوى الحرية والتغيير المتصارعين لأن حالة السخط عليهما كبيرة للغاية لاتهامهما بالتفريط في تحقيق الأهداف والانحناء للعسكر مما أغراهم على التمادي في اختطاف الثورة، وتلك الحالة جعلت العسكر في مرمى الجماهير الثورية خاصة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي أضحت المطالبة بتنحيه من أبرز ما نادت به مليونية الزلزال، كما أن الأمور تمضي في اتجاه الوحدة حول مطلب فض الشراكة مع العسكريين الحاليين من منسوبي المجلس العسكري واللجنة الأمنية للنظام المخلوع، كما يتزايد السخط على المدنيين بشقيهم ومن المرجح أن تصل الأوضاع حد الخروج عليهم وإسقاطهم مع العسكريين سويا نتيجة حالة الفرز و(الغربلة) التي تشهدها الساحة.
الرسالة الثالثة لمليونية الزلزال كانت في بريد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهي حالة رفض شديدة لوجوده في الساحة السياسية لاتهامه مباشرة في التورط في جرائم دارفور وفض الاعتصام من أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في يونيو ٢٠١٩م، وخلاصة ما يمكن الخروج به من خلال متابعة الحراك الثوري بعد فض الاعتصام وآخره مليونية الزلزال هو أنه لا مستقبل سياسي لحميدتي، كما أنه ليس بإمكانه الاحتفاظ بالقوات التي يقودها (الدعم السريع) كقوة منفصلة خارج إطار الجيش القومي الموحد.
الرسالة الرابعة موجهة للمجتمع الدولي والإقليمي بأن الشعب اختار طريقه وهو أنجز الثورة وعلى استعداد لمواصلة التضحية من أجل حراستها وأن من يعول على العسكر فهو خسران ولن تنجح مخططاته في السير عكس اتجاه حركة الشارع السوداني فهو طريق لاتجاه واحد (الانقلاب ممنوع بأمر الشعب والتحول الديمقراطي محروس بإرادة الجماهير).
نختم بالرسالة رقم (صفر) وهي أن أرواح الشهداء ليست للبيع وأن دماء الجرحى والمصابين وعرق الملخصات والمخلصين من الثوار لن يروح هدرا، وأن كل تلك الجهود غير قابلة للمساومات أو العرض في أسواق الكساد السياسي ولا مكان للسماسرة في ميدان النضال والبذل الوطني، وأن ثورة ديسمبر ماضية بإذن الله لتحقيق أهدافها في (الحرية، السلام، والعدالة) وأن الحكم المدني آت دون انحناء أو استلقاء أثناء المعركة وقوفا عند مقولة الشهيد عبد العظيم، ولا يمكن الرجوع من منتصف الطريق كما قال القدال (شيل شيلتك بقيت للنص)، أما من يعولون على التسويف والمماطلة لقطع الطريق على أهداف الثورة ففعل الشعب يذكرهم بما قاله الشاعر الخالد حميد (جواي صبر قدر الشمش.. ومهما الشمس يغشاها ليل ياها الشمش..واااثقة وتمش.. عادتني بي نفسا الطويل)، وبإذن العزيز الجبار الثورة بالغة سدرة منتهاها، وقد قالها الشاعر سيد أحمد الحردلو ومضى (يا ويل من ظلم هذا البلد يا ناس)!!.