سامية الجلابي .. العودة إلى سنار والهجرة العكسية لإنعاش الريف
الخرطوم: آيات مبارك
لست موسمية أنا لأني أنمو في كل الفصول على شدة قسوتها وتقلب أمزجتها. هكذا تحادث سامية الجلابي نفسها لتحفزها من أجل المضي في طريق العودة إلى سنار بهجرة عكسية اختارتها من أجل خلق حراك ثقافي واجتماعي عقب التغيير. ذلك بعد أن بسطت أصابع الدعوات لأصدقائها لزيارة مدينتها من أجل إقامة المناشط الثقافية وتحفيزاً لكل من لديه علاقة بالفن، وأكدت أنها ستوفر لهم القاعات للورش والمعارض الفنية والمسارح لإقامة الحفلات وتقديم ما يمكن تقديمه من أجل التنمية بالمنطقة.
ولم تكتف سامية بذلك بل اقترحت على أصدقائها وكل من باستطاعتهم الهجرة العكسية إلى مدنيتهم العودة وبدء مشروعاتهم هناك والاتجاه صوب الريف، بدلاً عن حياة المدينة القاسية والجري وراء لقمة العيش والاختناق السكاني الذي يملأ العواصم. وأكدت سامية أن دافعها الأول كان هو ذكرياتها وصور اختزنتها في ذاكرتها تحمل تفاصيل العمال والحدادين (دكان الحي القديم)، والنساء اللائي يقضين أوقاتهن في أعمال الإبرة وقرب باب المدرسة وشارع بيتها القديم، وقالت: (حالياً أنا أسير بمحازاة ذكرياتي وأستمتع بها صانعة منها حلماً قادماً).
وقالت سامية الجلابي، التي درست اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الخرطوم لـ (مدنية نيوز) أمس، بدأت مبادرتي بالهجرة العكسية إلى المدن الصغيرة من الخرطوم عقب ظهور العديد من المشكلات التي أصبح حلها بالعودة إلى الريف والتفاعل مع الحياة هناك، لاسيما أن هناك اتجاهاً من أغلب دول العالم أثناء جائحة (كورونا) بالعودة إلى الريف.
وأضافت: (أكثر ما يزعجني هو الهجرة إلى العواصم والاضطرار على العمل في مهن ليست لديها علاقة بالمجالات التي نرغبها)، وعن اختيارها لسنار تحديداً ردت (سامية) ذلك إلى معرفتها بالمدينة و(الإلفة التي تختزن عروقها وطرقاتها ومدارسها ومنازلها الحميمة).
وواصلت في حديثها: (كل هذا عاد بي إلى شارع بيتنا القديم ومدرستي الأساسية وزيارة منازل معلماتي وميادين الصبا الأولى لنقل ما أكتسبته من معارف إلى حيث جذوري الأولى، ثم أن المشروع يعود على المدينة بعائد توعوي واقتصادي لاسيما وأننا نعيش حالياً ثورة مجتمعية).
ولم يكن هذا مشروع سامية الأوحد فقد قامت من قبل بإنشاء مجلة الحي التي ابتدرتها داخل (ديم التعايشة) و(بري الدرايسة)، تلك المجلة التي تصدر أسبوعياً في عدد من الأحياء من أجل خلق مساحة حرة للتعبير والتواصل بين السكان وتبادل الهوايات والكتابة بشكل أسبوعي.
وبشأن ذلك أوضحت سامية: مجلة الحي هي إحدى مشروعات (سودابيديا الإعلامية التنموية) أو موسوعة السودان التي قمت بتأسيسها في العام ٢٠١٤م، وبها العديد من المشروعات المعروفة كمشروع (أراوند سودان) ومنتجاته المختلفة، ومشروع قصة امرأة سودانية وإنسان السودان.
وتضع سامية قانوناً للعودة والتغيير، حيث ذكرت: (إن أردنا التغيير الخلاق لابد لنا أن نبدأ من الجذور، خاصة أن الثورة المجتمعية والحراك المدني لابد له من أن يبدأ الآن).
وأكدت سامية الجلابي، تقديرها لأهالي سنار لوقفتهم معها، وعن العائد المادي نوهت بقولها (القيمة ليست مادية طالما أن الطريق ممهد لتحقيق رغباتي)، وزادت: (أحلم بسودان كبير سأبدؤه من سنار لتكون نموذجاً اقتصادياً وزراعياً، يمثل نجاحاً مصغراً للسودان).
وأردفت: (لقد تأخرنا كثيراً وآن لنا أن نتقدم، أتمنى أن يوفقني القدير في هذه المسيرة من أجل إكمال طريق الثورة الشعبية المعرفية وبث الروح في أواصر الدولة المدنية بالعمل والكفاح).