هالة وبناتك عيونن صفاهن سماي
بقلم: خالد فضل
سأذكر الآن بسعادة غامرة تلك الشابة السمراء الأنيقة في بساطة الفستان، دارسة اللغة الإنجليزية وآدابها في بحر الثمانينات من قرن مضى، هناك عند سفح جبل كجور ومنحنى النهر صحبة الرجاف، ليس بعيدا عن خط الإستواء أوان النضج، تفتُّح أكمام الشباب الغض على سحر التنوّع وأريحية التعددية ونكهة الوطن المرجو حدّادي مدادي، ومحجوب ظلّ قريبا قريبا جدّا من نبض الشعب كل حلم بداهو يتم، وكذا هالة الكارب.
سنوات وسنوات انقضت، وخلالها تبددت أحلام، وانشرت آلام، وبت الكارب لم يزغ منها البصر ولم تغادرها البصيرة؛ تلك المنحة الإلهية التي يهبها من يشاء من أوليائه الصالحين، وعند حبيبنا علاء الدين بشير (المدافعون عن حقوق الإنسان هم أولياء الله الصالحين في هذا العصر الحديث) قالها علاء بهدوء العارف بالله وسكّة اليقين، وهالة من السالكين. وكان لابسا الفستان، وانحياز لقيمة الإنسان، وعلى درب التميّز سارت واثقة الخطوات. كاتبة رصينة، عندما تخط الكلمة توزن بمعيار الثقافة الأعلى، وحذق الخبرة الأدق، وحينها تكون (صيحة) وعي؛ في لجب الضجيج؛ مبادرة استراتيجية لنساء القرن الإفريقي، ويكون الرصد والتوثيق والخطة والتنسيق ورفع الوعي والتنفيذ مبادرات مستمرة، وإصدارات محكّمة وتقارير موثوقة، ومصادر مرموقة، وجهود مبذولة تنهض بقيمة المرأة في هذا القرن الجغرافي من إفريقيا إلى مصاف القرن العالمي في حساب الزمان الإنساني وهي ضمن أخريات عددهن (100) بفضل صمودهن يسعين لتحقيق التغيير بينما يتغيّر العالم من حولهن، لتحظى عن استحقاق رفقة أولئك المميزات عطاء وفيهن من حازت على جائزة نوبل لهذا العام، بتقدير معنوي يليق بها لدورها القيادي في منظومتها الحقوقية، وبتلك السيدة السودانية الطبيبة صفاء علي محمد يوسف استشارية النساء والتوليد، التي دافعت عن زملائها ومرضاها ورفضت المغادرة تحت لهب القصف في حرب السودان المدمرة حتى تمّ إجلاء هم جميعا إلى مكان آمن، كونهن ضمن قائمة المائة الأكثر تأثيرا في العام 2024م وفق ما صدر عن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وهو تقييم منصف من هيئة مرموقة تجتاز سمعتها ومصداقيتها آفاق الكون بعدة لغات حيّة.
التحية عبر هالة وصفاء لكل النساء اللواتي يضعن بصمة مختلفة على مذاق الحياة، الأمهات اللاتي يكافحن في الفلوات ومنحنيات الأسواق، ويفدين بناتهن بتحمل جرح الإغتصاب مثلما سجّلت وقائع قذارة حرب السودان من إمتهان لكرامة الإنسان، التحية لهنّ في كل مضمار مثمر من أوجه الحياة بكل أعبائها وأسقامها وأحزانها ومسراتها القليلة،الصحفيات والإعلاميات والمبدعات المثابرات على تخوم الإنتهاكات القهر والحبس حتى القتل، الصامدات في غرف الطوارئ بشتى التخصصات، نساء بلادنا الماجدات الرفيقات الأميرات الزميلات المناضلات من السياسيات، وأؤلئك العابرات منهن لحدود التنظيمات عبر منصات الوعي المدني في عديد المنظمات، بفضل جهودهن يحدث بعض تقدّم في سكة تخفيف الويلات التي تحيق ببني الإنسان في هذا القطر؛ السودان. ويظل محجوب شريف ملهما، بناتك عيونن صفاهن سماي وهيبة رجالك بتسند قفاي .