الجمعة, نوفمبر 22, 2024
سياسة

العدالة الانتقالية.. تحذير من الإهمال ومخاوف من الانهيار

الخرطوم: مدنية نيوز 

شغلت قضية العدالة الانتقالية الأوساط الحقوقية في السودان، وذلك مع انطلاقة الفترة الانتقالية، حيث حذر الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وفض النزاعات د.سليمان بلدو، من مخاطر تجاهل تحقيق العدالة الانتقالية في السودان، ولفت إلى أن ذلك سيؤدي إلى استمرار الاحتقان وانفجار الأوضاع.

وقال بلدو في محاضرة بمركز الألق للخدمات الصحفية 23 سبتمبر الماضي، حول ( العدالة الانتقالية وتطبيقاتها الممكنة بالسودان)، إن العدالة الانتقالية لن تتم في الوقت الراهن إلا بإصرار، واعتبر أن الانتقال في السودان انتقال قسمة سلطة، وليس انتقال الشرعية الثورية، وزاد (لابد أن نتوقع ردة فعل إذا أردنا المضي في تحقيق عدالة انتقالية)، وحذر من هشاشة الوضع وقابليته للانهيار ما لم يتم التدخل.

وذكر أن التعويضات وجبر الضرر يستلزمان بحث عن الحقيقة عبر لجان التحقيق، ونبه لأهمية الوصول لحجم الجرائم وطبيعتها وتحديد المسؤولين عنها ثم الإحالة للأجهزة القضائية، وأبان أن المسؤولية الجنائية تتمثل في تحديد الأشخاص الأكثر مسؤولية عن الجرائم، وأوضح أن ذلك العمل يتطلب التحقيق على نطاق واسع في مناطق النزاعات والاستماع للضحايا وأسرهم والناجين وحصر الضحايا والضرر، وأشار إلى أن جزء من تلك الانتهاكات يذهب للمحاكم أو يتم الدخول في برنامج قومي للعدالة الانتقالية.

أهمية الضغط الشعبي:

ونوه الخبير الدولي في العدالة الانتقالية إلى أهمية المبادرات الشعبية وضرورة أن تستبق العمل الرسمي في العدالة الانتقالية، وقال إن الدولة لها مسؤولية في الاعتراف بما حدث، وإن أحد الأركان يتمثل في إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية، وشدد على ضرورة المطالبات الجماهيرية والضغط لتحقيق ذلك باعتبار أن المؤسسة العسكرية عصية على الإصلاح، وتمسك بالإصلاح القانوني والمؤسسي باعتباره ركناً رئيسياً، بجانب العدالة (الجندرية) (النوع) لأن المرأة عنصر مستهدف في الحرب عبر الاغتصاب.

وذكر بلدو أن مفهوم العدالة الانتقالية ليس وافداً، وأن دارفور بها صلح قبلي، وقطع بوجود أداة تقليدية لمنع الصراعات أو معالجتها بعد حدوثها.

المحاكمات ركن رئيسي:

وأبان بلدو أن هناك فهم بأن العدالة الانتقالية هي تقويض لمفهوم المحاسبة الجنائية على الانتهاكات، وتابع: (العدالة الانتقالية لها متطلبات وأركان ومفهوم المحاسبة الجنائية هو الأصل فيها)، وشدد على أن العدالة الانتقالية لا تعني الإفلات من العقاب، وأن المحاكمات ركن رئيسي في الانتهاكات، وتمسك بأهمية الاعتراف بالجرائم لتجاوز الظلم ووضع المعالجات والتعويض، ووصف التعويضات الفردية بالصعبة، ولفت في الوقت ذاته إلى امكانية التعويض في الجرائم الأكثر جسامة والتي مثل لها بـ (القتل، الاغتصاب، الإعاقة المستديمة والتعذيب)، وأكد مفهوم التنمية التعويضية.

وأوضح الخبير في مجال العدالة الانتقالية سليمان بلدو أن مفهوم جبر الضرر يكون لما لا يمكن أن يعوض مالياً مثل (الاختفاء، القتل) وأبان أن جبر الضرر بمفهوم العدالة للضحايا بمناطق وقبائل بأكملها لتحقيق نهضة المجتمعات وتعويضها. 

ولفت بلدو إلى ما حدث باستهداف رموز الثقافات المحلية مثل قصف الكنائس والمساجد، بالإضافة إلى استهداف المدارس والمستشفيات والمزارع، مما أدى إلى الغبن وعدم الثقة، وأكد ضرورة حفظ ذاكرة المجتمعات لإعادة الثقة والعودة للجذور في المجتمعات التي دمرت مواقع حفظ التراث فيها.

وأمن بلدو على أهمية تحقيق السلام الشامل، وضرورة التجريد من السلاح وإعادة تأهيل المؤسسات التي حدث لها تشويه مع الإصلاح الاجتماعي الشامل، وذكر أن من مزايا العدالة الانتقالية أنها تحقق الانفتاح في المجتمع وتؤدي لحوار، ونبه إلى أن هناك مجتمعات في العالم حدثت فيها جرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع، وتأتي ظروف تطور تدع تلك المجتمعات تخرج من فترات القهر ويحدث الانتقال، لبلوغ المجتمع مرحلة النظر في ذلك القهر، والوصول للعدل بالاعتراف ووضع المعالجة والتعويض، ومثل لذلك بتجربة المغرب في العدالة الانتقالية.

الحكمة وتهديد الفترة الانتقالية:

ومن جانبه أكد د. النور حمد، أهمية التشبيك الجماهيري ورفع الوعي بالعدالة الانتقالية وتجنب ما وصفه بالغرق في الجزئيات، وقال(نحتاج لحكمه لأن الفترة الانتقالية مهددة بعدم الاستمرار)، وزاد ( لابد ان تعاد الحقوق ونحتاج للذهاب لمناطق الاحتكاكات وتحديد ماذا نكسب وماذا نخسر)، وتمسك بعدم ضياع الحقوق، وأشار في الوقت ذاته إلى أن هناك ما يمكن تحقيقه في وقت لاحق، وتمسك بالمخرج الآمن (save exit)، في وقت رأى د. سليمان بلدو أن ذلك ليس بدعة وقد يكون لفترة مؤقتة لتأمين مسار الانتقال، وشدد على أن العدالة ستطال المجرمين في النهاية.

ومن جهتها ذكرت أسماء محمود محمد طه، (في العدالة الانتقالية لا نتوقع أن نحقق كل الأشياء ويمكن التنازل لمواصلة المسيرة)، ومثلت لذلك بتنازلهم في قضية اغتيال الأستاذ محمود محمد طه، من أجل حفظ الحق العام، وأردفت ( يمكن التنازل عن بعض الأشياء لاكتساب بعض الحقوق).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *