مرضى الفشل الكلوي بالنيل الأزرق.. تصاعد المعاناة وتعالي الأصوات بالحلول العاجلة
النيل الأزرق: تحقيق: هويدا من الله
تصاعدت معاناة مرضى الفشل الكلوي بولاية النيل الأزرق، الذين يجرون عمليات الغسيل بمركز غسيل الكلى الحالي بالدمازين الكائن بمقر دار حزب المؤتمر الوطني بعد إسقاطه وحله، وصممت دورات المياه فيه لتلبي حاجة الموظفين أثناء ساعات العمل الرسمية.
وعقب سقوط النظام تم الاتجاه لاستغلال دار حزب المؤتمر الوطني المحلول ليكون مركزاً لغسيل الكلى بدلاً عن مستشفى الدمازين مقر المركز القديم، دون إضافة مبانٍ للمقر الجديد أو هدم ما هي قائمة لتتواءم مع طبيعة العمل الجديد.
وبالنظر للوضع الجديد فقد تفاقمت مشكلة الصرف الصحي بالمركز وتوقفت خدمة الغسيل نهائياً، الأمر الذي لم يستطع المرضى تحمّله لما يحملونه من سموم في أجسامهم لا يمكن إخراجها إلا عبر ماكينات غسيل الكلى.
في التحقيق التالي تقف (مدنية نيوز) على الأوضاع لتجد المشكلات وتعرض الحلول اللازمة من القائمين على الأمر، خاصة بعد احتجاج المرضى مؤخراً وإغلاقهم الطريق المؤدي لمحلية الدمازين بسبب توقف ماكينات الغسيل.
وقال المدير الإداري للمركز طارق آدم زايد لـ(مدنية نيوز) أمس، إنه تم تحويل المركز إلى دار حزب النظام البائد في العام 2019م، وفي السابق كان المركز بمستشفى الدمازين التعليمي.
وأضاف أن المركز يعمل بعدد (12) ماكينة غسيل تعمل بنظام (الورديتين) لعدد (24) مريضاً في اليوم بمعدل (4) ساعات يومياً باستهلاك (56) برميل مياه يومياً.
بداية الأزمة
وتابع المدير الإداري: “بدأت مشكلة امتلاء البئر منذ شهرين نسبة لكمية المياه الكبيرة التي تستهلكها ماكينات التبريد، إضافة إلى انتقال سكن الطبيبات للطابق الثاني من المركز وزيادة استخدام دورات المياه للمرضى والمرافقين والموظفين بالمركز، الأمر الذي يؤدي إلى امتلاء بئر الصرف الصحي بسرعة فأصبح الوضع يتطلب ضرورة شفط البئر يومياً أو يوماً بعد يوم على الأكثر، وغير ذلك يصبح الوضع كارثياً حيث لا يمكننا تشغيل ماكينات الغسيل أو تقليص ساعات الغسيل، الأمر الذي لا يستطيع تحمله مريض الفشل الكلوي.
وقال المدير الإداري للمركز: “قمنا بمخاطبة وزارة الصحة بضرورة معالجة هذه المشكلة ولم يتم التدخل حتى الوقت الحالي فخرج جميع المرضى في مسيرات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم”.
إنشاء الجمعية
ومن جانبه قال رئيس جمعية رعاية مرضى الكلى حبيب عبدالرحمن حبيب، لـ (مدنية نيوز) أن الجمعية أنشئت في يناير 2009م وسجلت بصورة رسمية في فبراير 2010م، وإن الهدف الأساسي من تأسيس الجمعية هو إنشاء مركز لغسيل الكلى بولاية النيل الأزرق، إذ كان المرضى في السابق يسافرون لولايات سنار والجزيرة والخرطوم لإجراء عمليات غسيل الكلى.
وأضاف: “تم افتتاح المركز في العام 2011م داخل مستشفى الدمازين التعليمي بالتعاون مع وزارة الصحة والمركز القومي لأمراض وجراحة الكلى بقوة تشغيلية بعدد (6) ماكينات، وسعت الجمعية بعلاقاتها مع المنظمات لزيادة عدد الماكينات حتى بلغ العدد حالياً (12) ماكينة، بالإضافة إلى السعي لتحقيق الأهداف الأخرى مثل توفير الدواء، تقديم الدعم المادي للمرضى، تسهيل ودعم الفحوصات الدورية، السعي لإنشاء مشفى متكامل لمرضى الكلى”.
تزايد الأعباء
ولفت رئيس الجمعية لتزايد أعبائها بعد الانتقال لدار حزب المؤتمر الوطني المحلول، وأن الجمعية وعبر مساهمات الخيرين تمكنت من شراء صهريج و(موتور) مياه لتوفير المياه لماكينات الغسيل، وشفط بئر الصرف الصحي شهرياً على نفقة الجمعية، وتوفير كل معينات العمل بالمركز، وأشار إلى أن المركز عانى مؤخراً من الامتلاء المتكرر لبئر الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى شفطه يومياً بتكلفة (15) ألف جنيه، ونسبة لعدم توفر المال الكافي لسداد تكلفة عربة الشفط، أدى التعسر لتوقف المركز عن العمل عدة مرات أو تقليص ساعات الغسيل ما يجعلها غير كافية لإخراج السموم من جسم المريض فخرج المرضى احتجاجاً على عدم مراعاة وضعهم الصحي.
الحلول في انتظار التمويل
ومن جهتها ذكرت المهندسة بمركز غسيل الكلى نفيسه محمد، أن مشكلة بئر الصرف الصحي تكمن في الـ (سبتك تانك) لأن عملية تحليل المخلفات منه إلى البئر تحتاج (72) ساعة، ولكن في وضعه الراهن بالمركز مع الضغط العالي لاستخدام المياه تنتقل المخلفات للبئر في نفس اليوم، الأمر الذي أدى إلى قفل البئر، وتابعت: “لا بد من الشفط يومياً أو يوماً بعد يوم”، وأبانت أنهم قاموا بتقديم مقترح لوزارة الصحة بضرورة عمل (سبتك تانك) خاص بمياه ماكينات الغسيل فهي مياه خالية من المخلفات، لذلك لا تحتاج للتحلل، وأن يتم استخدام الـ(سبتك تانك) القديم لدورات المياه بالمركز وسكن الطبيبات حتى يتم تفادي مشكلة امتلاء بئر الصرف الصحي، وأردفت: (حالياً كل التقديرات جاهزة، فقط ننتظر التمويل من حكومة الولاية).
تصاعد المعاناة
وانتقلت (مدنية نيوز) لمرضى الفشل الكلوي الذين يجرون عمليات الغسيل للوقوف على حجم معاناتهم. ولفت المريض فيصل الباشا الذي يقوم بعمليات غسيل الكلى منذ (13) عاماً إلى أنه أقدم مريض بالمركز حيث يجري عملية الغسيل كل (أحد وأربعاء) بمعدل (4) ساعات في كل عملية، وقال: (لكن بعد مشكلة الصرف الصحي بالمركز تم تقليل ساعات الغسل إلى ساعتين وأحياناً إلى ساعة ونصف الساعة، ونبه إلى أن تلك الساعات غير كافية لإخراج السموم من جسمه وإشعاره بالراحة).
ووجه فيصل الباشا، اللوم والاتهام لوزارة الصحة التي يرى أنها لا تقوم بواجبها، وأشار إلى أنه لم يرَ أحداً من مسؤولي والوزارة يتفقد المرضى أثناء ساعات الغسيل منذ (13) عاماً.
غسيل وحمل
ومن ناحيتها أكدت المريضة بالفشل الكلوي منذ (3) سنوات هنادي أحمد، أن وضعها الصحي لا يحتمل تأخير أو تقليص ساعات الغسيل فهي تحمل جنيناً في أحشائها للشهر الثالث، فيتم استثناؤها هي وبعض الحالات الحرجة في حال امتلاء البئر.
أما عبد الله عبد الولي، وهو أحدث مصابي الفشل الكلوي بالمركز فهو يعاني من فشل في الكليتين منذ أسبوعين فقط، ولسوء حظه تزامن مرضه مع أزمة الصرف الصحي بمركز الغسيل.
وقال عبد الله، إن جسمه يتورم في حال تأخر وقت الغسيل، الأمر الذي اضطر شقيقته لدفع قيمة إيجار عربة الشفط لأن وضعه يزداد سوءاً مع كل دقيقة تأخير.
وفي السياق لفت سائق عربة شفط عبد الله عبد الله لـ(مدنية نيوز) إلى أن امتناع سائقي عربات الشفط عن العمل يعود لسببين، زيادة سعر الوقد وتحذير محلية الدمازين بعدم استخدام مكب مياه الصرف الصحي الحالي نسبة لامتلائه، وأن كل من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة والعقوبات التي قد تصل إلى حجز العربة، وقال: (هذا الإنذار بعث الرعب في نفوس ملاك عربات الشفط وأتاح الفرصة لضعاف النفوس للمخاطرة واستغلال الوضع لصالحهم).
المحلية توضح
وبدوره أشار المدير التنفيذي المكلف لمحلية الدمازين محمد حسين، إلى أن المكب قد امتلأ فعلياً ولكنهم لم يمنعوا استخدامه حتى الوقت الراهن، وذكر: (بحثنا هذا الأمر مع وزارة الزراعة وإدارة الغابات لتصديق موقع وتمت الموافقة من إدارة الغابات في الأسبوع الماضي بتصديق موقع اشترطت أن يكون للنفايات السائلة فقط وليست الجافة، وأن تقسم المساحة في شكل غرف متساوية واستخدامها بالترتيب حيث لا يتم استخدام الغرفة رقم اثنين إلا حال امتلاء الغرفة التي تحمل الرقم واحد، وهكذا حتى تتم الاستفادة من المخلفات كأسمدة طبيعية بعد جفافها، ولاستخدام مساحة الغرفة لأكثر من مرة).
من المحررة:
هذه هي معاناة مرضى الفشل الكلوي بالنيل الأزرق مع عمليات الغسيل الكلوي نطرحها كما هي، وحسب متابعات (مدنية نيوز) فإن المطالب تمثلت في تخصيص عربة شفط لصالح مركز غسيل الكلى باعتبار ذلك أمراً ضرورياً في الوقت الراهن كحل مؤقت حتى لا يعود المركز للتوقف عن العمل مرة أخرى.
أما المطلب الرئيسي الثاني فتمثل في حفر بئر يستوعب كل مياه ماكينات الغسيل هو الحل النهائي الذي لا بد أن تسعى السلطات المختصة في حكومة ولاية النيل الأزرق ممثلة في وزارة الصحة حتى ينعم جميع المرضى باستدامة الخدمة الطبية، وذلك طبقاً للمرضى والمتابعين للقضية.