محاكمات رموز النظام المخلوع .. من قصور الحكم إلى منصات القضاء
الخرطوم: أم سلمة العشا
عقب نجاح ثورة ديسمبر 2018م، والإطاحة بنظام الحكم في (11) أبريل 2019م، أُودع قادة النظام المخلوع في سجن كوبر، وبدأت الأجهزة العدلية في تدوين الدعاوى الجنائية في مواجهتهم، فشرعت النيابة العامة وفقاً للبلاغات التي دونت ضدهم في إجراءات التحري والتحقيق حسب مقتضيات مراحل تقاضي الدعوى الجنائية، إلى أن وصلت مرحلة توجيه التهمة ومنح المتهمين حق الاستئناف في قرار التهمة، ومن ثم إحالة البلاغات للمحكمة بعد اكتمال التحقيق فيها.
ومن أبرز الملفات التي فصلت فيها النيابة العامة في مواجهة رموز النظام المخلوع (5) ملفات شملت قضايا الانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989 والفساد المالي والقتل العمد في مواجهة المتهمين ومن بينهم المتهم بقتل الشهيد حنفي عبد الشكور، وشقيق المخلوع عبد الله البشير، وعلي عثمان محمد طه وعثمان محمد يوسف كبر، والتهمة في بلاغ انقلاب 30 يونيو 1989م هي تقويض النظام الدستوري على السلطة، ويواجه الاتهام فيها المخلوع البشير وآخرين من المدنيين والعسكريين.
اكتمال دعاوى جنائية
في منتصف شهر يونيو من العام 2020م تسلمت النيابة العامة (5) دعاوى جنائية مكتملة التحقيق، وهي قضايا الانقلاب العسكري 1989 وفساد مالي وقتل عمد، وبدأت أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل الشهيد حنفي عبد الشكور. ويُواجه الاتهام ضابط برتبة رائد بقوات الدعم السريع في البلاغ تحت المادة (130) القتل العمد من القانون الجنائي، والشاكي فيه عصام الدين عمر.
ومثل الاتهام في القضية عن الحق العام وكيل النيابة علي الباجوري، ووكيل النيابة الأمثل عبد الفتاح، ومثل الاتهام عن الحق الخاص رفعت عثمان، بينما مثل الدفاع عن المتهم يوسف إبراهيم وعيسى عبيد الناس، وفرغت المحكمة برئاسة القاضي من سماع شهود الاتهام، وتستمع حالياً خلال الجلسات إلى شهود الدفاع.
ولقي الشهيد حنفي مصرعه في (3) يونيو 2019م بأمدرمان في حادثة دهس بسيارة المتهم، وهي أول قضية من قضايا المتاريس، بجانب أنها إحدى قضايا انتهاكات حقوق الإنسان أثناء إجراءات الحراك الثوري، حيث بادرت قوات الدعم السريع برفع الحصانة عنه وتسليمه للقضاء.
علي عثمان
ويخضع القيادي في حزب المؤتمر الوطني المحلول والنظام المخلوع علي عثمان محمد طه، واثنان آخران للمحاكمة في قضية مفوضية العون الإنساني، بموجب تهم تتعلق بخيانة الأمانة ومخالفة قانون الإجراءات المالية والمحاسبية، أمام قاضي محكمة الاستئناف رافع محمد، وحسب إفادات المتحري في البلاغ بتاريخ 22/2/2017م تقدمت الشاكية مفوضية العون الإنساني عبر مفوضها عبدالحليم ضيف الله، بعريضة إلى النيابة مفادها تصرف المتهمين على خلفية اتهامهم بتبديد مبلغ (3) ملايين جنيه، واستمعت المحكمة إلى وكيل التخطيط الاقتصادي بوزارة المالية الاتحادي أزهري إدريس بخيت، ومدير إدارة المصروفات بوزارة المالية ابتسام علي محمد عثمان، بجانب عبد الحليم ضيف الله الشاكي في القضية نيابة عن مفوضية العون الإنساني.
ويمثل هيئة الاتهام عن الحق العام وكلاء نيابة الأموال العامة على رأسهم أبو قراط عبدالله خضر، أميمة سعد أحمد سعد، فيما مثلت وكيلة أول نيابة الأموال العامة غادة محمود عباس، كمتحرية في البلاغ، بينما مثل المحامي عصام الدين عباس دفاعاً عن المتهمين الأول والثاني، بجانب تمثيل هيئة من المحامين ضمت عبدالباسط سبدرات، وهاشم أبوبكر الجعلي، وعبدالرحمن الخليفة، ومحمد الحسن الأمين، دفاعاً عن المتهم الثالث علي عثمان محمد طه.
شقيق المخلوع
وعقدت محكمة جرائم الفساد ومخالفات المال العام بالخرطوم في الأول من سبتمبر الماضي، برئاسة قاضي محكمة الاستئناف محمد السر الإمام بمحكمة أراضي الديم جنوب الخرطوم في 11 سبتمبر الماضي، جلسة إجرائية لمحاكمة عبدالله البشير شقيق الرئيس المخلوع، وآخر على ذمة مخالفات مالية تتعلق ببيع مصنع حديد شوامخ التابع للقوات المسلحة، وبتاريخ ٩/١/٢٠٢٠تم توجيه تهمة للمتهمين تحت المواد (٧٧/٢),(٨٨/١)(٢٩) من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية والمواد (٧٧/٧٨)من قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض والمواد (٦/٧/١٠/٢٠) من قانون الصندوق القومي لتطوير الخدمات الطبية لسنة١٩٩٥م.
ويمثل الاتهام في القضية وكيل أعلى النيابة أسامة الحارس، فيما يمثل الدفاع عن المتهم المحامي عادل عبد الغني، وواصلت المحكمة جلساتها بدءاً بسماع المتحري، وتجري حالياً مرحلة سماع شهود الاتهام في القضية.
محاكمة ِكبِر
ويواجه النائب السابق للرئيس المخلوع عثمان محمد يوسف كبر وابنته ومتهم ثالث صيدلاني تهماً في البلاغ (2/2019م)، تحت مخالفة نصوص المواد (89) المتعلقة بمخالفة الموظف العام القانون بقصد الإضرار أو الحماية، والمادة (177/2) المتعلقة بخيانة الأمانة للموظف العام من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، بجانب مخالفة نص المادة (35) من قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب لسنة 2014م، والمادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1983م، ومخالفة نص المادة (6) من قانون مكافحة الفساد لسنة 2016م.
وتتم المحاكمة حسب ما ورد في قرار رئيس القضاء الصادر بتاريخ (24/8/2020م) بتشكيل المحكمة الخاصة بمحاكمة المتهمين، ويرأس القاضي عمر أبوبكر محمود، المحكمة الخاصة المنعقدة بمقر محكمة الأراضي بمنطقة الديم بالخرطوم، ويمثل الاتهام في القضية أبو قراط عبد الله، فيما يمثل الدفاع عن المتهم معتز المدني، ووصلت جلسات المحكمة إلى مرحلة سماع شهود الاتهام في القضية.
انقلاب (30) يونيو
ويواجه (28) متهماً على رأسهم الرئيس المخلوع عمر البشير، تهم تقويض النظام الدستوري والاستيلاء على السلطة في العام 1989م من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي، تحت المادة 96 من قانون العقوبات، وقد تصل العقوبة الإعدام، ومثل المتهمون أمام المحكمة الثلاثاء الماضي، فيما تجري محاكمة البقية بتهمة الاشتراك الجنائي،.
ويخضع المتهمون بشقيهم المدني والعسكري بجانب البشير للمحاكمة، إثر بلاغ تقدم به محامون سودانيون في مايو 2019م، بزعامة القانوني الراحل علي محمود حسنين.
وبدأت أولى جلسات المحاكمة في 21 يوليو 2020 أمام محكمة خاصة من (3) قضاة في الخرطوم، برئاسة قاضي المحكمة العليا عصام الدين محمد إبراهيم واثنين من قضاة محكمة الاستئناف، ومضت القضية بحسب جلسات المحاكمة الإجرائية.
ويمثل الاتهام في القضية رئيس نيابة عامة سيف اليزل سري، وعبد القادر البدوي ومحمد الحافظ ومعز حضرة، وسجل التحري وكيل النيابة أحمد النور الحلا، فيما مثل الدفاع عن المتهمين مجموعات شملت عبد الباسط سبدرات رئيس هيئة الدفاع عن البشير وعلي عثمان وبكري حسن صالح وأحمد عبد الرحمن ونافع علي نافع، بينما مثل الدفاع عن منظومة حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر عن المتهم علي الحاج محمد، ومثل أبو بكر عبد الرازق الدفاع عن المتهم إبراهيم السنوسي، بينما مثل بارود صندل الدفاع عن المتهم عمر عبد المعروف، بجانب ممثلين للدفاع عن بقية المتهمين.
واستمعت المحكمة في جلساتها إلى خطبة الاتهام عن الحق العام التي تلاها النائب العام تاج السر علي الحبر، في المقابل اعترض عليها ممثلو الدفاع بأن الحبر كان شاكياً في البلاغ ضمن محامين، وطالبوا بشطب الدعوى الجنائية بالتقادم لمرور (10) سنوات عليها وفقاً لما نص عليه القانون، وفرغت المحكمة من سماع الرد على خطبة الاتهام، وأجمع ممثلو الدفاع عن المتهمين على ضرورة شطب الدعوى الجنائية واستبعاد الخطبة، واعتبر المحامي أبو بكر الجعلي، أن الوقائع سقطت بالتقادم إذ مضى على وقوعها أكثر من (10) أعوام.
وحدد القاضي عصام الدين محمد إبراهيم، جلسة في (8) ديسمبر المقبل للفصل في طلبات الدفاع المتعلقة بشطب الدعوى الجنائية بالتقادم ومرور (10) سنوات عليها، بجانب طلبات الطعون.
وكان الانقلاب الذي قاده الرئيس المخلوع عمر البشير هو الثالث منذ استقلال السودان عام 1956، بعد انقلابين قام بهما إبراهيم عبود (1958-1964)، وجعفر نميري (1969-1985). واستولى البشير على السلطة من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي رئيس حزب الأمة، أبرز الأحزاب السودانية.