انتهاكات على أعتاب الدولة المدنية
الخرطوم: مدنية نيوز
شغلت قضية فصل (23) صحفياً ومصمماً ومدققاً لغوياً من صحيفة (الجريدة) و(11) صحفياً من صحيفة (ألوان)، الأوساط الحقوقية والمهتمين بقضايا حقوق الإنسان، ومما زاد الاهتمام بتلك القضايا أنها تمت في وقت يشهد السودان تحولاً من نظام شمولي مخلوع إلى الدولة الديمقراطية التي تحفظ الحقوق، في وقت حددت لجنة الدعم القانوني بالجبهة الديمقراطية للمحامين العلة في القانون، وأعلنت استعدادها للمساهمة في وضع قانون عمل خاص بالصحفيين.
تصدر للمشهد:
وتصدرت قضية فصل (23) من العاملين في مختلف المهن الصحفية من صحيفة (الجريدة) وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، وكانت التعليقات تدور حول إبراز المفارقة بانتهاك إدارة (الجريدة) لحقوق العاملين بينما تنتهج سياسة تحريرية متعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان.
وحسب البيانات التي أصدرها المفصولون فقد كانوا قد دفعوا بجملة مطالب ترتبط بتحسين بيئة العمل ووقف تدخل المدير العام لـ (الجريدة) عوض محمد عوض يوسف في الشؤون التحريرية وزيادة الرواتب، غير أن الإدارة قابلت تلك المطالب بتعسف، وأقدمت على فصل صحفيين وتخيير صحفية كانت في إجازة وضوع بين الفصل أو العمل بنظام (القطعة) بحساب مبلغ معين لكل مادة صحفية تنتجها، ورداً على تلك الإجراءات أعلن المفصولون الإضراب عن العمل، وتم رفعه بناءً على وساطة، غير أن الإدارة لم تلتزم بما اتفقت عليه مع الوساطة بإلغاء الأجراءات المتعلقة بالفصل، مما أدى إلى مواصلة الإضراب.
وطبقاً لمتابعات (مدنية نيوز) فقد بررت إدارة (الجريدة) فصلها لأولئك العاملين بتنفيذهم إضراباً عن العمل، غير أن المفصولين ردوا بأن الإضراب حق مشروع، واستندوا على حديث المدير العام لـ (الجريدة) إبّان الإضراب المشهور في الثورة السودانية والذي تم تنفيذه في مارس الماضي، حيث اعتبر المدير العام الإضراب حقاً دستورياً لانتزاع الحقوق ودافع عنه، واستنكر المفصولون على الإدارة كيلها بمكيالين.
مناصرة:
ووجدت قضية الفصل من (الجريدة) ردود أفعال ومناصرة للمفصولين، حيث دعت شبكة الصحفيين السودانيين لوقفة احتجاجية عقب فصل (4) من الصحفيين، وبعد مشاركة الصحفيين والمصممين والمدققين اللغويين في (الجريدة) في تلك الوقفة ومواصلتهم الإضراب، أقدمت الإدارة على فصلهم ليبلغ عدد المفصولين (22) مفصولاً في الثاني من سبتمبر، مما أدى إلى دعوة الشبكة لوقفة احتجاجية أخرى تم تنفيذها بمشاركة العشرات من الصحفيين والصحفيات والعاملين في المهن الصحفية المختلفة، وأعقب ذلك فصل الصحفي إبراهيم عبد الرازق ليبلغ عدد المفصولين (23) مفصولاً ومفصولة.
فصل (11) صحفياً من (ألوان):
ولم تتوقف عمليات الفصل على صحيفة (الجريدة) وحدها، فقد طالت (11) صحفياً من (ألوان) ووفقاً لبيان نشره المفصولون منها فإن الناشر حسين خوجلي قام بفصل جميع العاملين بالصحيفة، بعد نقله لمقر الصحيفة إلى منطقة الرياض بالخرطوم، وأشاروا إلى تمسكهم بزيادة الرواتب أو توفير الترحيل لتنفيذ أمر النقل، ونوهوا إلى أنهم تقدموا بمذكرة للناشر غير أنه تجاهلها، وتقدم بشكوى في مواجهتهم لمكتب العمل في (25) يوليو المنصرم، وأبانوا أن قرار الفصل صدر في (4) أغسطس الماضي.
وتوسعت دائرة التضامن لتشمل الشبكة العربية لإعلام الأزمات التي أدانت، حالات الفصل التعسفي والتشريد الجماعي، التي طالت عدداً كبيراً من الصحافيين والصحافيات مع أفراد من القسم الفني في (التصميم والتدقيق اللغوي) بصحيفتي (الجريدة) و(ألوان)، في أول (مجزرة) صحفية والبلاد على أعتاب تحول ديمقراطي بعد ثورة شعبية قضت على نظام شمولي مارس الظلم والفساد (طبقاً لبيان صدر عن الشبكة).
قانون خاص:
ومن ناحيتها أبدت لجنة الدعم القانوني في الجبهة الديمقراطية للمحامين دعمها للصحفيين المفصولين، وقال القيادي باللجنة حاتم الياس لـ (مدنية نيوز) اليوم الخميس، إن عدداً من الناشرين – ملاك صحف- فصلوا الصحفيين مما أدى إلى تشريدهم، وقال إن العلاقة بين الصحفيين وأصحاب العمل محكومة بقانون العمل السوداني، وأفاد بأن القانون يظهر إلى جانب العامل في بعض مواده إلا أنه مكرس لصالح أرباب العمل، وأشار إلى أهمية إجازة قانون يحفظ حقوق الصحفيين باعتبار أن ظروف عملهم تختلف عن بقية المحكومين بذلك القانون، ونوه إلى أن عملهم في ظل خدمة متعسفة يجعلهم عرضة للابتزاز بما يؤثر على مهامهم والرأي العام.
وأوضح الياس أن عمليات الفصل تتم للصحفيين دون حماية من الاتحاد العام للصحفيين السودانيين أو أية جهة، وأرجع ذلك إلى نظرة السلطة للصحافة والصحفيين (كشغّيلة)، ورأى أن المطلوب يتمثل في وضع قوانين جديدة حتى لا يكون الموظفون والصحفيون تحت رحمة رب العمل.
وأكد الياس استعداد لجنة الدعم القانوني بالجبهة الديمقراطية للمحامين، للمساهمة في إعداد قانون خاص بعمل الصحفيين لاختلاف ظروف عملهم عن المجالات الأخرى، وجدد تأكيدهم لتمثيل الصحفيين في محاكم العمل متى ما طلبوا ذلك.
وحدة الوسط الصحفي:
وحسب متابعات (مدنية نيوز) فإن المفصولين من صحيفة (الجريدة) يرون أن قضية فصلهم وحدت الصحفيين من خلال التضامن والمناصرة التي حصلوا عليها، ودعوا في أحد بياناتهم لاتخاذ القضية مدخلاً لوحدة الوسط الصحفي وتجاوز الاختلاف للانطلاق نحو تشكيل النقابة التي تجمعهم.