الإثنين, أبريل 29, 2024
مقالات

حكومة الفترة الانتقالية..أزمات خانقة وإرادة للعبور (2)

بقلم: حسين سعد
وضعت الأزمة المستحكمة الحكومة الانتقالية في وضع لا تحسد عليه، حيث جعلتها تواجه استحقاقات كبيرة ومطلوبات عاجلة لا تحتمل التأجيل وسداد فواتير ضخمة ماطل النظام الفاسد المدحور في سدادها، فضلاً عن ورثة الجهاز التنفيذي لمشكلات مرحّلة منذ الاستقلال والحكومات الوطنية مروراً بتركة النظام البائد الذي دمر كل شئ. عموماً إن الأزمة التي تضرب بأطنابها في كل أركان البلاد هي أزمة سياسية اقتصادية بامتياز، وكما قال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك (ورثنا تركة مثقلة بالخراب)، (تنبيه) كنت بصدد المواصلة في نشر الحلقات تباعاً لكن قضية تعيين ولاة الولايات وتداعياتها جعلتنا نتابع البيانات التي صدرت ومدى تأثيرها على تماسك لحمة مكونات قوى الحرية والتغيير اهشة اصلا.
تأجيل تعيين الولاة:
قلنا إن الشراكة الثلاثية ومصفوفة الفترة الانتقالية معطوبة من حيث طريقة وضعها التي انتقدها الخبراء والمختصون ومن حيث تواريخها وها هي الأيام تؤكد صحة ما ذهبنا إليه من تحليل، وفي أول تنفيذ عملي للمصفوفة في قضية تعيين ولاة مكلفين إلى حين التوصل لترتيبات مع الجبهة الثورية، قال موقع (سودان تربيون) إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قرر السبت تأجيل تعيين حكام الولايات، حيث كان من المقرر إعلان ولاة الولايات يوم السبت 18 أبريل وفقاً لاتفاق جرى بين شركاء الحكم الانتقالي وضعت بموجبه مصفوفة زمنية لإكمال هياكل السلطة، وقال السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء البراق النذير الوراق، حسب (سودان تربيون): (لن يتم إعلان حكام الولايات اليوم)، ونبه إلى أن رئيس الوزراء لا يزال يجري مشاورات مع قادة الجبهة الثورية.
الالية المشتركة:
ومن جهتها أوضحت الآلية المشتركة لمتابعة تنفيذ مصفوفة مهام الفترة الانتقالية التي أجازها مجلسا السيادة والوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير مؤخراً، اوضحت أن تكليف الولاة المدنيين اعترضته عدد من العقبات أهمها اعتراض الجبهة الثورية على تلك الخطوة عبر خطاب قدمت فيه عدداً من المقترحات، وأعلنت عن تشكيل لجنة مشتركة لتكوين المجلس التشريعي في وقته المضروب وستعقد أول اجتماعاتها اليوم.وأعلنت الآلية بحسب تعميم صحفي من إعلام مجلس السيادة الانتقالي أنه تم الترتيب لعقد اجتماع لمجلسي السيادة والوزراء يوم الثلاثاء القادم بغرض سن عدد من التشريعات والقوانين التي تأجل إقرارها خلال الفترة الماضية.
الاجسام المطلبية:
وبدوره قال تجمع الأجسام المطلبية – تام – في بيان له :في هذا الظرف الداخلي والإقليمي والدولي الدقيق والمعقد والاستثنائي – إثر جائحة كورونا – لا يمكننا النظر إلى مهام ثورتنا، وآمالها وتطلعات الثوار تتلاشى، بفعل تقاطعات المصالح أو تنامي الأنانية وتمدد سطوة الاستحواذ ، ونرى حياداً لقوى الحريه والتغيير وأجهزتها السيادية والتنفيذية وخروجاً عن الوثائق التى كانت ق ح ت جزءاً ممن صاغوها رغم كل تحفظ ممكن ومتوفر – وأدى ذلك إلى تعطيل تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، فقد اعترى أداء الجهاز التنفيذي تخبط مريع في القرارات، وتأخير ضار في اتخاذ خطوات هامة، ذلك الذي جعل فلول النظام البائد تواصل بث سمومها عبر وسائط الإعلام التي لم تمس حتى الآن، بل تعود للتظاهر علناً وتفاخر بكسر أي قرار رسمي حتى تلك المعنية والمرتبطة بصحة وسلامة المواطنين.
انتقال ممرحل:
ومضى البيان للقول إن الوثيقة الدستورية فوضت رئيس الوزراء لاختيار الولاة، ولم يكن التفويض للمجلس المركزي للحرية والتغيير، كما أنه ليس من مسؤوليات رئيس الوزراء تحمل تبعات عدم قدرت ق ح ت على التوافق في اختيار ثلاثة مرشحين من كل ولاية، وليس على الشعب أن يتحمل تبعات التشاكس المزمن والذي كان سبباً في ضياع مكاسب كل الثورات السابقة، إن تحقيق السلام الشامل ومعالجة جذور الأزمة بما يضمن عدم اندلاع أي حرب في المستقبل هو هدف أساسي من أهداف الثورة، كما أن تكملة بناء مؤسسات الحكم المدني المتمثلة في خطوات تعيين ولاة مدنيين وتشكيل مجلس تشريعي وما يليها من خطوات هو أحد وسائل الانتقال الممرحل نحو الديمقراطية الراسخة، جنباً إلى جنب مع تحقيق متطلبات العدالة الانتقالية ومحاسبة كل مجرمي الحرب ومرتكبي إنتهاكات حقوق الإنسان، مضى العام الأول في المطالبة بضرورة تصحيح الأداء بتطوير الميثاق الحاكم للحاضنة السياسية (قوى الحرية والتغيير) وإعادة هيكلتها بحيث تضمن تمثيل فعلي لقوى الثورة من شباب ونساء ولجان مقاومة والقوى الثورية والقطاعات الفئوية الحية.
محاصصات:
وتابع بيان تجمع الأجسام المطلبية: إلا أننا نرى أن استمرار سلوك المحاصصة الحزبية مدعاة للتناول المقاوم والواضح، لأنه لا يستقيم أن تختزل كل نضالات الشعب السوداني الجسورة في تجاذبات ومحاصصات لا ترتقي لعظمة التضحيات، في ظل تنامي الأزمة الاقتصادية الطاحنة والمؤثرة على معاش الناس ووسط انسداد أفق قوى الحرية بها فوجئ الشعب السوداني بقائمة أسماء تضاف وتعيينات للمجلس الأعلى للسلام، علما بأن الوثيقة الدستورية تنص على قيام (مفوضية السلام)، ثم تواصلت المفاجأة بقرار الشروع في تكليف ولاة مؤقتين، وتزامن ذلك مع تسريب قائمة تضم أسماء الولاة القادمين، وتابعنا أيضاً ما تم داخل قوى الحرية من قبول ورفض وتحفظ وانسحاب، وأكد البيان بالقول: نحن مع التعيين الفوري للولاة المدنيين، ونرى أن ما يكابده أبناء وبنات شعبنا في كل الأقاليم ناتج عن أنه لم يطرأ أي تغيير في أغلب الولايات، بل تحول الأمر هناك إلى حكم عسكري مطلق، ودعا البيان لتمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 40%، و طرح أكثر من 3 مرشحين عن الولاية الواحدة ويكون المرجح هو الكفاءة لا فرض مرشح واحد.
حجز المواقع:
وطالب البيان بأن تتم عملية السلام بعيداً عن(فكرة المحاصصة) ليصبح سلاماً فعلياً ودائماً قائماً على كفل الحقوق والمساواة والعدالة بكل أوجهها، وأوضح أن تعيين ولاة مدنيين أكفاء لن يكون مرفوضاً من أطراف مفاوضات السلام، سيما وأن التكليف مؤقت – حسب الإعلان – لكن حجز المواقع بناء على محاصصات حزبية سيكون مرفوضاً من الجميع.وأبان تجمع الاجسام المطلبية أنه حتى يصبح لمؤتمر السلام – في أي وقت يعقد – معنى حقيقي يجب الحرص على أن يكون الهدف هو تحقيق السلام العادل والدائم والأمن لعدم تكرار الأزمة، لذا كانت الدعوة لاستكمال مفوضية السلام لأن دورها ليس مرتبطاً فقط بمفاوضات السلام بل بوضع استراتيجيات السلام الدائم.
تجمع القوى المدنية:
وفي المقابل قال تجمع القوى المدنية في بيان له إنه بالإشارة إلى رسالتنا الموجهة للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بتاريخ 1 يناير 2020، وبياننا الصادر بتاريخ 29 يناير 2020، رافضين لجملة عملية اختيار الولاة المدنيين لما فيها من تجاوزات واضحة فصلناها في الرسالة والبيان نضع أبرزها إجمالاً، خلو القائمة من أي تمثيل نسائي، كما أن الترشيح والاختيار الذي تم بواسطة المجلس تم بناءً على محاصصات حزبية ومركزية وليس كفاءات ولم يستوفِ المعايير المدرجة ودون احترام لترشيحات الولايات وبالتالي لا يمثل قوى الثورة في الولايات. وأوضح تجمع القوى المدنية أنه كان قد قام بسحب ممثليه من اجتماع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير المعني باختيار الولاة وإجازتهم بتاريخ 28 يناير 2020م احتجاجاً وانسجاماً مع الموقف الرافض لهذه الممارسة المشوهة لتمرير القرارات الفوقية دون الرجوع للقواعد، وشدد في نفس الوقت على أن الثورة في أمسّ الحوجة هذه الأيام لتعيين ولاة مدنيين بالولايات بأسرع ما يكون لتعزيز السلطة المدنية بكل أنحاء السودان، ودعا رئيس الوزراء لممارسة حقه الدستوري والتشاور لاستيعاب التنوع السياسي والجندر وقوى الهامش في قرار تعيين ولاة الولايات.
لا لقهر النساء:
وفي المقابل دعت مبادرة لا لقهر النساء بالتحرك الفوري من اجل ضمان تحقيق الحلم بالمساواة، فقد آن الأوان للتقدم خطوات جدية في هذا الاتجاه، وفي مقدمتها تعيين نساء في مناصب مهمة مثل الولاة . فلا يخفى علينا الدور الكبير الذي لعبته المرأة السودانية وعلى مدى التاريخ في تصديها للدكتاتوريات العسكرية. فقد ساهمت بصورة لافتة وكبيرة في ثورة ديسمبر ورفعت شعاراتها حرية..سلام…وعدالة ولاقت ما لاقت من اعتقالات و انتهاكات،أننا نرى بأن الاقصاء الممنهج من قبل قوي الحرية والتغيير في طريقة تعيينها للولاية طرقا غير مقبولة، ولا تلبي مطالب النساء، وهي تتسم بعدم العدالة، وأهابت المبادرة كافة التنظيمات النسوية الجماهيرية والمدنية بالعمل معا لرفع مذكرة موحدة للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ولرئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، تعبر فيها عن رفضها التام لطريقة اختيار الولاة ولغياب مشاركة المرأة وفقا للوثيقة الدستورية التي تنص على مشاركتها بنسبة 40%
تجمع المهنيين:
الي ذلك ابدى تجمع المهنيين السودانيين، اعتراضه على أربعة من ترشيحات حكام الولايات، بسبب التجاوزات التي صاحبت عملية اختيارهم من قبل التحالف الحاكم،وأكد التجمع عدم اعترافه بعملية التصويت التي جرت داخل المجلس المركزي، بسبب مخالفتها لائحة المجلس التي تقول إن التصويت يجب أن يكون على أساس الكتل، مطالبًا بضرورة التقيد باختيار الحكام حسب الترتيب الوارد من ترشيحات الولايات،وأبدي التجمع تحفظه على غياب تمثيل النساء في قائمة حكام الولايات.وأضاف: نطالب بتعيين الحكام من قائمة الترشيحات، عدا ولايات الخرطوم والشمالية وشمال ووسط دارفور، وينبغي مراجعة عملية الاختيار لهم في غضون 72 ساعة.
الحركة الشعبية :
وفي المقابل ايدت الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة القائد عبد العزيز الحلو مساعي الحكومة السودانية لاستبدال الولاة العسكريين بمدنيين،وقالت الحركة الشعبية، في بيان لها إن السلام لن يتحقق دون تحقيق التحول الديموقراطي،وأضافت:تحقيق السلام لا يتحقق بالمحاصصات وتقاسم السُلطة بطريقة نخبوية بين هذا وذاك، وإنما بمخاطبة جذور الأزمة التاريخية التي قادت إلى إشعال الحرب،وذكر البيان إن وضع حلول جذرية لهذه الأزمات، من شأنه عدم تجدد الحرب مرة أخرى،وأشارت الحركة الشعبية إلى أن تحقيق أهداف الثورة، المتمثلة في إنهاء حكم الفرد وسياسات عدم المساواة والإقصاء والتهميش، وبناء دولة القانون والحرية والسلام والعدلة، لا يمكن تحقيقها إلا عبر سُلطة مدنية في كافة مستويات الحُكم.(يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *