للعمال في عيدهم العالمي.. تحية النضال والصمود
بقلم: حسين سعد
يحتفل العمال في العالم ومعهم جماهير العمال في السودان، يوم غد الجمعة بالعيد العالمي للعمال، كرمز للنضال ضد الاستغلال والقهر الطبقي والطغيان، ومن أجل الحقوق والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
لقد صار هذا اليوم عيدا رسميا في معظم بلدان العالم على تنوع واختلاف أنظمتها السياسية والاجتماعية، وهذا لم يكن ممكناً لولا النضال المتفاني والتضحيات الجسيمة للطبقة العاملة، ونقاباتها وأحزابها السياسية ومناصري حقوقها ومطالبها العادلة.
واليوم ونحن في (مدنية نيوز) إذ نحتفل مع العمال في عيدهم العالمي نتذكر نضالاتهم وتضحياتهم، ونؤكد العزم على مواصلة النضال والكفاح، والتضامن مع بقية عمال العالم من أجل الحقوق المشتركة، في العمل والأجور والضمانات الاجتماعية والعيش الكريم، وفي سبيل بناء عالم خال من الاستغلال بجميع أشكاله.
وفي هذه المناسبة العالمية والوطنية نتقدم بخالص التهانئ لجماهير العمال عامة والسودان خاصة، ونستذكر التاريخ المجيد لطبقتنا العاملة، بمآثرها وبطولاتها وتضحياتها في إضراباتهم الشهيرة ومشاركتهم في كل الثورات التي انتفض فيها الشعب في السودان، كما نستعيد مساهماتهم البارزة في ثورتنا الظافرة.
لقد انخرطت الطبقة العاملة في ثورات شعبنا طوال أكثر من ستة عقود ضد الطغاة، وكان العمال في مقدمة الصفوف وقدموا تضحيات كبيرة وكانت أناشيدهم وأهازيجهم عنوانا للصمود والبسالة حتى صار العمال قوى وطنية يحسب حسابها، وكانت لهم نقاباتهم ودافعوا عن حرية تنظيم النقابات وتثبيت الديمقراطية النقابية، وتصدوا لمفاهيم الهيمنة والأساليب القسرية، ولمحاولات تحويل النقابات والمنظمات العمالية إلى واجهات شكلية فارغة وأدوات لا قيمة لها بيد الأنظمة المتسلطة كما فعل النظام البائد.
اليوم وغد يكتسب نضال عمال السودان قيمة إضافية مع النضالات التي تخوضها عموم قطاعات الشعب السوداني بعد ثورته الباهرة، وتثبيت أركان السودان الجديد كما يغني (الشفاتة والكنداكات): (حنبيهو البنحلم بيهو يوماتي).
يأتي أيضاً الاحتفال باليوم العالمي وبلادنا تخوض حربا ضروس ضد جائحة (كورونا)، بجانب الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي تعيشها بلادنا بسبب سياسات النظام المدحور الذي أورث بلادنا تركة ثقيلة من الخراب والدمار، لكل ذلك يأتي أحتفال العمال هذا العام مختلفا وله طعم خاص على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتفشي البطالة وسط قطاعات واسعة من الفئات والشرائح الاجتماعية، لاسيما الشباب وتفاقم أشكال معاناتهم الأخرى نتيجة سياسات النظام الدكتاتوري المخلوع.
وبفعل عمليات التدمير والنهب والسلب والفساد الذي مازالت لجنة التمكين تكشف عنه لذلك وصفنا هذا العيد بالاستثنائي لأن المهمة شاقة والمعاناة كبيرة فالعبء الأكبر من الإسهام في هدم السودان القديم وبناء سودان جديد يقع على العمال لخبرتهم الثرة ومعرفتهم بواقع بلادنا وتضاريسه وجغرافيته وأنه لا طريق لبناء سودان جديد ديمقراطي مزدهر ينعم فيه الشعب بحقوقه الاقتصادية والنقابية والسياسية، إلا بتضافر جهود شعبنا وعامة الكادحين وذوي الدخل المحدود مع السعي المثابر للقوى السياسية الحية، من أجل ترسيخ أسس الديمقراطية في البلاد وبناء حركة نقابية ديمقراطية تعبر عن مصالح العمال المهنية والاقتصادية والاجتماعية، وتدافع عن حقوقهم.
عمالنا البواسل إن مرارة الحياة والاضطهاد الطبقي الممارس عليكم لن يقهر عزيمتكم وإرادة الحياة فيكم، فقد ظل العامل طوال فترة النظام البائد يكدح طوال الشهر ولا يجد ما يسد به رمق حياته وأسرته، هذا إن حالفه الحظ اصلا في إيجاد فرصة للعمل، ذلك نرى أنه لن يتحقق الظفر بالحرية والعدالة الاجتماعية بالتودد والتوسل وبالشعارات المثالية الخيالية، إنما بالكفاح الثوري المنظم المستند على الموضوعية والفكر السليم والسياسة المناهضة للقهر والاستغلال والذل، فالأنظمة القمعية الاستبدادية لا تعرف الإنسانية والحقوق والرحمة فهي تقتل وتسرق وتنهب.
ختاما وبالنظر إلى ماحققته الحركة النقابية من انتصارات لجماهيرها المحرومين، واجب علينا حمايتها ومساعدتها لأن الحركة النقابية هي صاحبة الأمجاد النضالية والتضحيات الجسام في طليعة قوى شعبنا الحية المناضلة من أجل سودان جديد، وفي عيدها العالمي تجد الحركة النقابية حافزاً للمزيد من العمل الجاد والكفاح المتفاني من أجل تحقيق أهدافها المشروعة، وفي مقدمتها ضمان الحريات النقابية الديمقراطية، وإنهاء مشكلة البطالة ومكافحة الفساد وسوء الإدارة وتوفير الحياة الحرة الكريمة للعمال والكادحين وللشعب السوداني، وإننا لقادرون على تحقيق ذلك لأن تاريخ الحركة العمالية شاهد على النضالات وعامر بالإنجازات.