لعنة الحرب تطارد جنوب كردفان.. نزوح الآلاف وحوجة عاجلة لتدخل إنساني
تقرير: محمد إبراهيم
شهدت ولاية جنوب كردفان الأسبوع الماضي، توترات وصراعات مسلحة غير مسبوقة خاصة في مدينة (كالوقي) بمحلية قدير بعد أن فشلت كل الجهود الرسمية والمجتمعية لاحتواء الصراع.
وخلفت الصراعات العشرات من القتلى والجرحى وتزايد الفزع من جانبي الصراع، وتم حرق للمنازل والمحاصيل، ونتيجة لذلك شهدت المنطقة موجة نزوح عالية من المناطق الملتهبة صوب المناطق الأكثر أماناً.
إعلان الطوارئ
وأصدر والي جنوب كردفان حامد البشير إبراهيم، يوم السبت الماضي مرسوماً موقتاً، بإعلان حالة الطوارئ في محليات (تلودي، الليري، قدير، ابوكرشولا، أبوجبيهة وهبيلا)، وقال الوالي إن مرسوم الطوارئ بالرقم (8) لسنة 2021، يأتي ضمن مساعي حكومة الولاية لتهدئة الأوضاع، وحقن الدماء، وأضاف: هذا بجانب تفادي تداعيات وتأثير الصراع على بعض المحليات ودرءاً للفتنة وحفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
عقوبات رادعة
وهدد القرار بتوقيع عقوبات رادعة على المخالفين تشمل (السجن، والتغريب، والجزاءات المالية)، ووجه الوالي بالقبض على الجناة والمتفلتين والأشخاص الذين يشكلون خطراً على السلم المجتمعي، وحذّر من أن القرار يضم المحرضين وعلى رأسهم الحكّامات والشعراء والهدايين ومستخدمي منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتداول الشائعات والأنباء الكاذبة، بالإضافة إلى بقية الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى الفتن وإثارة النعرات.
تعايش لعشرات السنين
دارت الصراعات التي وصفت بالعنيفة يوم الجمعة في مدينة (كالوقي) بين مكونين قبليين ظلّا في حالة تعايش مشترك لعشرات السنين ولم يحدث بينهم صراع كهذا قط، وخلّف الصراع الأخير (13) قتيلاً من الجانبين، مع حرق للمنازل والممتلكات.
احتقان .. توتر وتصعيد
وقال شاهد العيان الشيخ عبد الله لـ(مدنية نيوز) اليوم الاثنين (ظلت مدينة “كالوقي” منذ أكثر من شهر في حالة احتقان وتوتر وتنامي دعوات التصعيد من الطرفين، وأقامت القوات المسلحة شريطاً عازلاً يفصل بين أحياء القبائل المتحاربة، وأن هذه الخطوة لم تمنع التصعيد بين الجانبين وظلت حالات القصف بالأسلحة الثقيلة مستمرة في ظل وجود القوات المسلحة، بجانب الإغلاق الكلي للأسواق مع امتلاك كل الأطراف للأسلحة الثقيلة مثل “الدوشكات، الرشاشات، الهاونات، والأربجي”، فضلاً عن الأسلحة الخفيفة مثل الكلاشنكوف وغيره).
وأضاف: بعد نهاية امتحانات الشهادة السودانية كانت هناك مساعٍ لتهجير أحد المكونات القبلية من المدينة لحفظ الأرواح، إلّا أن هذه الخطة فشلت، مما أدى لتزايد القصف بالأسلحة الثقيلة يوم الخميس ليلاً، وفي صباح يوم الجمعة انسحبت القوات المسلحة من مواقعها، وتمت مهاجمة الحي الذي كانت تصدر منه المقذوفات العسكرية وتم حرقه وخلف ذلك (13) قتيلاً مع نزوح المواطنين إلى مدينة (أبو جبيهة) ومحلية (الليري) التي تجاور دولة جنوب السودان، وبعد ذلك هدأت الأوضاع نسبياً.
مخلفات الدمار
ومن جانبه كشف المدير التنفيذي لمحلية كادقلي ومبعوث والي جنوب كردفان إلى محلية (قدير) لتقصي الحقائق حول الأحداث التي تشهدها المدينة العميد (م) سايمون تاب، في حوار مع صحيفة (الإنتباهة) عن نشاط لتجارة الأسلحة بأنواعها المختلفة في المنطقة من قبل جهات – لم يسمها-، ووصف مبعوث الوالي، الأوضاع الإنسانية بالمأساة مع تنامي حالات النزوح من أكثر من (9) قرى نزح منها المواطنون إلى مدينة (أبو جبيهة) بعد حرقها وتدميرها، وقدر عدد النازحين بـ(6) آلاف، واستبعد تدخل قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، في الصراع.
وأكد المبعوث عدم حصول النازحين على أي نوع من المساعدات الطارئة من قبل المنظمات الوطنية والأجنبية، وناشد المنظمات للتحرك العاجل لإنقاذ حياة الآلاف من المواطنين، وتوقع حدوث ضغط على الخدمات في محلية (أبو جبيهة) فضلاً عن مخاوف تفشي الأمراض والأوبئة مع حلول فصل الخريف وهطول الأمطار، وحدوث إسهالات مائية، وأشار إلى أن لجنة التحقيق التي شكلها الوالي لم تتمكن من حصر إجمالي الخسائر التي وقعت.
النزوح والحوجة لتدخل إنساني
ومن جهته كشف المواطن بمدينة (أبو جبيهة) عبد الرحمن النويري، في إفادة لـ(مدنية نيوز) عن استقبال المدينة قرابة (700) أسرة نزحت من مناطق الصراع، ولفت إلى أن الأسر تتمركز في منطقة (طيبة) في (أبو جبيهة، جبرونا، وأم قناطر)، وأن الأكثر تضرراً ومعاناة من تبعات النزاع المسلح هم الأطفال وكبار السن، خاصة وأن المنظمات والحكومة لم تتدخل حتى الوقت الراهن لتقديم المساعدات.