الإعلام وال(فيروس) القاتل.. أقلام في مواجهة (كورونا) (1-2)
بقلم: حسين سعد
نناقش من خلال حلقتين موضوع جائحة (كورونا) وتعامل الإعلام والحكومة الانتقالية التي بذلت خطوات كبيرة في التصدي ل(الفيروس) القاتل، على الرغم من ورثتها لتركة عامرة بالخراب في القطاع الصحي، ونخصص الحلقة الثانية لقصص نجاح الحكومة الانتقالية في التعامل مع أزمة (كورونا)، وما هي النواقص لاستكمالها.
وفي هذه الحلقة نحاول عكس واقع الإعلام والتزام الصحافة الورقية بالقرارات واللجوء للمواقع الإلكترونية، حيث يشتكي الصحفيون من غلاء باقات الانترنت وصعوبات العمل بالمنزل الذي تحول لدى الكثيرين إلى مكتب، ودفعت الأزمة الإعلاميين الي ابتكار أساليب ذكية من خلال تطبيقات الإعلام الجديد تساعدهم في العمل بعد توقف العمل الميداني، وتعتبر هذه المرة الأولى التي تتوقف فيها صاحبة الجلالة باختيارها عن الصدور، وتزامن ذلك مع عيدها العالمي الذي جاء تحت شعار (الصحافة بدون خوف أو محاباة) مع تقدم السودان (16) درجة في مجال الحريات الصحفية وفقاً لتقرير منظمة (مراسلون بلا حدود)، حيث حل السودان في المرتبة (159) قافزاً من المرتبة (175) التي كان يحتلها العام الماضي.
مهمة شاقة:
فرضت جائحة (كورونا) على الصحافة السودانية توقف صدورها ورقياً امتثالاً لإجراءات الطوارئ الاحترازية من قبل الحكومة لجهة التصدي ل(الفيروس) القاتل، ولم يكن حال السودان نشاذا حيث اتخذت الحكومة قرارات تحفظ سلامة وصحة المواطن وخصصت مراكز للحجر الصحي ومسشتفيات للعزل وإغلاق المعابر والموانئ والمطارات، ومن ثم تم فرض حظر التجوال الجزئي إلى أن تطورت الأمور إلى الإغلاق الكلي وفق تطورات الأوضاع الصحية.
ومضت ولايات السودان على خطى هذه القرارات المركزية واتخذت ذات المنحى بتخصيص غرف الحجر والعزل الصحي ومن ثم فرض حظر التجول ومنع التجمعات وإغلاق الأسواق رغم صعوبة تنفيذ مثل هذه القرارات لطبيعة المجتمع السوداني و عاداته التي تحض على التواصل والتراحم.
الشفافيه مقابل الاشاعات:
وظلت الحكومة الانتقالية ووزارتها ذات الصلة تفرض المزيد من الإجراءات الاحترازية التي تحافظ على سلامة المواطنين وتضمن منع التحركات والتجمعات مع السماح للتحرك في الإطار الجغرافي المعين لتوفير الحاجيات الضرورية في ساعات محددة، وكانت الحكومة الانتقالية قد أعلنت الحظر الشامل بولاية الخرطوم لمدة 21 يوماً ثم مددته لعشرة أيام أخرى، فالأوضاع في السودان ما كانت تحتاج إلى المزيد من التعقيد كي يظهر (فيروس كورونا) الجديد في هذا التوقيت، ويفاقم من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد عقب ثورتها الباهرة وتضحياتها الكبيرة، وفرض ال(فيروس) القاتل على الحكومة الانتقالية تحدياََ آخر ما كان ضمن الحسابات أصلاََ، فالإجراءات التي اتخذتها الحكومية الانتقالية في مواجهة ال(فيروس) القاتل جاءت في وقتها تماماََ وإن كانت قد أخرت إعلانها قليلاََ للحفاظ على صحة الانسان والوقوف في وجه الشائعات المضللة ومحاولات زرع الخوف والقلق التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإثارة الخوف والهلع دون مبرر في هذا الوقت جريمة يجب ألا تتهاون الأجهزة المعنية في التعامل معها.
تعطيل مهام عاجلة:
وتسببت (كورونا) في تعطيل مهام وأولويات الحكومة الانتقالية، ومن بينها مصفوفة مهام الفترة الانتقالية، والنقطة المهمة إلى جانب مصفوفة مهام الفترة الانتقالية نجاح الموسم الصيفي القادم، وعملياََ نجحت اللجنة القومية لإنجاح الموسم الصيفي القادم في عقد اجتماع لها ووضعت دراسة قيمت من خلالها أبرز معوقات الموسم السابق والمطلوبات العاجلة والمخاطر التي يجب تداركها، كما شددت اللجنة على ضرورة مراجعة سياسات التمويل والتأمين لضمان استفادة صغار وفقراء المزارعين في القطاعين المطري والتقليدي والبستاني، وبشأن المخاطر قالت اللجنة إن هناك العديد من المخاطر المتوقعة في الأحوال العادية التي يمكن التحسب لها واتخاذ الإجراءات اللازمة، وأوضحت أن هذا الموسم يتميز بمخاطر غير تقليدية تتمثل في جائحة (كورونا) مما يستدعي جهداََ اضافياََ للبحث في الآثار المترتبة عليها وطرق مواجهتها.
توقف الصحف:
وشهدت (أكشاك) توزيع المطبوعات بالعاصمة والولايات غياباً تاماً للصحف السياسية والرياضية، واتجهت الصحف الورقية إلى مباشرة العمل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، وظلت الصحافة طوال جائحة (كورونا) والقرارات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية بالسودان تدفع بتقارير وخدمة إخبارية متواصلة عن التوعية بالوباء، ويعاني الصحفيون من ارتفاع تكلفة الانترنت لمواصلة عملهم من المنازل، فضلاً عن عدم تهيئة بعض المنازل لجعلها مكاتب لمباشرة العمل.
ويشير البعض إلى نجاح الحكومة الانتقالية ووزارتها ذات الصلة في التصدي لـ (كورونا) على الرغم من ضعف الإمكانيات، حيث أنشأت الحكومة منصات إعلامية متواصلة بالخدمة المطلوبة، بجانب إصدار بيانات تفصيلية على مدار اليوم، وفي ذات الوقت وقفت قطاعات الشعب السوداني متطوعة في محاربة (كورونا) جنباً إلى جنب مع الجيش الأبيض الذي قدم تضحيات كبيرة.
إصابات وسط الصحفيين:
وأدت التغطية الصحفية والإعلامية إلى اشتباه في حالات إصابات لدى بعض الصحيفين، وكان الإعلامي السوداني مراسل قناة العربية في الخرطوم محمد عثمان، قد أعلن عن إصابته بـ (فيروس كورونا)، وكتب محمد في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك (عملت فحص وطلعت النتيجة إيجابية لكن أنا بخير ولا ينقصني إلا رؤياكم)، ويعتبر محمد عثمان رابع إعلامي سوداني يصاب بـ (الكورونا)، داخل السودان؛ بعد المذيعة سوزان مبارك؛ والصحفي صلاح الحويج بتلفزيون السودان والصحفي مصعب محمد شريف، وصباح يوم الأربعاء السادس من مايو 2020م كتب الصحفي مدثر محمد أحمد، بصفحته على (فيس بوك): (أربعة أيام من التوتر والترقب عايشتها في الحجر المنزلي في انتظار نتيجة الفحص المعملي للفايروس اللعين كوفيد ١٩ بعد مخالطتي لأحد المصابين وظهور أعراض التهاب الأذن الوسطى ولكن كانت النتيجة سلبية والحمد لله ولا أراكم الله معايشة تلك اللحظات العصبية).
وفي يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين نقلت الأنباء عن حجر وزير الإعلام فيصل محمد صالح والصحفية درة قمبو والصحفي شوقي عبد العظيم لأنفسهم بسبب مخالطة شخص مصاب بـ (كورونا) كان ضيفاً في حلقة مشتركة على تلفزيون السودان يوم الجمعة الأول من مايو 2020. كما كتب الإعلامي سامي شناوي في صفحته علي فيس بوك مطمئناََ أصدقاءه أنه أجرى فحوصات كانت نتيجتها سلبية شاكراََ كل من أتصل عليه وتضامن معه.
غلاء الإنترنت:
وقال مقدم برامج بتلفزيون السودان أنس الإمام، إنه قبل (كورونا) كان ينتج أخباراً وتقارير ميدانية، لكن اليوم توقف هذا وأصبح العمل عبر (السكايب) أو الهاتف فقط بسبب (كورونا) واتباع الإجراءات الاحترازية) ولفت أنس، إلى صعوبة العمل من المنزل، وقال بعض المنازل غير مهيأة وتفتقد للمكان الخاص، وأضاف (كورونا فرضت علينا أوضاعاً لم نكن مستعدين لها)، وأشار إلى أن تكلفة باقات الإنترنت عالية جداً.
واقع جديد:
ومن جانبه قال الصحفي عبد الباقي العوض إن الصحافة التلفزيونية تختلف عن الصحافة الورقية فيما يتعلق بتحديات (كورونا)، وأوضح أنهم اتبعوا أساليب إبداعية في التغطية الإعلامية لمواكبة ظروف العمل التي فرضتها ظروف الوباء
وذكر عبد الباقي العوض، أن (كورونا) أثرت على عملهم في الصحافة التلفزيونية وفرضت عليهم واقع عمل جديد، خاصة وأن الخدمة التلفزيونية تعتمد على الصورة، وتابع: (كورونا تحدٍ كبير لكننا ابتدعنا أساليب خلّاقة واحترافية من خلال استخدام تقنيات وتطبيقات الإعلام الجديد لملاحقة التطورات المتسارعة والمستمرة في أعداد المصابين والمتوفين والذين تماثلوا للشفاء).
ولفت عبد الباقي، إلى أنهم يتابعون مجهودات الحكومة في محاربة (كورونا) وإبراز المعلومات للرأي العام من غير تخويف، ونوه إلى انخراط العديد من المبادرات التضامنية للشعب السوداني وقطاعاته المختلفة، خاصة الشباب في التصدي للوباء، وتابع أنهم يعملون في ظل ظروف صعبة تفتقر لوسائل الحماية لمحاربة عدو غير مرئي.
وفي السياق قال الإذاعي خالد علي، إن (كورونا) أثرت على عمله الاذاعي الميداني وفرضت عليه محدودية الحركة، وتوقف تنفيذ عدد من الأعمال المهمة في مجال الإعلام، إضافة إلى أن الخيارات البديلة للعمل (أونلاين) باهظة التكلفة لارتفاع تسعيرة الإنترنت، إضافة إلى ضعف البنية التحتية لشبكات الاتصالات حيث لن تتيح لي الوصول إلى عدد مقدر من المناطق، بجانب أننا لم نكن مستعدين لهذا النوع من الأزمات لاعتماد العمل لدينا على المباشرة. (يتبع)