البيت الذي بناه الأمن
بقلم: حيدر المكاشفي
لم تكن المعلومة التي كشفت عنها لجنة ازالة التمكين ببناء جهاز أمن النظام البائد بيتا لعلي عثمان بضاحية المنشية الراقية جديدة علي شخصيا، اذ كنت قد وقفت عليها قبل ذلك بكثير، فقد سبق أن نشر موقع (مونتي كاروو) الموثوق قصة هذا المنزل، وجاء في القصة الخبرية للموقع، أن المنزل الفخم الذي يسكنه حاليا مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر للشؤون التنظيمية، فيصل حسن ابراهيم بعد ان رحل من منزله السابق في حي النزهة، تعود ملكيته لعلي عثمان محمد طه النائب الاول السابق لرئيس الجمهورية، وتستفيض (مونتي كاروو) في التفاصيل فتشير الى أن قصة شراء قطعة الارض وبناء المنزل عليها بدأت عندما كان البشير يتردد على نائبه السابق علي عثمان بمقر سكنه بمزرعته بسوبا واشتكى من لسعات البعوض المتكررة واستنكر عليه ان يسكن في مكان بعيد كهذا، ووجه البشير مدير جهاز الامن السابق محمد عطا بالبحث عن قطعة ارض مناسبة في قلب الخرطوم وتشييدها وخصم التكلفة من مخصصات النائب الاول السابق وبيع قطعة ارض تخص علي عثمان بحي الشاطيء بالخرطوم، وعلى الفور شرع جهاز الامن في بيع قطعة الارض المذكورة وشراء قطعة اخرى بحي المنشية وتم اختيار شركة Fu Hong الصينية التي تولت عملية التشييد فيما اشرفت شركة مرتضى معاذ الاستشارية MMC على عملية البناء (وهي من اكبر الشركات الاستشارية وتتولي الاشراف على تشييد عدد من المباني الحكومية والتابعة لجهاز الامن، والمنزل الفخم يقوم على قطعتي ارض بمساحة 1800 متر مربع ومشيد بالكامل من الرخام الفاخر ويحتوي على اسانسير وتكييف مركزي وخزان مياه يكفي حاجة البيت لاسبوعين في حال انقطاع المياه، كما تم استيراد الاثاثات من تركيا وتقدر تكلفة البناء ب 6 مليون دولار تولى دفعها جهاز الامن للشركة المنفذة، وتضيف (مونتي كاروو) بأن النائب الاول السابق علي عثمان طه فضل عدم السكن بالمنزل الفاخر في الوقت الراهن لما قد يثيره من شبهات ويؤثر على مكانته في الحزب والحركة الاسلامية ، ولذلك آثر ان يستأجره لرئاسة الجمهورية والتي بدورها خصصته لمساعد الرئيس فيصل حسن ابراهيم..
تلك هي قصة هذا المنزل الفخم برواية مصدر سابق للجنة ازالة التمكين، وتلزمني الأمانة ان أوضح أن عنواننا أعلاه (البيت الذي بناه الأمن)، مقتبس من الفيلم العالمي (البيت الذي بناه جاك(The House That Jack Built للمخرج الدنماركي لارس فون ترير، وتدور قصة الفيلم عن قاتل متسلسل وعن فلسفته في القتل وعن الجمال والإبداع الذي وجده في جرائمه، فهو قاتل يعتبر القتل فنا وينشد الكمال فيه، وما أشبه الفظائع التي يرويها هذا الفيلم الخيالي بالفظائع الحقيقية التي ارتكبها جهاز أمن النظام البائد..وغير بيت المنشية الفخيم الذي أهداه له المخلوع وبناه الأمن على طريقة سفهاء قدامى الملوك والأمراء العرب، حين يأمرون لندمائهم ومحظييهم بالأعطيات والمكرمات، من شاكلة (أمرنا له بمائة الف دينار وناقة صهباء وغلام أمرد)، فلعلي عثمان بيت حدادي مدادي يتمدد على امتداد سبعة أفدنة، بناه على طريقة باشوات مصر في زمن الاقطاع، تحيطه الحدائق الغناء وتشقشق فيه الطيور، ولهذا لم يكن صحيحا ما قالته احدى كريماته عندما تم اخلاءهم من بيت المنشية أنهم لا يدرون الى أين يذهبون..ولو صح افتراضا ان علي عثمان امتلك ما ملك بحر ماله، يبقى عليه ان يجيب على سؤال من أين له هذا..ونستذكر في هذا المقام مقولة النائب الأول للمخلوع الزبير محمد صالح رحمه الله (نحنا اولاد الناس الغبش لو شفتونا ركبنا العربات الفارهة وامتلكنا البيوت الفخمة اعرفوا انو نحنا بقينا ناس حرامية).