بعثة (يوناميد).. مخاوف المغادرة ودواعي البقاء
زالنجي: هانم آدم
أعلن مجلس الأمن الدولي، أن البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) ستنهي مهمتها يوم 31 ديسمبر الجاري، بعد ما يزيد على 13 عاماً من بدء العملية بقرار من المجلس، حيث سيترتب على خروجها دخول بعثة أخرى سياسية باسم (يونيتامس) للمساعدة في عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، لكن عدداً من النازحين في دارفور حيث الاوضاع الأمنية الهشة، أبدوا تخوفهم من تدهور الأوضاع الأمنية بالإقليم بصورة أوسع مما هي عليه الآن حال خروج القوات الدولية.
وقال عدد من النازحين بمعسكرات وسط دارفور لـ(مدنية نيوز)، إن الإقليم لم يشهد استقراراً أمنياً حتى الآن، على الرغم من توقيع اتفاق السلام بجوبا الذي وصفوه بالجزئي بين الحكومة الانتقالية السودانية ومجموعة من الحركات المسلحة، ولم يستبعد النازحون أن تندلع الحرب الأهلية والفوضى والتفلتات الأمنية بالمنطقة حال انسحاب البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد).
في الأثناء أكد مواطنون بولاية وسط دارفور لـ(مدنية نيوز) أنه آن أوان خروج يوناميد من دارفور، مشيرين إلى أن المبالغ التي أنفقت عليهم كان يمكن أن تقدم مساهمة كبيرة للإقليم وتنتشله من الحرب التي عاشها لسنوات نحو التنمية. وقالوا إن هناك فئة محددة استفادت من وجود اليوناميد وهم الموظفون الذين يتقاضون مبالغ طائلة، مشيرين إلى أنهم لم يتمكنون من حماية المدنيين.
وجاء قرار مجلس الأمن الدولي، بالإجماع على إنهاء التفويض الممنوح للبعثة في نهاية الشهر، ويضع إطاراً زمنياً مدته (6) أشهر لخفض تدريجي للقوات، مع اكتمال انسحابها بحلول (30) يونيو المقبل.
وتضم البعثة نحو (4000) جندي، و(480) مستشاراً للشرطة، و(1631) شرطياً، و(483) موظفاً مدنياً دولياً، و(945) موظفاً محلياً.
وطالب رئيس معسكر الحصاحيصا، هارون آدم عبد الشافع، بضرورة التجديد لبقاء البعثة لعدم انتفاء الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة لإصدار قرار ابتعاثها لدارفور، وقال إن اليوناميد تساهم في حماية النازحين، ولديها الآليات الخاصة بذلك، بجانب أنها مراقب لكل شيء وبذهابها سوف يفقدون الشاهد.
وطالب بتفعيل البند السابع لـ(يوناميد) لتمكينها من حماية النازحين بالمعسكرات من تهديدات المليشيات المسلحة التي ظلت تُمارس عليهم الاعتداءات الجسدية والمادية والنفسية، وأضاف: (نطالب الأمم المتحدة بالعدول عن قرار خروج يوناميد)، وتوقع أن يحدث انفلات أمني جديد أكثر مما هو موجود، ولم يستبعد أن تندلع حرب جديدة بين النازحين والقوات التي حددتها الحكومة للحماية إذا استعملت تلك القوات القوة ضدهم.
وكشف هارون لـ(مدنية نيوز) عن عزمهم ترتيب مسيرات جماعية بكل معسكرات وسط دارفور ابتداءً من السابع والعشرين من الشهر الجاري، وتستمر حتى نهاية الشهر، وذلك احتجاجاً على خروج (يوناميد) من دارفور، ويسلمون مذكرة لممثل البعثة لمجلس الأمن الدولي يطالبون فيها بالعدول عن قرار خروج البعثة من دارفور والتجديد لها.
بدورها تتمسك النازحة بمعسكر الحصاحيصا زمزم عبد الله، برغبتهم ببقاء بعثة اليوناميد، مشيرة إلى مساهمتها في توعية المرأة بحقوقها منذ 2003م عبر ورش توعوية، بجانب متابعتها للإنتهاكات والاغتصابات التي تحدث للمرأة النازحة ومن ثم عكسها دولياً، وتتساءل: (هل هناك بديل إذا خرجت ومن يعكس قضايا المرأة؟).
فيما توقع المواطن هارون بركة أن تسوء الأوضاع الأمنية أكثر في حال ذهاب اليوناميد، وتتوسع دائرة الجريمة، مشيراً إلى أنهم لم يتوفر لهم السلام في السابق فكيف سيتوفر الآن. مؤكداً رفضهم خروج البعثة.
وفي ذات الاتجاه تقول ممثلة المرأة بالمعسكر فاطمة موسى، إنهم عندما نزحوا كانت اليوناميد وبعض المنظمات الأخرى هم من استقبلوهم وليس الحكومة، وأضافت: (قدموا لنا كل ما يلزمنا من غذاء وصحة وتعليم، بجانب تكفلها بأشياء كثيرة، خاصة بعد أن قامت السلطات الحكومية بطرد المنظمات والتي شكل غيابها فراغاً كبيراً).
وتضيف فاطمة: (إذا حدثت أي اعتدءات أو مشاكل فإنهم أول من يتواصلون مع الضحايا، للتحقق من المعلومة، ومن ثم التوعية بالحقوق)، مشيرة إلى أنهم تلقوا تدريباً عبر الورش التي تنظمها اليوناميد مثل الورش التي تتحدث عن العنف النوعي، ومعرفة حقوق المرأة، وخلفيات عن الحوار الدارفوري واختيار القائد عبر الانتخابات، ودروس الحماية من الناحية الصحية. وتقول: (في الماضي كنا معزولين من المجتمع، ولكن حالياً يوجد تساوي في المعرفة والحقوق).