مسرحية (أزمة منتصف العمر).. الانعتاق من الشمولية ورفع قيمة الديمقراطية
الخرطوم: آيات مبارك
شهدت خشبة المسرح القومي بأمدرمان يوم الثلاثاء الماضي، عرضاً لمسرحية (أزمة منتصف العمر)، وهي من تأليف وتمثيل محمد ترويس، ودراماتورج (فن المسرح، كتابة المسرحية) ميسون عبد الحميد، وسنغرافيا (تصميم فني) حسام إسبايدر، وإخراج عوض بعباش.
أزمة منتصف العمر التي تم عرضها الأول بمركز معارف للدراسات الاستراتيجية تعد معالجة لأدب السيرة الذاتية للممثل محمد ترويس، الذي أطل بعد غياب طويل عن الوطن، وحاول من خلالها مناقشة العديد من القضايا مثل الهجرة، اللجوء، وصراع الحضارات والثقافات.
انعتاق
ذلك العرض الذي نادى بالانعتاق من سنوات النظام السابق وقوانين النظام العام، فتح العديد من التساؤلات عبر عديد من المعالجات التي تدعو لارتفاع قيمة الديمقراطية من خلال قيمة النصوص القلقة التي تؤسس لإحداث تحولات في العديد من المفاهيم.
وقالت كاتبة الدراماتورج ميسون عبد الحميد: لقد تناول العرض تاريخ السودان في فترة الثمانينيات والتسعينيات، إذ مر السودان بنظامين شموليين، وتمت من خلالهما محاربة الفنون من أصحاب (المشروع الحضاري) وقبلهم قوانين سبمتبر 1983م، وصراع بقاء الفنون لاسيما المسرح، إضافة إلى سياسات التعريب في مناهج التعليم والتعليم العالي وما يصاحب شعارات العنف وخطابات الكراهية (فلترق كل الدماء)، ثم الهوس الديني إضافة إلى الإسلام السياسي وأسئلة الهوية الملحة وقضايا التحرش الجنسي والعنف في المدارس، كما ناقش العرض أيضاً المراهقة والكبت الجنسي.
وأضافت: كل هذه الزوايا كانت مداخل لكتابة الدراماتورج الذي عالج من خلاله عرض أزمة منتصف العمر.
وتابعت الناقدة المسرحية ميسون عبد الحميد، في إفادتها لـ(مدنية نيوز) أمس: استعنت في كتابة الدراماتورج بتقينة التداعي الحر للذاكرة، وأحيانا الـ (فلاش باك) بالتركيز على ما يتقاطع مع حالة الجماهير ليلعب المسرح دوره أحياناً بالتطهير وأحياناً بالتفكير والتغيير للحالة المطروحة.
اغتراب النصوص
ومن جانبه قال الناقد المسرحي محمد حسن فكاك، عن المسرحية على صفحته الشخصية في موقع (فيس بوك) تحت عنوان (وقال الممثل) عبر رسالة نقدية إلى الفنان محمد عمر ترويس، عن عرضه (أزمة منتصف العمر)، قال: ما زلنا يا سيدي الفاضل بعد أن أنجزنا ثورة عظيمة تحاكى بها القاصي والداني، نرزح تحت وطأة خوفنا وجبننا ولا زالت نصوصنا تعاني ذات العقم والشذوذ والاغتراب، كُتابنا الذين كانوا يتشدقون بغياب الحرية لا زالت أقلامهم مُكبلة تعيقهم (التابوهات) وتحد من قدرتهم (فوبيا) العيب والحرام.
وزاد: عزيزي ترويس، لقد فتح عرضك الملحمي المسمي (أزمة منتصف العمر) والمؤدى علي طريقة الـ “إستاند أب كوميدي”، فتح سوءتنا تجاه فننا وقضايانا، أعاد تعريفنا لذواتنا من موقعنا ومن موقع الآخر، إن سيرتك الذاتية المجتزأة بفعل الدرامتورجية الحريفة هي وجهنا الآخر الذي نخافه، فما زالت حوادث التحرش بالأطفال لا تبرح مكانها ولازلنا نمارس العنصرية البغيضة، ولا زال السمبك حلماً يراود جل الشباب وعينهم على أوروبا، ولا زال البحر يلتهم أحلامهم وتقضي الأسماك على ما تبقى من أجسادهم.
تحرر من القيود
وعن الأداء يمضي حسن فكاك بقوله: أعجبت بقدرتك العالية على الحكي، سلاستك في التحرر من قيود المدارس والمناهج الأدائية وتوظيفها في آن معاً، خلطة الحكواتي والسارد العليم مع تغريبية بريشت في أسئلتك الملحمية المباشرة وحضور ستانسلافسكي وأنت تتقمص شخوصك وأحياناً مصطفى سعيد، كل هذا عكس بجلاء عن مقدرات هائلة افتقدناها في روح مسرحنا بغياب الفنان ياسر عبد اللطيف لروحه السلام.