قداسة الحكومة وحماية الانتقال!!
| الركيزة |
بقلم: أيمن سنجراب
حالة من السيولة الشديدة تسود المشهد العام في السودان، ومحاولات متكررة من عناصر النظام المخلوع والثورة المضادة للعودة لساحة الحكم من جديد، والأمر برمته يحتاج التعجيل باستجماع طاقات القوى الثورية الحية الحقيقية لتعزيز فرص نجاح الانتقال الديمقراطي.
لقد استفرغت القوى التي توحدت من أجل إسقاط النظام طاقاتها بعد حدوث التغيير في الصراعات الجانبية مما أنهكها واستهلك وقتها وجهدها، الأمر الذي أراح عناصر النظام المخلوع وخفف عنهم كثيرا من الضغوط فحاولوا تجميع شتاتهم لضرب التغيير والحيلولة دونه، وساعدهم في ذلك كثيرا البطء في المحاكمات وعرقلة تصفية مؤسسات التمكين التي صنعهوها خلال فترة حكمهم وما يزال وجودهم في كثير من المؤسسات يسخر من التغيير وأهله!!.
إن أكبر مهددات الانتقال الديمقراطي هو تفرق قوى الثورة وانشغالها بإدارة صراعاتها الداخلية، مما أتاح المجال للقوى الدولية والمحلية للتحرك في مساحات واسعة للإضرار بعملية التغيير عقب سقوط النظام.
ومن مخاطر عدم وحدة قوى الثورة، عدم وجود قيادة موحدة ورؤية متكاملة لتكون عمليةاستكمال أهداف الثورة متحكم فيها منعا لاستغلال الحراك الحالي لصالح قوى الردة التي تعمل على إعادة امتيازاتها القديمة أو المحافظة على ما حققته بعد (١١) ابريل حيث سقوط النظام.
لقد ظهرت إشكالية القيادة بصورة جلية في موكب (١٩) ديسمبر الماضي، عقب استجابة الجماهير لدعوة الموكب ولكن بعد الوصول للقصر الجمهوري باعتباره نقطة التجمع النهائية برزت عقبة السؤال (ثم ماذا بعد؟).
ومن الملاحظ الجهود الكبيرة التي يبذلها تجمع المهنيين السودانيين الذي يجمع قوى الثورة الداعية لاستكمال الأهداف وأبرزها الحكم المدني الكامل، وهو يحاول جاهدا استعادة الثقة بعد الصدمة التي تلقتها الجماهير من عناصر الهبوط الناعم في التجمع قبل عملية الانقسام الشهيرة.
تبقى الآمال معقودة على تجميع الطاقات لتجاوز حالة الشتات، وحتما ستستعيد القوى الحية المؤمنة بالتغيير الجذري الثقة، مثل الأجسام الثورية الجادة (تجمع المهنيين) في ثوبه الجديد، ولجان المقاومة وأسر الشهداء والأفراد المخلصين، لتقدم نفسها لقيادة المرحلة الجديدة من التغيير.
من القراءات أن الأوضاع يمكن أن تتجه نحو انقسام حاد في الشارع نتيجة سوء الأوضاع المعيشية بسبب الأزمات المصطنعة وضعف المكون المدني في حكومة الفترة الانتقالية في تحمل المسؤوليات، بما يمهد الطريق للانقضاض من العسكر بغطاء حزبي وحركي من قوى الكفاح المسلح من قوى الهبوط الناعم في محاولة قريبة من النموذج المصري بادعاء حفظ الأمن، مع إمكانية اللجوء لانتخابات مبكرة تمكن حلفاء العسكر لصعوبة الانقلاب العسكري المرفوض إقليميا ودوليا.
هذه القراءة تحتم سرعة التحرك وتكثيف التنسيق لقيادة الحراك نحو برامج محددة وأهداف معلنة تسند التحول الديمقراطي وتقطع الطريق أمام القوى المتربصة التي ما زالت تحلم بإجهاض الثورة ووأد أحلام الجماهير، وفي هذا يجب التفريق بل التفريق تماما ما بين حكومة الفترة الانتقالية التي لا قداسة لها والفترة الانتقالية التي يتطلب الوضع تجديد العهد لحمايتها!!.