الثلاثاء, ديسمبر 3, 2024
تقاريرمجتمع

غرف الاستجابة للطوارئ في السودان في المرتبة الثانية لجائزة نوبل للسلام لعام 2024

كانبرا: عادل فيصل راسخ

أعلن مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO)، هنريك أوردال، اليوم عن قائمته الجديدة لجائزة نوبل للسلام لعام 2024، حيث تصدر القائمة مراقبو الانتخابات .
وقال هنريك أوردال “إن الديمقراطية أصبحت هذا العام على المحك حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم في بلدان يتجه سكانها إلى صناديق الاقتراع، واصبح لا يقتصر الأمر على بلاد الديمقراطيات. وتُظهِر الأبحاث أن الدول الديمقراطية أكثر سلمية واستقرارًا. ولأن الانتخابات تشكل حجر الزاوية للديمقراطية، فإن مراقبي الانتخابات يلعبون دورًا محوريًا في تشكيل التصورات حول شرعية العمليات الانتخابية.
إن منح جائزة نوبل للسلام لمراقبي الانتخابات يرسل رسالة قوية حول أهمية الانتخابات الحرة والنزيهة ودورها في السلام والاستقرار”.
تضم قائمة هذا العام 2024 خمسة مؤسسات ومنظمات مدنية وشخصيات قيادية فى تلك المنظمات العالمية وجاءت على النحو التالي :
١- مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
٢- غرف الاستجابة للطوارئ في السودان.
٣- منظمة الأونروا ( غوث وتشغيل الاجئين الفلسطينين واضيف إليها السوريون بعد الحرب فى سوريا) ومفوضها
العام (Philippe Lazzarin )
فيليب لازارين هو المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.
٤- محكمة العدل الدولية
٥- اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة). ومجلس أوروبا. مجلس أوروبا عضو رسمي فى الأمم المتحدة بصفة مراقب، وبالرغُم من اعتباره منظمة دولية، لكنه لايستطيع مجلس أوروبا سن القوانين كما تفعل الحكومات، ولكن يمتلك القدرة على الضغط والدفع نحو تنفيذ الاتفاقيات الدولية التي توصلت إليها الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بشأن العديد من المواضيع المختلفة.
ويُعتبر المجلس الهيئة الرئيسية لاتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي.
يقدم مدير معهد PRIO لأبحاث السلام قائمته الخاصة للمرشحين لجائزة نوبل للسلام كل عام ، مشفوعة برأيه حول المرشحين الأكثر استحقاقًا للجائزة، استنادًا إلى تقييمه المستقل.
وتُعتبر وجهة نظر مدير معهد (PRIO ) لأبحاث السلام بشأن المرشحين الجديرين بنيل جائزة نوبل للسلام وجهة نظرة مقدرة على نطاق واسع، وقد درج على تقديم قائمة مُرشحيه منذ عام 2002 وتعد هذه القائمة الثامنة التى يقدمها مدير المعهد منذ توليه منصب المدير.
فى الوقت نفسه لا يرتبط معهد أبحاث السلام ومديرة هنريك أوردال بأى روابط بمعهد نوبل للسلام الذى تأسس في عام 1904 ومقرة الآن في قلب مدينة أوسلو بالنرويج، وهو معهد يتيح لك الفرصة للإطلاع الواسع على العديد من المعارف ومن خلاله تتمكن من معرفة الحائزين على جائزة نوبل للسلام وأنشطتهم بالإضافة إلى التاريخ الرائع للأفريد نوبل.
وأيضاً المعهد مستقل وليس له ارتباط بلجنة نوبل النرويجية ، وهى لجنة مكونة من خمسة أفراد مسئولين عن اختيار الفائزين لجائزة نوبل للسلام.
يُرجح أن الفريد نوبل كان يعتبر النرويج أكثر ملاءمة لمنح جائزة السلام، حيث لم يكن لديها نفس التقاليد العسكرية مثل السويد.
ووفقًا لوصية نوبل، يتم منح جوائز نوبل في الفيزياء و الكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب والأدب في ستوكهولم، السويد، بينما يتم منح جائزة نوبل للسلام في أوسلو، بالنرويج.
سنستعرض وجهات نظر المعهد فى تعزيزه للقائمة التى قام باعدادها للمنافسة فى الترشُح لنيل جائزة نوبل للسلام وفقًاللترتيب الذى خرجت به.

1- مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR)التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) .
من مهام مراقبة الانتخابات في جميع الدول المشاركة والبالغ عددها 57 دولة.
كما يقدم المكتب المساعدة الفنية لتحسين الإطار التشريعي والإداري للانتخابات في بلدان محددة.
