إنقسامي تجمع المهنيين السودانيين وتحالف تقدم، أو ما أشبه الليلة بالبارحة
بقلم: محمد بدوي
التطورات التي شهدها تحالف القوي السياسية السودانية الذي عرف اختصارا ب”تقدم” بالإنقسام إلي مجموعتين في ١٠ فبراير ٢٠٢٥ ، وجاءت خلفية ” تقدم ” كتحالف يدعو لوقف الحرب في السودان، وكان قد ضم قوام غالب من المشاركين في مناصب دستورية، وتنفيذية إضافة إلي احد أجنحة تجمع المدنيين السودانيين خلال الفترة الإنتقالية التي قطع إستمرارها إنقلاب ٢٠٢١ ثم حرب أبريل ٢٠٢٣ بين الجيش والدعم السريع في السودان.
الخلفية التي أعلن بها التحالف اجندته لوقف الحرب، جعلت المجتمع الدولي يراهن عليه كمركز لقراراتها الموجه لطرفي الحرب بايقافها وإعادة المسار المدني بشكله السابق لانقلاب ٢٠٢١، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ما دعا للانقسام والتي برزت خلال المواقف ورغبة مجموعة داخل تقدم في تكوين حكومة تنفيذية في مناطق سيطرة الدعم السريع، ويأتي هذا الامر في ظل إستمرار الحرب، وانعكاس تراجع الموقف المساند لجهود وقف الحرب، ومن جانب فإن الحكومة المرتقب إعلانها في تلك المناطق بالضرورة ستعمل تحت مظلة الدعم السريع ولو بالتنسيق نظرا لبعض الاهداف التي تم إعلانها للمضي في تلك الخطوة، لان مفهوم اي سلطة في ظل استمرار الحرب الحماية لممارسة مهامها، والتي من البديهي ستكون من قبل وتحت اشراف الدعم السريع، الخضوع للهياكل التي أعلنها مسبقا الدعم السريع في مناطق سيطرته كوكالة الإغاثة التي أعلنها قائد الدعم السريع في أغسطس ٢٠٢٣ كجسم مواز لمفوضية العون الانساني، الخاضعة لوزارة الرعاية الاجتماعية حسب هياكل الحكم في الوثيقة الدستورية ٢٠١٩.
ايضا من الأهداف التي اعلنت ضمن مهامها الحكومة هي تسهيل وصول المساعدات للمدنيين ، الأمر الذي يقود للتساؤل عن الحلول التي يمكن أن تحقق ذلك؟ وأولها الاعتراف بهذه السلطة من المجتمعين الإقليمي والدولي هو المحك وهو أمر الإجابة في حال الإجابة عليه إفتراضا بالإيجاب يعني الاعتراف الدبلوماسي بالضرورة حتي يتسق الأمر وتوفير وضع قانوني لوكالات الإغاثة والدول التي تقدم مساعدات بالإضافة إلي المنظمات الدولية، هذا التعقيد يقف على ان الأمر سيرتب نتائج سياسية مرتبطة بسيطة مستقلة عن حكومة بورتسودان!
إن مسألة الإعتراف الدولي والاقليمي بالحكومة المرتقبة ينظمها العرف الدستوري، ويأتي في حالة الحكم الذاتي، أو انفصال سلمي عبر استفتاء منصوص عليهما دستوريا أو في وثيقة لاتفاق سلام معترف بها، أوتنفيذ لاحكام وثيقة تاريخية ليست محل نزاع، تمنح لاحد الأقاليم الحق في الحكم الذاتي او الانفصال بعظ فترة زمنية مشتر اليها، وهذا يطرح سؤال الوضع في إقليم دارفور ولا سيما الهجوم على الفاشر كاخر عاصمة بولايات دارفور الخمس لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع !
لا تثريب ان طبيعة الحرب في السودان مرتبطة بالسلطة والموارد، فكلا الطرفين له اهدافه المرتبطة بالسلطة، وهو ما دعي لقطع الطريق على الفترة الانتقالية، لإخراج المدنيبن من معادلة السلطة أو بصيغة أخري قطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي، لذا فإن انقسام تقدم بغض النظر عن الاتفاقات أو الاختلاف معه يعني أضعاف للمكان المدني السلمي ولبغض الاحزاب السودانية، والدولة السودانية لان ما سينتج عن الممارسة قد يقود إلي واقع مختلف، بما سؤالا جوهريا مستند على طبيعة الدعم السريع يكشف عن جسم عسكرية مع غياب الجسم الحزبي تحت مظلتة وإشرافه، فهل موافقته على الحكومة التنفيذية في مناطق سيطرته ستكون بصيغة التحالف مع الأجسام الراغبة في ذلك؟ أم تحول تلك الأجسام إلي جسم سياسي تحت اشرافه ؟ يسند ذلك سؤال آخر ماهي المصلحة السياسية لكلا الطرفين سواء الدعم السريع أو المجموعة المعلنة للتحالف معه ؟فقد سبق الدعم السريع المشهد بتكوين إدارات مدنية في مناطق سيطرته، لا زال البعض منها قيد الواقع وواخري كالنموذج الذي أعلن في ود مدني عاصمة الجزيرة عصفت به تحولات الحرب!
بالنظر الي الراهن فإن ما يحدث يمثل إمتداد للقضايا التي اغفل معالجتها في حينها، فانقسام تقدم يمثل امتداد لأسباب انقسام تجمع المدنيين السودانيين في وقت سابق عقب سقوط نظام المؤتمر الوطني في ٢٠١٩، وفشل القوي السياسية والمدنية في التنسيق لوقف الحرب وتكوين جسم وطني مناط به تمثيل الضلع الرئيسي الغائب من المعادلة وهم المدنيين، مع الأخذ في الاعتبار ان الأمر سيكشف عن تأثير على النقابات والأجسام المدنية التي أقحمت في قوائم التحالفات السياسية في خطل ظل مستمرا حول علاقة النقابات والمنظمات المدنية بالسلطة التنفيذية والسياسية.
أخيرا: اعلان حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع تدفع أسئلة و سيناريوهات حول سياق مسار العلاقات التي طرحناها أعلاه؟ ترتب الإجابة عليها إجابات مهمة حول المسؤؤلية السياسية، القانونية حول السجل الحقوقي المرتبط بحماية المدنيين واوضاعهم فواجب الحماية حالة ملازمة لأي سلطة تعلن مسؤوليتها عن ادارة أو الإشراف على مناطق محددة تحت سيطرتها، هذا إضافة لمسىولية اي طرف عسكري خارج ذلك من الالتزام بحماية المدنيين، اي بصيغة أخري ان الجديد ان السلطة المدنية المرتقبة ستكون إضافة للاجسام المناط بها المسؤولية وفق للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان اللتان تحكمان حالة الحرب الراهنة في السودان!!!