السبت, يوليو 27, 2024
تقاريرمجتمع

سكان في (مكب النفايات) بسوبا.. ظروف اضطرارية ومعاناة من الإزالة

الخرطوم: عازة أبو عوف

في شهر يونيو الماضي وبسبب تأثيرات (جائحة كورونا) عجزت أعداد مقدرة من الأسر عن سداد إيجارات المنازل لذلك لجأت إلى السكن الاضطراري وسط مكب النفايات بمنطقة بسوبا وتكاثر العدد بفضل الأزمة المعيشية الطاحنة وغلاء أسعار إيجارات المنازل.

وقفت (مدنية نيوز) على معاناة أكثر من (١٠٠٠) أسرة بمنطقة  (مكب النفايات سوبا)، بسبب ما وصفوه بالعنف الذي مارسته عليهم عناصر من الشرطة أثناء إزالة مساكنهم في ٢٦ فبراير الماضي، وكشفت المتابعات عن حدوث حالات اجهاض وسط النساء وإصابات لبعض الأطفال.

بداية القصة

لم يطلب هؤلاء كهرباء ولا ماء كحقوق أساسية للحياة ولجأوا إلى الشرب من مياه ترعة قريبة منهم، ولم يكترثوا لخطورة وجودهم وسط مكب نفايات ومآلاته الصحية بقولهم (المرض من الله).
وبالرغم من تأثيرات (جائحة كورونا) على هذه الأسر إلا أن (مدنية نيوز) تلقت تأكيدات منهم بعدم تلقيهم أي نوع من الدعم الحكومي لمجابهة تحديات ذلك الوباء وحتى من ديوان الزكاة.

ما حدث

بعد عام من سكنهم بالمنطقة تفاجأوا أول الصباح بقوات شرطية تتكون من ١٦ عربة شرطة محملة بالجنود وآليات لإزالة المساكن، فضلاََ عن استخدام الغاز المسيل للدموع.
واستيقظ المواطنون على الغاز المسيل للدموع وتمت محاصرتهم بالقوات التي تمركزت في مدخل السكن وأثناء فرارهم من عبوات (البمبان) تعرض عدد من الأطفال لإصابات بحروق في أقدامهم وآخرين جرحت أقدامهم بسبب دخولهم في وسط مكب النفايات.

والتقت (مدنية نيوز) بعدد من المصابين الذين أشاروا لتعرضهم لإهانات من قبل بعض منسوبي القوات الشرطية، وأدانوا ذلك التعامل معهم ووصفوه بغير الإنساني.
وقالت المواطنة عائشة علي أبكر، لجأت إلى السكن بمكب النفايات بعد أن تم طردي من الغرفة التي كنت استأجرها بحي الانقاذ بمبلغ ٢ ألف و٥٠٠ جنيه، وأضافت (علمت أنه يمكنني السكن في هذه المنطقة وحولناها إلى منطقة سكنية بعد أن قمنا بنظافتها من النفايات).
واعتبرت عائشة، أن عدم إخطار الحكومة لهم بالإزالة إهانة لا تغتفر، واستنكرت استخدام الغاز المسيل للدموع لإزالة مساكنهم.
وذكرت عائشة، لـ(مدنية نيوز) أمس الأول أنها كانت حامل في الشهر الثالث وتعرضت للإجهاض بسبب الجري، وتابعت (ما مشيت مستشفى لأني ما عندي ميزانية).

ولم تختلف رواية عزيزة حسن، عن ما ذكرته عائشة، وأوضحت عزيزة، أنها تعرضت هي الأخرى للطرد من منزل الإيجار وجمعت أجر زوجها الذي يعمل وكيل عريف بالشرطة العسكرية وشيدت غرفتها وكشكاََ صغيراََ لزيادة دخلهم، وقالت إنه قبل اكتمال غرفتها أصرت قوات الشرطة على دهس الطوب الذي يقومون بجمعه لإكمال غرفتهم، مما جعلها تقف في مواجتهم وتتوسد الطوب في محاولة لمنعهم عن دهسه، وزادت: اخترت أن ينزف دمي على أن يدهس الطوب.
وواصلت بالقول: (ونتيجة لذلك فقدت جنيني وأجهضت بعد ٤ شهور من الحمل).

إصابات أطفال

ومن جهتها ذكرت المواطنة مريم محمد عزيز، وهي أم لعدد ٦ أطفال:  (كنت أسكن بالإيجار في منطقة مايو وبسبب عجزنا عن دفع قيمة الإيجار قررنا أن نسكن بالمكب)، وأردفت: (أثناء هروبنا من بمبان الشرطة وقع ابني وسط نيران وحرقت قدمه، فيما تعرضت رجل طفلتي لجروح بالزجاج إثر دخولها وسط مكب النفايات).
ووفقاََ للمتابعات فقد تعرض عدد من الأطفال لاختناقات بسبب الغاز المسيل للدموع.

مطالبات

وفي السياق تقدم مركز الناس للعون القانوني، وزارة الداخلية بالتدخل الفوري لوقف الانتهاكات التي وصفها بالمهينة للكرامة الإنسانية التي يتعرض لها المواطنون بمكب النفايات في سوبا، وذلك لحين إصدار أمر من المحكمة المختصة بشأنهم.
واشارت مذكرة من المركز سلمت لوزارة الداخلية وتحصلت (مدنية نيوز) على نسخة منها إلى أن عدد الأسر بالمنطقة (١٠٠٠) أسرة، إلا أنه بعد الإزالة نزح السكان وبقيت ٣٠٠ أسرة مشردة.
ولفتت المذكرة إلى أن التدخل تم بواسطة قوة بقيادة عميد شرطة في حوالي الرابعة صباحاََ لتنفيذ الإزالة وهدم المنازل، وبانت أن الاعتداء على أولئك المواطنين تم دون إنذار صادر من أية جهة مختصة.

وكشفت المذكرة عن معاناة الأطفال والنساء والرجال  نتيجة لما وصفتها بالانتهاكات المستمرة التي تتمثل في الضرب والتحرش والإجهاض والإساءة.
ويطالب السكان الذين تضرروا من الإزالة بتوفير سكن لتجنب المعاناة.

ولم تتمكن (مدنية نيوز) من الحصول على إفادة من السلطات المختصة بولاية الخرطوم حول ما حدث في تلك المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *