الجمعة, نوفمبر 22, 2024
مقالات

وحدة قوى الحرية والتغيير ومستقبل الثورة – 3

بقلم: حسين سعد

تواجه مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير تحديات عديدة وتتصاعد حدة الخلافات يوماً بعد يوم وتتزايد معها نقاط الخلاف، إلا أن تلك الخلافات الأخيرة باتت خطيرة للغاية لأسباب عديدة، لكن التحدي الرئيسي يتمثل في كيفية الحفاظ على وحدة صفها، وفي هذا المقال نضع أيادينا على موضع الخلافات في محاولة لتلمس المعالجات المطلوبة حتى تعتبر الفترة الانتقالية بسلام بقوة الحاضنة السياسية للثورة (قوى إعلان الحرية والتغيير).

تحديات كبيرة:

معلوم أن الحركة النقابية باعتبارها حركة نضال اقتصادي اجتماعي تختلف عن التجمعات السياسية أو منظمات المجتمع المدني والحقوقي، فالنضال الاقتصادي الاجتماعي قائم على الحفاظ على المكاسب إن كانت موجودة، وزيادتها وإضافة الجديد عليها، ويبرز سؤال أمام أية حركة نقابية طالما أن الحركات النقابية بطبيعتها تضم مختلف الأطياف والفئات والمكونات الإثنية والاجتماعية، وهو ما يجعل الحركة تسائل نفسها بأية درجة ستكون ممثلة تمثيلاً حقيقياً لنبض أعضائها وقواعدها العمالية لو انخرطت كلياً في الحراك الشعبي والذي قد يغلب عليه مكون معين، سواء فيما يطرحه من مطالب إصلاحية أو تغييرية، أو لجهة الانتماءات المختلفة للقائمين على هذا الحراك؟، ولهذا لاحظنا أنه طوال عمر الاحتجاجات في السودان فإن الحركة النقابية تأخر انخراطها في هذه التحركات، بل إنها كانت مساندة للنظام المخلوع حتي سقوطه، وصحيح أن النظام سقط لكن نقاباته ما زالت موجودة وهذه تحديات كبيرة.

نداء السودان:

أما قوى تحالف (نداء السودان) فقد أعلن رئيس حزب الامة القومي الإمام الصادق المهدي، استقالته من رئاسة ذلك التحالف، وقال المهدي في خطاب استقالته في سبتمبر الماضي إن المرحلة الحالية تتطلب مراجعات للمواقف بما في ذلك هيكلة (نداء السودان) وتحالفاته مع القوى الوطنية الأخرى، استقالة المهدي سبقتها تسريبات عن وجود خلافات داخل التحالف الذي تصفه بعض مكونات الحرية والتغيير أنه سبب كل المشاكل في الحاضنة السياسية للثورة (قوى الحرية والتغيير)، أما حركات النضال المسلح فهي ليست جسمًا واحداً، وبينها تباينات أحياناً تكون مكتومة وتظهر إلى السطح في أحايين أخرى، وكما كتب الاستاذ الصادق الشعراني إنه في ظل السِياق الثوري عموماً رُبما لا يضع هذه الحركات في المقدمة، وذلك لطبيعة وسيلتها في التغيير في مُقابل الوسائل الشعبية التي أثبتت نجاعتها، وبالتالي في هذه المرحلة ربما لا يكون صوتها عالياً ومؤثراً في خِضم الزخم الثوري، خصوصاً وأن خُصومها التقليديين قد ذهبوا.

ومضي الشعراني للقول إن أول ما يمكن تلمُسه من مواقف هذه الكتل أن إستراتيجتها في إدارة التغير ليست واحِدة، فتحالف (نداء السودان) ينتهج سياسة (براغماتية) تعمد إلى تحصيل المكاسب المُتاحة، والبحث عن المزيد، وإستراتيجية (قوى الإجماع الوطني) تكمن في التعويل على الشارع المنتفض وانتزاع المكاسب دفعة واحدة، وبالتالي يُمكنني أن أزعم أن هذا التحالف الضخم غير مُنسجم وأن هناك تباين واضح بين مكوناته يظهر بوضُوح من خلال مواقف (نداء السودان) من جهة وقوى الإجماع الوطني من جهة أخرى، ولهذا الزَعم ما يدعمُه من المؤشرات والمواقف التي طفت إلى السطح.

مؤشرات:

ومضى الشعراني لتعضيد رؤيته بتحديد مؤشرات:

(1) البداية الفعلية التي بدأت تطفو على السطح كانت في في يوم السبت 13 أبريل عندما أصدر الحزب الشيوعي بياناً اتهم فيه بعض قوى التحالف بتغييب عضوي تحالف قوى الإجماع قصداً وعمداً.

(2) في 29 أبريل 2019م وبين ثنايا الاتفاق الوشيك بين المجلس العسكري وقوى التغيير أصدر الحزب الشيوعي (منفردا) بياناً قطع فيه الطريق على الاتفاق، ودعا إلى تصعيد العمل الثوري.

(3) في 5 مايو 2019م أصدر تجمع المهنيين بياناً اعتذر فيه عن فوضى البيانات التي تخرج من هنا وهناك باعتباره الخيط الناظم لقوى إعلان التغيير.

(4) وفي 28 مايو 2019 أصدر حزب الأمة وهو العضو المؤثر والفاعل في تحالف (نداء السودان) بياناً ربما يمكن وصفة بأنه (براغماتي) يدعو للأخذ بالمكاسب المحققة والبناء عليها.

(5) إن عدم التوافق على إستراتيجية واضحة داخل هذا التآلف يُعتبر من أكبر مهددات وجوده في نظري، بالإضافة إلى ترهله الكبير الذي يعيق حركته السياسية ويؤخر عمليات اتخاذ القرار.

(6) إذن نستطيع أن نلحظ أن هناك تيارين داخل هذا التحالف، أحدهما ذو توجهات سياسية (براغماتيه) يقوده حزب الأمة والمؤتمر السوداني أو تحالف (نداء السودان) عموماً، والآخر ذو توجه ثوري يقوده الحِزب الشيوعي عبر تحالف قُوى الإجماع الوطني.

(7) اعتماد أي من الاتجاهين، هو ما سيُعبر عن استراتيجية التحالف ككل في التعامل مع شريِكه العسكري وتكريس هذه الشراكة أم فضها، وذلك ربما يتم عبر إعادة تعريف العلاقة بين الشركاء الجُدد وصياغتها بحيث يمكن اعتبارهم منظومة واحدة تجمعها نفس المصالح وتحيط بها نفس الأخطار.

(8) وفي حال اختيار التشاكس بين تياريي قوى التغيير، هنالك مخاطِر حقيقية تُهدد تماسُك هذا التحالف وشراكاته، وفي هذه الحالة ربما ترث قوى (نداء السودان) مخرجات اتفاق أغسطس – الإعلان الدستوري- والسير بها مع العسكريين تحت مظلة الاستقرار.. (يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *