وحدة القضايا وتعدد الأجسام الصحفية
بقلم: محمد بدوي
حملت وسائل الأخبار في ٢٣ أغسطس ٢٠٢١ حادثة الاعتداء على الصحفي السوداني علي الدالي ومواطن آخر من قبل حوالي أربعة من منسوبي وحدة الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة، مما قاد إلى تلقي الدالي الراعية الطبية، فيما لم تحمل الأخبار والبيانات المختلفة أية تفاصيل عن هوية وحالة الشخص الآخر، دون الخوض في تفاصيل وأسباب الحالة، حيث لا يوجد مبرر لاستخدام العنف أو المفرط والتعذيب في مواجهة المدنيين لمخالفة ذلك لتفويض القوات النظامية وتعارضه مع القانون والوثيقة الدستورية ٢٠١٩ والتزامات السودان الدولية ولا سيما بعد المصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب.
جاءت ردود الفعل تتفق جميعها في استهجان الاعتداء على الأستاذ الدالي، من كل من شبكة الصحفيين السودانيين، اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين وبيان مشترك من اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين، لجنة استعادة نقابة الصحفيين، اللجنة التأسيسية لنقابة الصحفيين الذي حمل إلى جانب الاستهجان الدعوة لاحتجاج سلمي في اليوم التالي ٢٤ أغسطس أمام مجلس الصحافة والمطبوعات بالخرطوم، وقرار بمقاطعة تغطية أخبار القوات المسلحة السودانية لثلاثة أيام.
وكشف الحادث عن تعدد الأجسام الصحفية، وذلك يثير التساؤل حول الأسباب مقارنة بالحالة قبل أبريل ٢٠١٩، حيث الالتفاف النسبي حول جسم واحد وهو أمر شكل مركز مقاومة شرس خلال فترة سيطرة الإسلاميين السودانيين جعل منه أحد المستهدفين الأساسيين بالقيود الإدارية والقانونية ووسائل القمع والقهر والتعذيب لتقييد الدور الإيجابي والرئيسي للصحافة والاعلام وأدائها المرتبط بالمهنية والاستقلالية والالتزام.
برغم واقع التعدد إلا أنه ليس هنالك خلاف حول القضايا والمبادئ المرتبطة بكفالة حرية التعبير الأمر الذي يحيل للنظر إلى السلبية المرتبطة بذلك بالقياس على الحالات المشابهة. وهنا أشير إلى تحالف الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق سلام السودان بمدينة جوبا بدولة جنوب السودان والتي كانت قبل ٢٠١٨ ديسمبر ترفض التفاوض مع المؤتمر الوطني المحلول بنهج التجزئة لتشابه مدخل وجذور الأزمات، لكنها تنازلت عن وحدتها وتفاوضت عبر ما عُرف بالمسارات ثم وقعت كأطراف على الوثيقة النهائية.
الواقع يشهد طرح مسودات لقوانين للصحافة والمطبوعات، والحصول على المعلومات، والبث التلفزيوني، مما يتطلب جهوداً واسعة وكبيرة لوصول إلى المسودات النهائية في صيغ تلبي حاجة القطاع وتعزز الحماية وبيئة العمل، وبالضرورة أن الجهد الجماعي والموحد أقدر على تحقيق ذلك.
أخيراً: الروح التي تشهدها حالات التضامن من حضور ومشاركة في الوقفات الاحتجاجية من مختلف الأجسام، مدعاة للنظر إلى المشتركات التي تمثل مدخلاً لرؤية موضوعية للحالة في سياق الوحدة و منهج صراع الأفكار وكيف يمكن تعزيز الحريات دون التنافس حول من يقود ذلك.