السبت, يوليو 27, 2024
تقاريرسياسةمجتمع

انتهاكات تطال الأطفال عقب (الانقلاب).. قتل واخفاء واعتقال وإصابات وحبس مع البالغين

الخرطوم: عازة أبو عوف

(آدم عبيد الله) لم ينجه وضعه الخاص بسبب إعاقته الذهنية من الوقوع في المعاناة في أقسام الشرطة بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان بعد أن تم اعتقاله من الشارع العام مع ما يقارب (٤٠) طفلاً بحجة المشاركة في المظاهرات ضد الانقلاب العسكري الذي وقع في السودان بتاريخ (٢٥) أكتوبر المنصرم.

قضى آدم الذي يعجز عن معرفة أنواع العملة الورقية حسب أسرته ليلة كاملة في حراسة القسم الأوسط بمدينة الأبيض، وسط المتهمين في جرائم أخرى وكبار السن ثم تم ترحيله إلى المحكمة وأُودع في حراسة المحكمة إلى حين إكمال إجراءات محاكمته التي تعثرت جلستها الأولى لعدم حضور ممثل الشاكي (الشرطة السودانية)، ومن ثم تم إطلاق سراحه بضمان شخصي على أن يتم احضاره وقت المحاكمة التي انعقدت بتاريخ (٢١) نوفمبر، وبعد إنكار ممثل الشرطة معرفته به تم شطب القضية.

آدم وطبقاً لممثل أسرته كمال الذي تحدث لـ (مدنية نيوز) تعرض لعنف أثناء وجوده بالحبس تمثل في ظهور علامات الضرب على جسده وتورم يديه.

آدم ليس وحده

قد يكون وضع آدم الخاص عظّم من العنف الذي وقع عليه، لكن هذا لا يقل عن ما واجهه ما يقارب (٤٠) طفلاً بمدنية الأبيض حيث تعرضوا لانتهاكات عديدة منها الضرب والعنف اللفظي.

ويشير المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان صالح، في إفادة لـ (مدنية نيوز) أمس الأول، إلى أنه بعد انقلاب (٢٥) أكتوبر تعرض (٤٠) طفلاً بمدنية الأبيض لعنف لفظي وجسدي، واعتبر عدم تحويل بلاغاتهم لمحكمة الطفل واستمرار محاكمتهم أمام محكمة الجنايات أمراً مخالفاً لقانون الطفل.

وانتقد عثمان، حبس الأطفال في حراسات الشرطة العامة ووسط كبار السن.

وطبقاً لمتابعات (مدنية نيوز) بشأن الانتهاكات التي طالت الأطفال عقب الانقلاب فإن ذات السيناريو الذي نفذ في أطفال الأبيض تم التعامل به مع الأطفال بكل السودان، وفي ولاية الخرطوم واجه الأطفال عنفاً مفرطاً تسبب في استشهاد (٩) أطفال وإصابة العشرات، بالإضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة وتم إيداعهم حراسات الشرطة.

ووفقاً للمحامي المدافع عن حقوق الإنسان عثمان بصري، فإن أكثر من (٥٦) طفلاً تعرضوا للاعتقال بولاية الخرطوم منذ انقلاب (٢٥) أكتوبر، وأفاد أن (١٨) طفلاً دخلوا حراسات ليوم واحد بعد موكب (١٣) نوفمبر، فيما بلغ عدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال عقب موكب (١٧) نوفمبر (٢٥) طفلاً، وبلغت حصيلة الذين اعتقلوا بعد موكب (١٩) نوفمبر (٧) أطفال قضوا يومين في حراسة قسم المقرن.

وقال عثمان بصري لـ (مدنية نيوز) إن الأطفال كانت تتم معاملتهم كالبالغين وبعضهم تم حرمانه من الأكل والشرب، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب منذ لحظة اعتقالهم وحتى وصولهم القسم.

وأضاف أنه في موكب يوم (٩) ديسمبر تم اعتقال (١٢) طفلاً بالقسم الأوسط ببحري قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد تعهدات شخصية، وفي موكبي (2و4) ) يناير فقد تم إخلاء سبيل الأطفال الذين تم اعتقالهم عقب توقيع تعهدات.

وعلى الرغم من الكم الهائل من الانتهاكات، إلا أن أسرة واحدة هي التي تمكنت من اتخاذ إجراءات قانونية ضد القوى الأمنية التي قامت باعتقال طفلها وضربه وإصابته في الصدر.

اختفاء قسري

لأكثر من (٢٠) يوماً ظل الطفل محمد عبد المنعم، مختفياً قسرياً عن أسرته التي لم تترك مستشفى أو مشرحة أو قسم شرطة إلا وطرقت بابه بحثاً عن ابنها.

محمد من مواليد العام ٢٠٠٥م خرج من منزله يوم موكب (٣٠) ديسمبر لكنه لم يعد إلى المنزل حتى الوقت الحالي.

وحسب محامي فإن أسرة محمد تسكن مدينة شرق النيل الحاج يوسف وكل ما لديها من معلومات أنه شوهد بمنطقة الخرطوم (صينية القندول) في مساء يوم (٣٠) ديسمبر وشاهده آخرون مختنقاً بالغاز المسيل للدموع، وبعد تقديم إسعاف له تحرك من المكان تجاه شارع الجامعة، ودونت أسرته بلاغاً بقسم حلة كوكو وتم تحويل البلاغ إلى شرطة الأسرة والطفل.

ووفقاً لإفادات المحامي فقد رفضت شبكات الاتصال تتبع موقع جهاز الهاتف السيار الذي يحمله الطفل موضوع البلاغ بحجة عدم توفر إمكانيات التتبع، فيما أكدت السلطات الأمنية عدم معرفتها بمكانه.

وفي ولاية الجزيرة تعرَّض عدد من الأطفال بعد مليونية (17) يناير في مدينة ود مدني، إلى الضرب الشديد خارج وداخل القسم الأوسط بمدني، مما أدى إلى حدوث إصابات بينهم، وتمَّ اطلاق سراحهم بالضمان، وأُخذوا إلى المسشتفى لتلقي العلاج.

الإصابات

وأحصت منظمة حاضرين التي تنشط في مجالات الصحة والتعليم ودرء الكوارث (١٠٤) حالات إصابة وسط من هم دون سن الثامنة عشرة منذ الانقلاب الذي قاده قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في (٢٥) أكتوبر من العام الماضي، منها (٢٠) إصابة بطلق ناري و(٤٧) إصابة ناتجة عن عبوات الغاز المسيل للدموع أدت إلى حالات اختناق أو إصابات في أماكن مختلفة من الجسم، إضافة إلى (3) حالات بالضرب الوحشي من الأجهزة الأمنية والعسكرية أثناء الاحتجاجات الرافضة للانقلاب، مما استدعى نقل أصحابها للمستشفيات لتلقي العلاج.

الاستشهاد

ووفقاً لبيان صادر عن مدير منظمة اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط تيد شيبان: (تم التحقق من حدوث أكثر من 120 انتهاكاً جسيماً ضد الأطفال في مختلف أنحاء السودان منذ الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر من العام الماضي).

وذكر البيان: (هذا وقد قُتل تسعة أطفال خلال مظاهرات، كان أغلبها في الخرطوم، كما أصيب 13 آخرون، وارتكبت معظم الانتهاكات ضد صبيان يافعين، واعتُقل فتيان وفتيات لا تتجاوز أعمارهم الـ 12 سنة، وقد تأثر الأطفال نتيجة الهجمات المتكررة على المرافق الطبية).

ودعت اليونيسف، السلطات في السودان لحماية الأطفال من الأذى والعنف في جميع أنحاء السودان وفي جميع الأوقات، وقالت: (يجب ألا يكون الأطفال هدفاً، بما في ذلك أثناء النزاع أو الأحداث السياسية، ويجب أن يتوقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين، بمن فيهم الأطفال).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *