(الغابة السرية) رواية تعكس واقع المرأة السودانية ونقاش مستفيض على المنصة الرقمية
الخرطوم: آيات مبارك
ناقش منتدى الرِّواية (المِنصَّة الرَّقمية لمُناقشة الروايات السودانية)، هذا الشهر رواية (الغابة السرية) للكاتبة ليلى صلاح، بمشاركة الكاتب السعودي حسن البطران ود . إشراقة مصطفى، والكاتبة السعودية مريم بوشيا.
وتقوم تلك المنصة على اختيار إحدى الروايات المكتوبة ومدارسة روايات الكُتَّاب السودانيين ومناقشتها على لسان مختصين في النقد، مع مشاركة كل الأعضاء بإحدى المنصات الرقمية.
وقد قام المنتدى بمناقشة عدد من الروايات مثل رواية (حديقة بلا سياج) للكاتب صلاح البشير، ورواية (الرجل الخراب) للروائي المعروف عبد العزيز بركة ساكن. ورواية (آماليا) للكاتبة الروائية والشاعرة مناهل فتحي، رواية (فريج المرر) للكاتب الروائي المعروف حامد الناظر.
وتحكي ( الغابة السرية) عن (درية) التي تعود إلى وطنها السودان بعد حياة زوجية قاسية في غربة تلفظ أيامها الأخيرة. والرواية منذ بدايتها تعبر عن سخط مقيم في وجدان (درية)، وهي تحدث عن حياتها الماضية منذ طفولتها ابتداءً من عملية (الختان) ، والزواج التقليدي ورجل تقليدي أيضاً.
جوائز
وليلى صلاح روائية وإعلامية سودانية، وهي كاتبة عمود بمجلة (هو وهي) القطرية، وصاحبة صالون (أبنوسة) الأدبي في الدوحة، وقد فازت بجائزة الطيب صالح، للإبداع الروائي في دورتها التاسعة عام ٢٠١١م بروايتها (الغابة السرية)، بجانب العديد من الجوائز الإبداعية الأخرى.
تساؤلات وخيبات
وفتحت (الغابة السرية) باباً لتساؤلات ما يمكن أن يواجه المرأة السودانية من انكسارات وخيبات من خلال كثير من التفاصيل التي تمتد على (156) صفحة في الرواية.
وقالت الكاتبة الأردنية إشراف المساعفة: لقد نجحت الرواية السودانية بمختلف الأقلام التي كتبتها في أن تحتل مكاناً خاصاً على الساحة الأدبية السردية العربية لأنها قد استمدت خصوصيتها من البيئة السودانية نفسها وقد قامت ليلى، بالغوص في أعماق المرأة السودانية من خلال بطلتها (درية) والشخصيات المحيطة بها والتعبير عما تعيشه من انفعالات إنسانية وفقاً لمواضيع متنوعة كعلاقة الأفراد والدولة بالدين والتدين ومفهوم الوطن والغربة والاغتراب، إلى جانب عدد من القضايا المتعلقة بالمرأة ومنها قضية (ختان البنات) التي خصصت لها الكاتبة حيزاً مهماً لتصف أبعادها وآثارها النفسية التي تظل راسخة في قلب الفتاة كجروح تأبى أن تندمل.
وأضافت الكاتبة الأردنية إشراف المساعفة أن ليلى صلاح، تناولت الرواية بتقنية سردية خاصة تعتمد على شخصية الراوي الذي تقاسمته كل من (درية) و(ماريا) لتتبادل الشخصيتان عملية السرد والحكاية لتكشف دواخل حيوات نسائية عديدة يخوض القارئ معها بحذر رحلة المغامرة في غابتها السرية.
اليقين
ورأت إشراف، أن (الغابة السرية) لم تنته إلى اليقين إلا في محورين مهمين هما قيمة الحياة ومفهوم الوطن، فها هي ليلى صلاح، تقول على لسان بطلتها درية: (هل أقول لها إنني أخيراً قد وصلت إلى “يقيني” وذلك بعد أن تخلصت من كل أوهامي وأولها الحرية وليس آخرها الوطن؟، هل أقول لها إنني أتيت أبحث عن خيار أتوحد فيه وانتهيت بقبول فكرة أنصاف الحلول والمساومات سواء مع النفس أو مع الآخر، بعد أن تلمست شظاياي المبعثرة هنا وهناك؟).
خروج عن المألوف
ومن جانبه قال نائب رئيس الاتحاد العربي لأندية القصة والسرد السعودي حسن علي البطران: إن رواية الغابة السرية.. اشتغلت بأدوات الناقد والمبدع في تشكيل الرؤية الواضحة والمختلفة على حد سواء، وخرجت ( ليلى صلاح ) عن المألوف وربما تجاوزت الخطوط الحمراء وعرّت المجتمع السوداني وأظهرت ما كان مخفياً تحت الثياب وخلف الجدران، ( ليلى صلاح ) أبحرت بقاربها في البحيرات الثلاث المحرمة ( الدين، السياسة، والجنس) واستطاعت أن توازن في إبحارها بين هذه البحيرات بأدواتها الروائية، وأن تمسك بخيوط اللعبة الروائية، وقد جسدت العلاقة بين المكان والشخوص والزمان وما كان متناقضاً فيها وبينها.
وتابع البطران: وأظهرت ليلى من خلال عدسة مجهرها إسقاطات متعددة في المجتمع السوداني، رغم أنه مجتمع متحفظ ومحافظ للغاية، بفنيات سردية متقنة وبلغة وبناء متينين.
هواجس النساء
ومن جهته ذكر صلاح الدين أبوبكر، أن ظاهرة التناص واضحة وهذا ليس خصماً على أصالة الرواية أو النص الكتابي بل يشكل إضافة ونقلة نوعية في استحداث رؤى جديدة لمعالجة ما سبق، ففي ثنايا السرد في النص نلمس ونستشعر النفس الروائي والفكري ممن تناولوا قضايا الخيانة الزوجية بكل صراحة وشفافية، حيث طرحت ليلى صلاح، رؤيتها بذات الجرأة دونما وجل مقص الرقيب.
وأردف أن قيمة الراوية تجلت في تناولها هواجس المرأة السودانية من خلال الشخصية المحورية (درية الحاج) وبقية الشخصيات الصانعة لتفاصيل الوقائع، التعبير عما يجيش بدواخلهن من انفعالات وحيوات إنسانية متباينة حسب المواقف والمواضيع التي توزعت في أنماط من القضايا المتشابكة والمأزومة كعلاقة الدين بالدولة والعلمانية ومعاناة الغربة والاغتراب وما يتمخض من جراء من لواعج ومعضلات وأزمات، تربط مفهوم الوطن والوطنية والهوية وصولاً إلى مخاطبة الإنسانية من حب وكراهية وصداقات وأسرار خبيئة، وقد أفلحت في عكس ذلك سيما فيما يلي الممارسات الخاطئة كالختان واستسهال تكييف حدود العلاقة بين المرأة والرجل في سياق العفة والشرف.
وزاد صلاح الدين أبوبكر: وفي ص7 تقول: (لشد ما كرهت المكان الذي أنتمي إليه… الخرطوم مدينة زائفة في ثوب يظهر عهرها ووقاحتها)، وردد: كنت أتوقع أن تتم معالجة الانتماء للوطن برؤية مختلفة وليس من منطلق الحب والكراهية، باعتبار أن الوطن بعلاته هو المحضن والمنبت ومستودع ذكرياتنا.
فخر بالانحياز للمرأة
ومن ناحيتها قالت ليلى صلاح، من خلال المنتدى إنها فخورة جداً بانحيازها للمرأة باعتبارها كائناً جميلاً وحسّاساً، وإن النص ممعن في النسوية، وتجربة الأنثى الحياتية أعطعتها المقدرة على تحمل الألم واستخدام الحدث وهي تمثل الحياة.
وأضافت: أنا لا أمل الحكي ولا الكتابة وبيت السرد عندي يشابه (بيت حبوبة آمنة بت شاية) في القطينة الذي يمتلئ بالقصص والقهوة والمشاط وجلسات النساء وهمسهن ومقدرتهن في إدارة الحياة، فأنا من مكان فيه المرأة قوية جداً وهي تدير الحياة بكل اقتدار.
وعن جدلية الكتابة بين سلطة اللغة والجسد ذكرت ليلى، أن هنالك حواراً دائماً لا ينتهي وجدلاً كبيراً أثناء لحظة الكتابة.