اتفاق المبادئ.. الخطوة الشجاعة لبناء سودان جديد
الخرطوم: حسين سعد
يُعتبر توقيع اتفاق المبادئ بين حكومة السودان، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال من أكبر إنجازات الفترة الانتقالية، وتأتي أهمية هذه الخطوة من ناحية أن التوقيع تم بواسطة رأسي الطرفين، رئيس مجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية القائد عبد العزيز الحلو، بحضور رئيس دولة جمهورية جنوب السودان الفريق سلفاكير، وسط مباركة دولية للخطوة التي جاءت في ظروف بالغة التعقيد يعيشها السودان.
وكان كثير من المراقبين يرى أن غياب الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان بقيادة الاستاذ عبد الواحد محمد نور عن اتفاق سلام جوبا جعل السلام منقوصا، وهذه الخطوة تمهد الطريق لاستكمال السلام الشامل الذي ظل السودان ينشده منذ أمد بعيد، حيث بادر عدد من الأحزاب السياسية المحسوبة على التيار الإسلامي بمباركة الخطوة.
ميزات عديدة..
وتوضح قراءة سريعة اتفاق المباديء انه يعتبر ركيزة كبيرة وخطوة شجاعة تفتح باب واسع لإجراء معالجات لأزمة السودان من جذورها وتحقق شعار بناء السودان الجديد لأن بلادنا منذ إستقلالها لم تعالج أزمة التعدد والتنوع فالمباديء التي تم التوافق عليها بجوبا أمس وجددت المعالجات المطلوبة لمشكلات تاريخية حيث تم التأكيد علي وحدة السودان واستقلاله،وهذه مسألة مهمة لكل السودانيين. كما نص الاتفاق على أنه (لا حل عسكريا) لأزمات السودان،فان التأكيد على حتمية التوصل الى (حل سياسي سلمي وعادل) هو استجابة لنبض الشعب، الذي فجر ثورة شعبية سلمية وظلت الحركة الشعبية طوال الفترة الماضية تجدد وقف إطلاق النار من جانبها لتبدأ حسن النوايا وسبق وان سجل حمدوك زيارة إلى كاودا لكن خطوة البرهان والحلو الجسورة وضعت حدا للحرب واعترافا بالتنوع الديني والثقافي في السودان ومعالجة قضية إدارة التنوع والهوية. بدلا عن فرض ثقافة أحادية تسلطية واستبقت الحركة الشعبية توقيع الاتفاق عندما توقفت المفاوضات انخرطت الحركة الشعبية شمال عبر سكرتارية البحوث والتدريب في إصدار عدد من الكتب تحوي موقفها التفاوضي وشرحه للجميع وبلغت تلك الكتب حوالي خمسة كتب شملت العلمانية وفصل الدين عن الدولة وهذا الكتاب عبارة عن مقالات واراء مختلفة للموضوع وكذلك كان هناك كتاب المبادي فوق الدستورية الذي يعتبر الطريق الصحيح لوحدة السودان أعده كل من مولانا متوكل عثمان سلامات ومولانا ادريس النور شالو وتضمن الكتاب مجموعة من القواعد والأحكام يتم رفعها إلى مرتبة أعلى من مرتبة الأحكام الدستورية نفسها ثابتة وسامية وهي محصنة ضد الإلغاء والتعديل حال تعديل الدستور وهذه المبادي مهمة لبلادنا تحتاج إلى بناء نظامها السياسي والقانوني بعد المرور بفترة نزاعات عنيفة وحروب أهلية تؤدي إلى تحطيم الروابط المجتمعية والوطنية على أساس التعايش بين أبناء الوطن وهناك أيضا كتاب خاص باشكال الهوية في السودان ونظم مركز دراسات السودان ضمن منتداه الراتب فعالية جماهيرية كبيرة للموضوع كما تضمن اتفاق المباديء معالجات مهمة خاصة بتحقيق العدالة وتوزيع السلطة والثروة بين كل أقاليم السودان،والتأكيد على بناء جيش قومي مهني واحد يعكس التنوع وأن يكون ولاؤه للوطن وليس لحزب أو جماعة وكذلك نص الاتفاق
بداية جديدة.
وأعرب رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان عن سعادته لتوقيع اعلان المبادئ مع الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو واعتبر التوقيع بداية جديدة للفترة الانتقالية
من جهته أشاد رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو بخطوة الفريق أول البرهان بالتوقيع على إعلان المبادئ موضحاً أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى اختراق مهم في العملية التفاوضية بما يحقق سلام دائم ووحدة عادلة.وأكد الحلو إن التوقيع على إعلان المبادئ سيمهد لمفاوضات اوسع لترجمة المبادئ إلى نصوص تضمن دوران عجلة التغيير واستمرارجهود الاصلاح وذلك للانتقال من الشمولية إلى الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان ، واشار إلى أن هناك قضايا وأسئلة كثيرة تطرح نفسها في سودان اليوم مثل كيفية صياغة دستور ديمقراطي وضمان استقلال القضاء وحكم القانون إلى جانب التدهور الاقتصادي والتحديات الامنية وادارة التنوع . واعرب عن امله في ان يضع المفاوضون مصلحة الوطن نصب اعلينهم بدلاً من التشاكس
وفي الأثناء أكد رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ، مواصلته العمل الجاد لإشراك حركة تحرير السودان- عبد الواحد في السلام وصولاً إلى سلام شامل في السودان.
وقال سلفا كير ميارديت في كلمته خلال حفل التوقيع أن النزيف في دارفور يعني النزيف في جميع أرجاء السودان وفي جنوب السودان. ودعا سلفاكير الأحزاب السياسية في السودان على مواصلة العمل من أجل السلام
ترحيب واسع..
وفي الخرطوم حظي توقيع إعلان المبادئ ترحيباً واسعاً وسط الأحزاب والحركات والكيانات المهنية بجانب السفارات والمنظمات .حيث رحب رئيس الجبهة الثورية السودانية الدكتور الهادي ادريس باعلان المبادئ واعتبره خطوة في الإتجاه الصحيح ويأتي استكمالاً لمسيرة السلام ولإتفاق جوبا لسلام السودان،
كما رحب حزب المؤتمر السوداني وتجمع المهنيين وتجمع الأجسام المطلبية بالاتفاق واعتبروه خطوة مهمة لاستكمال مطلوبات السلام ووقف الحرب وتحقيق الأمن والإستقرار والتحالف السوداني بقيادة خميس ابكر بالاتفاق واعتبروه تعزيزاً للسلام ولاتفاق جوبا.وعلى صعيد الجهات الأممية اعتبررحب فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونيتامس التوقيع خطوة مهمة نحو سلام شامل في السودان .
حيث وصف حزب الأمة القومي أكبر أحزاب حكومة الفترة الاتتقالية الخطوة بالإيجابية والمهمة لاستكمال مطلوبات السلام ووقف الحرب وتحقيق الأمن والإستقرار، ورحب ابتداء بالخطوة على أن يعلن موقفه الرسمي حول تفاصيل الإعلان عبر مؤسساته المعنية لاحقاً.
كما رحبت حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح مناوي وعضو مجلس السيادي ورئيس الجبهة الثورية الطاهر حجر، كما رحب رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذي يرى أن اتفاق المبادئ يعبر عن مدى إرادة السودانيين في تحقيق السلام.
هذا الالتفاف الشعبي والحزبي حول الاتفاق إنما يعبر بصورة حقيقية عن الرغبة الجادة للسودانيين في تحقيق السلام، بدعم من المجتمع الدولي، حيث كان حاضرا في جوبا في مراسم التوقيع المدير التنفيذي لمنظة الأغذية العالمي بيزلي.
حيث وصف ديفيد بيزلي توقيع إعلان المبادئ باليوم العظيم، “يوم سلام”. مؤكدا أن السلام لا يُصنع على الورق، وإنما في القلب، واجتمع القادة حول قوة القلب، مضيفا: أن هذه الروح هي الروح التي ستدفع جنوب السودان والسودان للأمام إلى مستقبل عظيم حيث سيكون جميع الأطفال سعداء لأن القادة في هذا اليوم هم صناع السلام.”
وأشار بيزلي في بيان صحفي ظهر اليوم إلى أن اجتماع الحكومة الانتقالية ورفاق الكفاح المسلح و موافقتهم على مبادئ لحل نزاعهم، بما في ذلك ضمان حرية الأديان لجميع السودانيين في دولة اتحادية وديمقراطية ومدنية، جعله ذلك يتطلع إلى اليوم الذي يكون (برنامج الأغذية العالمي) في جنوب السودان والسودان، يطعمان إفريقيا كلها وبقية العالم.” لكن هذا لا يمكن أن يحدث بدون حجر الأساس لبناء السلام.
وكان بيزلي قد زار كاودا برفقة رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك في زيارة إلى جبال النوبة في يناير 2020 في مهمة لبناء الثقة واستقبلهما الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال. استخدم بيزلي مساعيه الحميدة لتسهيل الزيارة الأولى للمسؤولين السودانيين إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب كردفان منذ أكثر من تسع سنوات.
عبد الواحد في جوبا..!
ومن الأشياء التي يجدر ذكرها كواحدة من تباشير خير تلوح في الأفق هي الزيارة التي قام بها رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور والتقائه بالرئيس سلفاكير راعي سلام السودان، وهو أمر اعتبره كثير من المحللين السياسيين والاستراتيجيين، كخطوة لتذليل العقبات التي منعت نور من الالتحاق بركب السلام، ويأتي اتفاق المبادئ بين البرهان والحلو في الأجواء ليعزز من فرص التحاق عبد الواحد بالركب وإخراس صوت البندقية إلى البلاد.
منتخبنا الوطني ووحدة الوجدان
ومع بشريات توقيع إعلان المبادئ جوبا صباح أمس، جاء المنتخب السوداني لكرة القدم مساء ليختتم اليوم بكامل البهجة ودموع الفرح، وهو يتأهل لبطولة الأمم الإفريقية بالكاميرون، بعد غياب استمر تسع سنوات.
فضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتفاؤل، معتبرين أن أواخر شهر مارس جاءت محملة بالبشائر التي قد تغير مستقبل البلاد إلى الأبد، خاصة وأن الأيام السابقة شهدت إعفاء السودان من ديونه الخارجية بعد القرض التجسيري، وهو ما يفتح الآفاق للتمويل الخارجي.