إن عمل المكتب المتمثل فى ضمان حرية الانتخابات ونزاهتها من شأنه أن يجعله يستحق جائزة نوبل للسلام لهذا العام.
ومن بين المرشحين البارزين لدورههم و مساهمتهم في تعزيز الديمقراطية من خلال الانتخابات مركز كارتر الذي راقب 115 عملية انتخابية في أكثر من 40 دولة، وكذلك الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) الذي يكافح قمع الناخبين في الولايات المتحدة.
من المقرر أن يكون عام 2024 عام انتخابات تاريخي. حيث يتجه عدد قياسي من الناس في جميع أنحاء العالم إلى صناديق الاقتراع. وعلى هذه الخلفية، تتعرض الديمقراطية لضغوط في أوروبا والعالم، بسبب صعود الحركات غير الليبرالية والأنظمة الاستبدادية. ووفقًا لأبحاث الديمقراطية من V-Dem، فإن عددًا أكبر من سكان العالم يعيشون في ظل أنظمة استبدادية اليوم مقارنة بما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان ، كما أن عدد البلدان التي تتجه نحو الديمقراطية آخذ في الانخفاض. إن الحفاظ على ركائز الديمقراطية أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
2- غرف الطوارئ في السودان
لقد أدى الصراع المسلح الذي اندلع في السودان في أبريل 2023 إلى دفع البلاد إلى واحدة من أشد الأزمات الإنسانية خطورة في العالم.
حيث نزح أكثر من 10 ملايين شخص داخل البلاد، وفر مليونى شخص إلى الدول المجاورة. لقد واجه النظام الدولي صعوبة في تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة، مما دفع شبكات المساعدة التطوعية التي تقودها المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في السودان إلى التدخل وتقديم خدمات منقذة لحياة الملايين من النساء والرجال والأطفال.
ومن المبادرات الجديرة بالاعتبار غرف الاستجابة للطوارئ، التي تقدم الرعاية الطبية وغيرها من الخدمات للمتضررين من النزاع.
وتعمل هذه المجموعات بطريقة لامركزية، حيث تقدم المساعدات الإنسانية الأساسية في بيئة صراع معقدة للغاية، مع محدودية الوصول إلى المتضررين والنقص الحاد فى الموارد وانهيار تام للبنية لاساسية فى الدولة. وكثيراً ما يعمل المتطوعون في مناطق غير آمنة، ويواجهون تهديدات بالعنف والمضايقات من الأطراف المتحاربة.
وبما أن عام 2024 يصادف الذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقيات جنيف المعدلة، والتي تم توسيع نطاقها بهدف حماية المدنيين أثناء الحرب، فإن منح جائزة السلام لهذا العام لمبادرة إنسانية تستحقها بجدارة لابد أن يكون لمثل غرف الاستجابة للطوارئ فى السودان، لأن هذا من شأنه أن يٌسلط الضوء على الأهمية البالغة لوصول المساعدات المنقذة للحياة في أوقات الصراع والنزاعات لمن هم فى حاجةإليها.
3- منظمة الأونروا ( غوث وتشغيل الاجئين الفلسطينين واضيف إليها السوريون بعد الحرب فى سوريا) ومفوضها
العام (Philippe Lazzarin ) فيليب لازارين.
تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط (الأونروا) في عام 1949 لتقديم المساعدة والتعليم والحماية للاجئين الفلسطينيين حتى يتم التوصل إلى حل سياسي
للقضيةالفلسطينينة.
واليوم، يقدم موظفوها البالغ عددهم أكثر من 30 ألف شخص خدماتهم لما يقرب من 6 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة. ويعتمد سكان غزة بالكامل تقريبًا على الأونروا للحصول على المساعدات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه.
واجهت (الأونروا) أزمة تمويل حادة لسنوات، و تفاقمت هذه الأزمة بسبب الحرب نفسها، وبشكل متزايد نتيجة لسحب الولايات المتحدة تمويلها المالى في أعقاب مزاعم إسرائيل بأن 12 مشاركًا في هجمات 7 أكتوبر كانوا من نشطاء حماس، وفى نفس الوقت من الذين يعملون لدى الأونروا.
تعاملت الوكالة التابعة للأمم المتحدة مع هذه الاتهامات وأخذتها على محمل الجد، وقامت باجراء تحقيق داخلي ومراجعة خارجية لإجراءاتها.
تطبق الأونروا آليات رقابة واسعة النطاق، مع سياسة عدم التسامح مطلقًا، ولكن ليست من بينها سياسة انعدام المخاطر.
وبناءً على ذلك، قامت المنظمة بإنهاء عقود توظيف للأفراد الذين كانت هناك مؤشرات على أنهم ربما كانوا على صلة بجماعات مسلحة.
وخلال الحرب، تعرضت الأونروا نفسها لهجمات إسرائيلية شديدة، وبحلول نهاية سبتمبر، قُتل 224 من موظفيها في غزة، وتضرر 190 منشأة تابعة للأونروا.
ولكن يظل عمل الأونروا ضروري للغاية لتجنب وقوع كارثة إنسانية في غزة.
إن منح جائزة نوبل للسلام للوكالة والمفوض العام لها فيليب لازارين من شأنه أن يبعث برسالة قوية حول دورها الفعال في دعم حياة الملايين من النساء والرجال والأطفال الفلسطينيين.
4- محكمة العدل الدولية.
تأسست محكمة العدل الدولية في عام 1945 بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتسوية النزاعات القانونية بين الدول وتقديم المشورة بشأن المسائل القانونية داخل الأمم المتحدة. ومع انضمام جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، أصبحت المحكمة آلية متعددة الأطراف مقبولة عالميًا لحل النزاعات.
تكتسب آليات حل النزاعات سلميا بين الدول أهمية خاصة للحفاظ على السلام ودعمه في عالم يتزايد فيه الاستقطاب.
حيث تعمل محكمة العدل الدولية على تعزيز السلام من خلال القانون الدولي، على غرار تعزيزه من خلال مؤتمرات السلام، ويُعد هذا إنجاز آخر تم تسليط الضوء عليه في وصية ألفريد نوبل.
وستكون محكمة العدل الدولية المرشح الأجدر لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2024 إذا رغبت لجنة نوبل في الاعتراف بأهمية التعاون المتعدد الأطراف من أجل اقامة علاقات سلمية.
إن منح محكمة العدل الدولية جائزة نوبل للسلام قد يكون أمراً غير مثير للجدل إلى حد كبير،في يناير من هذا العام، اتخذت المحكمة قراراً جريئاً عندما أمرت إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
بالإضافة إلى ذلك، تحركت في أوائل مارس 2022 وقامت بإصدار أمر إلى روسيا تطالبه فيها “بتعليق العمليات العسكرية على الفور” في أوكرانيا.
ومن بين المرشحين الآخرين المستحقين للحصول على جائزة تُركز على احلال السلام من خلال القانون الدولي المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الهيئات الإقليمية مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان و المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان.
5- اليونسكو ومجلس أوروبا.
تشكل المؤسسات التعليمية جزءًا لا يتجزأ من تنمية المجتمعات المتسامحة والمتضامنة والديمقراطية.
إن أحد المجالات المهمة بشكل خاص هى الطريقة التي يتم بها تدريس التاريخ. إن التأكيد على أن تكون هناك وجهات نظر متعددة ومتنوعة في تدريس التاريخ أمر بالغ الأهمية لتطوير فهم وقبول المجموعات والمجتمعات الأخرى غير التى تنتمى إليها، و ويساهم في مواجهة الروايات الزائفة والشوفينية.
كانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رائدة في تطوير وتعزيز ” multiperspectivity” تعددية المنظور في تدريس التاريخ. والتى تعنى أن تتم دراسة التاريخ وفهمه من خلال وجهات نظر مختلفة. مما يساعد الطلاب على تطوير المهارات التي تمكنهم من البحث في الماضي من خلال مصادره الأولية والثانوية ومعالجة جميع الروايات التاريخية على أنها روايات متحيزة ومفتوحة للتساؤل.
مما يمهد لإدراج مجموعة متنوعة من وجهات النظر والمصادر الدقيقة المستندة إلى الحقائق حول القضايا
الاجتماعية والثقافية.
تؤكد اليونسكو على أهمية فهم التاريخ في سياق عالمي فضلاً عن تطوير وجهات نظر إقليمية متكاملة. ومن خلال تقديم التوجيه والدعم لمؤلفي كتب التاريخ المدرسية، والعمل على إرساء معايير عالمية لتدريس التاريخ، تعمل اليونسكو على تعزيز التعليم كأداة للتنمية السلمية.
وعلى نحو مماثل، يعمل مجلس أوروبا على دعم تدريس التاريخ كوسيلة لدعم التفكير النقدي وتعزيز المشاركة والممارسة الديمقراطية.
إن مجلس أوروبا، الذي يؤكد على أهمية بناء المعرفة التاريخية من خلال المعايير العلمية الراسخة، يدعم عدداً من المبادرات العلمية فضلاً عن العمليات السياسية.
ومن المؤكد أن جائزة نوبل للسلام التي تهدف إلى تعزيز السلام من خلال تعليم التاريخ سوف تتوافق مع دعوة ألفرد نوبل إلى “الإخاء بين الأمم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *