الأربعاء, سبتمبر 18, 2024
تقاريرسياسة

اعتقالات واغتيالات.. هل يحاول العسكر تصفية الثورة؟

تقرير: مدنية نيوز

ضجة سياسية شهدها السودان الايام الماضية بعد مقتل شاب تعذيبا على يد عناصر من جهاز الأمن في مدينة كسلا شرقي السودان، الأمر الذي كاد يتسبب في اضطرابات أهلية في المدينة التي سبق أن شهدت صراعات قبلية دامية، وقد تعرضت الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش لهجوم حاد من الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والنقابات، متهمة إياها باستهداف شباب الثورة ومحاولة تصفيتها وتشجيع قواتها على ارتكاب الانتهاكات بحق المواطنين وتوفير الحماية لهم.

واعتقلت قوات حكومة الأمر الواقع خلال الفترة الاخيرة عددا من المواطنين وجهت لبعضهم تهم التعاون مع قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ 15 أبريل 2023، وقد اتهمت لجان المقاومة السلطة العسكرية بمحاولة تصفية الثورة عبر استهداف الشباب الثوري والكيانات الممثلة لهم.

وكان الشاب الامين محمد نور من بين الذين جرى اعتقالهم، وتعرض لعدة أيام للضرب والتعذيب بمعتقلات جهاز الأمن في مدينة كسلا بالولاية التي تحمل ذات الاسم، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة يوم 31 أغسطس الماضي، الأمر الذي قاد تجمع شباب البني عامر والحباب الى اعلان التصعيد، وتم اغلاق الشوارع المحيطة بمباني جهاز الامن والنيابة واغلاق السوق ليوم واحد، ووضع المتاريس واشعال الاطارات في الطرق.

ودعا خبراء من الأمم المتحدة، في تقرير يوم الجمعة 6 سبتمبر إلى نشر قوة “مستقلة ومحايدة من دون تأخير” في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.
وخلُص الخبراء المكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان، إلى أن المتحاربين “ارتكبوا سلسلة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم دولية، يمكن وصف الكثير منها بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. وقال، محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان، إن “خطورة هذه النتائج تؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين”.

وقالت قوى “الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب” في بيان لها، ان جرائم وحوادث القتل والاغتيال للمواطنين التي ظل يمارسها جهاز الأمن تزايدت بعد ان أعيدت له كامل صلاحياته بعد الحرب، بعدما طالبت الثورة بسحبها منه وهيكلته.

وأضافت قوى الميثاق انه ما زال هناك الكثير من المواطنين الأبرياء داخل زنازين الحكومة ومليشيا الدعم السريع، “بحيث يتم تعذيبهم ومحاكمتهم جراء تلفيق اتهامات كيدية أو من خلال مؤامرات وتصفية حسابات سياسية”.

من جانبها قالت مبادرة القضارف للخلاص إن حادثة مقتل الشاب محمد الامين في كسلا تذكر بحادثة اغتيال المعلم احمد الخير، وهي الممارسات التي ادت إلى اندلاع ثورة ديسمبر، وحذرت من ان هذه الممارسات، إن لم يتم تداركها، ستؤدي الى تفاقم ازمة البلاد التي تخوض الآن حربا شرسة، في مواجهة الإمارات والدعم السريع، التي تهدد وجود الدولة نفسه.

وأشارت المبادرة في بيان صحفي الى ان شرق السودان الآن هو مستقر الكثيرين من أهل السودان، الذين فروا من جحيم الدعم السريع، “ويبدو أن هناك نافذين في الأجهزة الأمنية يعملون على تفجير الشرق لصالح “الدعم”.

فيما رأى تحالف قوى التغيير الجذري في بيان صحفي، ان وتيرة الهجوم المنظم لقوى النظام السابق تتصاعد على الحركة الجماهيرية وعناصرها، وأضاف “كما تشهد عدة ولايات في مناطق سيطرة الحكومة اعتقالات وتعذيب ومحاكمات لنشطاء العمل العام والثوريين منهم على وجه الخصوص”.

وتابع التحالف: “في كل يوم يتأكد أن هذه الحرب ما هي إلا غطاء لتصفية الحركة الجماهيرية الثورية وقطع الطريق أمام الثورة، فالمليشيات الارهابية الجنجويدية والاسلاموية تعملان في تناغم لاعتقال وتصفية كوادر لجان المقاومة وأعضاء الأحزاب الثورية”.

فيما قالت لجان مقاومة الدمازين في بيان صحفي، إنه بعد تكوين الخلية الأمنية بإقليم النيل الأزرق الخاضع لسيطرة الحكومة، أصبحت تقوم بعمليات اعتقالات تعسفية تستهدف بشكل ممنهج الثوار وكوادر لجان المقاومة والمتطوعين في مراكز الإيواء والتكايا وأماكن تقديم المساعدات الإنسانية وسط النازحين.

وطالبت باطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفياً أو تقديمهم لمحاكمات عادلة، وحملت الحكومة بإقليم النيل الأزرق مسؤولية سلامة وأمن وحماية جميع كوادر لجان المقاومة والثوار والمتطوعين في خدمة المواطنين والنازحين داخل جميع محافظات إقليم النيل الأزرق، واضافت “نقولها ونكررها دوماً المقاومة والثورة مستمرة باقية ولن تنهار، الثورة والسلطة للشعب وإرادة الشعب منتصرة ولو بعد حين”.

وقال القيادي بالحزب الشيوعي السوداني صديق التوم، ل”مدنية نيوز” إنه من الواضح أن هناك تصعيدًا واضحًا في الاستهداف الممنهج للثوار وأعضاء لجان المقاومة من قبل الأطراف المعنية بالحرب في السودان منذ اليوم الاول في هذه الحرب، وأضاف أن التحركات تأتي ضمن محاولات لقمع المعارضة السياسية وتصفية الحسابات، خاصة في ظل استغلال قوانين الطوارئ وتوترات الحرب الجارية.

واعتبر التوم ان جميع المعطيات تشير إلى أن الاعتقالات تطال أولئك الذين يحتجون على الوضع الإنساني ويحاولون تقديم المساعدات، كما أن لجان المقاومة، وهي القوة الفاعلة منذ الثورة السودانية، تتعرض لمضايقات مستمرة بسبب مواقفها السياسية ودورها في المطالبة بتحقيق التغيير.

وأشار الى ان الاستهداف يشمل محاولة قمع الحراك الشعبي ومنع أي معارضة لحكومة الأمر الواقع أو ممارسات أجهزة الأمن والقوات المسلحة في ظل الحرب الجارية، واستخدامها من قبل الكيزان لاعادة انتاج سلطتهم، الامر الذي يضعف الالتفاف الشعبي حول الجيش للاصطفاف ضد مليشيا الدعم السريع، والتي قال انها لا تتوانى هي الاخرى في التنكيل بالثوار، “وعلى الرغم من ادعاءات الديمقراطية والانحياز لمطالب الثورة الا ان جرائم هذه المليشيا تعزلها وتفند ادعاءاتها الزائفة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *