عبد الله آدم خاطر لـ(مدنية نيوز): نتوقع خلافات بين شركاء السلام ولكن لابد من سلمية الحوار
عبد الله آدم خاطر لـ(مدنية نيوز):
الخلاف حول علاقة الدين بالدولة لن يؤثر على اتفاق السلام المرتقب
حوار: زحل الطيب
على الرغم من التعديلات القانونية التي أجريت على المنظومة العدلية وإلغاء قوانين استخدمت في انتهاك الحريات والحيلولة دون التحول الديمقراطي، إلا أن هنالك الكثير من القوانين التي لا تزال تكبل سير العدالة وتفرض حصانات تؤدي إلى الإفلات من العقاب، وخرج من أجل إلغائها ملايين الثوار حتى تتماشى مع المرحلة الانتقالية وروح الثورة لسيادة حكم القانون في وطن يسع الجميع.
(مدنية نيوز) جلست مع عبد الله آدم خاطر، وهو شديد الاهتمام بالشأن الثقافي، وحاورته حول القضايا القومية ومنها ما يتعلق بمشكلة السودان في دارفور وما يرتبط بالفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي، فإلى مجريات الحوار:
لا تزال المنظومة القانونية تفتقد الكثير من الإصلاحات والتعديلات لتتماشى مع متطلبات الفترة الانتقالية، إلى أي مدى يشكل ذلك خطراً على الأوضاع؟
بالتأكيد بعد (30) عاماً من القمع والإذلال وتضليل المواطنين يتطلع المواطنون إلى قوانين جديدة تتماشى مع روح الثورة، وتساهم في تحقيق واقع جديد وتغيير السياسات العدلية، وأن يكون هنالك دور للقضاء ووزارة العدل والنيابة العامة في استعادة بناء مستقبل العدالة، على الرغم من أن الأمر يحتاج إلى وقت لإجراء هذه الإصلاحات.
هنالك الكثير من القضايا العالقة التي تحتاج البت فيها مثل القضايا المتعلقة بالشهداء، ولا تزال الإجراءات البيروقراطية تمثل أسباباً رئيسية في تعطيلها، ما رأيكم في ذلك؟
لن ترتاح جماهير الثورة وأسر الشهداء وكل الذين ضحوا من أجل الوطن ما لم يتم تغيير القوانين، حتى يتم نيل الحقوق وتحقيق العدالة والفصل في قضايا المال العام والخاص، ويصبح المواطن هو صاحب الحق وهو من يقوم على أمر بناء الدولة، وبقية العاملين والسياسيين والحكام ما هم إلا خدام الدولة والمواطن، ولابد من الانتقال من العقلية القمعية الأمنية إلى عقلية التغيير.
تتزايد الشكاوى من الحصانات والممارسات الخاطئة المتعلقة بتطبيق القوانين بالعقلية القديمة رغم التغيير، ما تعليقكم على ذلك؟
هذا الأمر يجب استعجاله من مجلس الوزراء والمجلس السيادي، بما يسمح بإنهاء تأثيرات القوانين التي تعيق العدالة، وينبغي عدم التأخر في تحريك الإجراءات، أما الممارسات الخاطئة في بسبب المزايدات السياسية من منسوبي النظام البائد والقهر الأمني والتصنيف السياسي والتضليل الإعلامي، ويحتاج الأمر للانتقال من العقلية الأمنية لعقلية الثورة وإزالة التمكين، وهذا الأمر يحتاج لعمل إعلامي مصاحب يبصر الناس بأن ما يتم هو من أجل مصلحة الوطن ونشر المفاهيم المرتبطة بالعقلية العدلية وهذا الأمر يحتاج لوقت كبير للمعالجة.
ولكن عدم تشكيل المجلس التشريعي عطل إصلاح القوانين التي حلم بتغييرها المواطن، بعد أن فصلت في عهد النظام المخلوع للتضييق عليه، ما هي رؤيتكم في هذا الجانب؟
بناء المجلس التشريعي مربوط بكل العمليات التي ترتبط بالتغيير، وعلى الهياكل وأداء الوزارات وقاعدة التعامل مع المواطن وقيامه يعطي الشعور للمواطن بدولة القانون والدولة المدنية الحديثة، لذلك لابد من تشكيله.
هناك قوانين كثيرة تختص بالتحول الديمقراطي لا تزال لم تجز، مما يؤدي إلى تاخيرعملية التحول الديمقراطي، كيف تنظر لهذا الأمر؟
لابد أن ينتبه من يستعجلون التغيير السريع، إلى أن القوانين المراد تعديلها أعدت بدقة وتفكير وصنعت مواضيعها بعمق مما يستحيل أن تتغير في ليلة وضحاها، فلابد من إعادة تربية الشعب حتى ينهض بنفسه، ومع الحكمة في بناء عملية التحول الديمقراطي وإزالة القوانين التي تؤسس للتحول الديمقراطي فإن ثمرات التغيير تحتاج لوقت، ولابد أن نثبت في هذه الأوقات النضال الثوري من أجل إعداد القوانين حتى تعدل القوانين القديمة، وبعد الانتخابات ننتظر التغيير الحقيقي، ولابد أن ينصب الضغط الفكري والأكاديمي في هذه الاتجاهات، وهذا دور المستنيرين والإعلام.
هناك أحاديث حول أن اتفاقية السلام الموقعة في جوبا في (3) أكتوبر الماضي تعلو على الوثيقة الدستورية، ما هو تعليقكم؟
المواطنة هي ما يجب أن تكون فوق الجميع، الوثيقة والاتفاقية كلاهما وسائط لإتاحة الفرصة للسياسي لخدمة وطنه وأسرته بدور متكامل، والعمل مع الجميع في بناء الوطن، والمقصود هو الوطن وليست الوسائط، وتأهيل المواطن الصالح وإتاحة الحريات في دولة القانون والمواطنة.
هل تتوقع إشكاليات و(شيطان التفاصيل) في الممارسة الفعلية استناداً على التفاسير المتعلقة بالوثيقة الدستورية واتفاقيةالسلام؟
نعم نتوقع حدوث إشكالات واختلافات في التفاصيل أثناء التطبيق، لكن يجب أن يكون الاتفاق الحقيقي حول سلمية التغيير والحوار ثم الحوار ثم الحوار، وذلك يضمن سير العملية السلمية، ولابد من تحرير العمل الإعلامي وتحميله مسؤولية المنابر المفتوحة وزيادة فرص الحوار من أجل تحقيق أهداف الاتفاقيات والمتابعة والتوسع في الانتشار، فهو سيكون بمثابة المفتاح السحري لنجاح تجربة البناء الوطني الدستورية، ليهيئ الأوضاع لانتخابات حرة ونزيهة.
هنالك حديث من قبل البعض بأن اتفاقية السلام الحالية هي بمثابة دستور للفترة الانتقالية دون وضع اعتبار للوثيقة الدستورية، ما ردكم؟
الاتفاقية تعتبر مدخلاً لإعداد الدستور، ومن يفتكر غير ذلك عليه مراجعة نفسه، وهي تتضمن مبادئاً دستورية، والعمل على اللامركزية في الحكم وسيادة حكم القلنون والتنمية، وتكون الدولة على مسافة واحدة من كل الشعوب، والعمل على تحضير دستور دائم.
لا يزال الخلاف مستمراً بين البعض، خاصة الأحزاب العقدية في جدلية فصل الدين عن الدولة، إلى أي مدى سيؤثر ذلك على الاتفاق المستقبلي حول السلام؟
لا أعتقد أن ذلك سيؤثر على الاتفاق المرتقب بين الفصائل التي لم توقع على السلام وحكومة الثورة، لأنه ليس هناك تناقض بين الدين والدولة، فالفرق ليس كبير بين رجل الدين ورجل الدولة المخلص، طالما يعتزم سيادة حكم القانون والعدالة.