هيئة المياه بالخرطوم.. مشروعية الحقوق والإضراب وانتقادات تدخل السلطة
تقرير: محمد إبراهيم الخليفة
قبل سقوط النظام المخلوع برزت للسطح عدد من قضايا الفساد في هيئة مياه ولاية الخرطوم، ترجع لفترة تولي عبد الرحمن الخضر منصب والي الولاية، ودار الاتهام فيها حول شركة الرازي التي قامت باستيراد (2400) طن من مادة البولي ألمونيوم كلورايد غير الصالحة للاستخدام، مصادر عليمة كشفت لـ(مدنية نيوز) عن استشراء التجاوزات المالية والإدارية داخل هيئة مياه ولاية الخرطوم واستمرارها.
وبعد سقوط النظام برئاسة الرئيس المخلوع عمر البشير، تعالى سقف الطموحات واستبشر العاملون في الهيئة فضلاً عن كل القوى الثورية، بوضع حد للفساد داخل الهيئة وحسم التمكين والإطاحة برموز النظام المخلوع داخل الهيئة عبر لجنة إزالة التمكين، إلا أن التغيير الجذري لم يجر بعد.
حدث صدام بين قوى الثورة داخل هيئة مياه الخرطوم متمثلة في اللجنة التسييرية التي رفعت راية مكافحة الفساد، والمدير الجديد مأمون عوض حسن، الذي عينه والي الخرطوم أيمن خالد، الذي تتهمه اللجنة التسييرية بالتستر على التجاوزات داخل الهيئة والعمل على حماية منسوبي النظام المخلوع.
في مطلع الأسبوع الماضي أصدرت اللجنة التسييرية للعاملين بهيئة مياه الخرطوم بياناً شديد اللهجة هاجمت فيه سياسة الوالي، وقال البيان: اتسمت سياسة الوالي أيمن خالد بالتمكين وعدم الشفافية واستمرار الفساد بنفس سياسة العهد البائد بالاستمرار في سياسة البطش تجاه العاملين وهضم الحقوق مع استمرار الظلم الواضح والتهميش، والإقصاء والقمع لكل المدافعين عن الحقوق ومنتقدي الفساد في الهيئة الذي كانت نتيجته دمار الهيئة ويظهر ذلك بوضوح في عدم قدرة الهيئة على القيام بوظيفتها بإمداد مائي مستقر لسكان ولاية الخرطوم.
التصعيد
ودخل عمال التشغيل والمهندسون والفنيون في إضراب مفتوح عن العمل تلبية لدعوة اللجنة التسييرية للعاملين، وقالت رئيسة اللجنة التسيرية للعاملين بالهيئة منى عبد المنعم سلمان، في إفادة لـ(مدنية نيوز) أمس: هيئة مياه الخرطوم تعد من المؤسسات الأكثر فساداً طوال حكم نظام الجبهة الإسلامية، فساد إداري ومالي وتمكين في منسوبي المؤتمر الوطني.
وعبرت منى، عن أسفها لما أسمته بـ(التماطل والتسويف) في محاربة الفساد من قبل حكومة الثورة ممثلة في الوالي أيمن خالد، الذي أشارت إلى أنه عين المدير الجديد الذي بات يعمل مع منسوبي النظام المخلوع في الهيئة دون القوى الثورية الحية، ويمارس تجاوزات أشبه بفساد المؤتمر الوطني، كصرف حوافز مالية ضخمة لأشخاص لا يستحقونها وفي الوقت نفسه لا يحصل العاملون على حقوقهم الأساسية، واتهمت رئيسة اللجنة المدير الجديد بارتكاب تجاوزات في التعيين في وقت تعاني هيئة مياه الخرطوم من ترهل إداري ضخم.
وشددت منى، على أن التجاوزات أصبحت مستمرة خاصة بعد حل مجلس إدارة الهيئة من قبل والي الخرطوم أيمن خالد في سبتمبر الماضي، وقالت: الآن لا يوجد مجلس إدارة للهيئة، وبذلك أصبحت الهيئة مباحة لتصرفات الوالي دون رقابة أو قانون).
وأبدت رئيسة اللجنة التسييرية استغرابها من وجود قيادات بارزة في الهيئة لا تحمل شهادات أكاديمية لا تزال في مناصبها، وتساءلت (أين لجنة التفكيك من هذا؟)، ولفتت إلى تحكم (لوبي) النظام المخلوع في إدارة الهيئة، وتابعت: هذا اللوبي يمارس الفساد الممنهج في المال العام ويتسبب في خلق مشاكل ندرة المياه بالولاية عبر الإدارة الخاطئة.
مطالب العاملين
وذكرت رئيسة اللجنة أن مطالب العاملين تتمثل من شقين الأول هو مكافحة الفساد داخل الهيئة وهيكلتها والمطلب الثاني يدور حول حقوق ومستحقات العاملين، وفيما يتعلق بمكافحة الفساد طالبت منى عبد المنعم، بوضع نظام قوي للشراء والتعاقد في الهيئة يحفظ حقوقها ويمنع التجاوزات والفساد، مع حصر المقاولين والشركات التي تعمل في الهيئة والإعلان عنها للشفافية، بالإضافة إلى تفعيل دور الرقابة على أموال الهيئة.
وطالبت رئسية اللجنة التسييرية بمراجعة إيرادات هيئة المياه عن طريق ديوان الحسابات والمراجع العام، ومراجعة كل الإدارات الفنية والإدارية للهيئة بكل وحداتها للكشف عن الفساد ومعالجته وتحديد أوجه القصور فيه، والتعامل بشفافية مع أموال الهيئة ومحاسبة الفاسدين.
ورفضت رئيسة اللجنة، اللجان التي شكلها المدير بحكم أن بعض الشخصيات التي تحوم حولها شبهات فساد موجودة في اللجنة، وزادت: (سياسة الوالي تجاه الهيئة بالنسبة لنا مرفوضة، لأنها تستند على فلول ومنسوبي النظام المخلوع داخل الهيئة).
وفيما يتعلق بحقوق العمال، طالبت رئيسة اللجنة بـ(زيادة مرتبات العاملين وتحسين ومعالجة أوضاعهم المعيشية وحوافزهم وترقياتهم وتعيين العمال المؤقتين الذين تعدى عملهم بالهيئة الفترة القانونية، وكذلك تحسين بيئة العمل، ودفع استحقاقات العاملين اللائحية عن العام ٢٠٢٠م كاملة).
حل اللجنة
وفيما يتعلق بحل اللجنة التسييرية، أعلنت رئيسة اللجنة التسييرية أنها لم تتلق أي خطاب يفيد بحل اللجنة من قبل لجنة إزالة التمكين، وقالت: (هذا تغول صريح على حق العاملين وجمعياتهم العمومية في انتخاب وحل لجانهم أو استبدالها بحرية تامة ودون تدخل من الحكومة أو المخدمين أو أي تنظيم أعلى).
ورفضت منى، سياسة تخويف العمال من قبل المدير كمحاولة (غير مقبولة) لكسر الإضراب، بجانب استخدام الشركات كبديل للعمال المضربين لكسر الإضراب.