الإثنين, نوفمبر 25, 2024
مقالات

آمنة

| في ما يتعلق |

بقلم: مشاعر عبد الكريم

أمِن الحكمة الحديث عن تنمية و(ديموقراطية) قبل التطرق للسلام؟ السلام الذي يستطيع بشكل تلقائي وبسيط أن يوجد الأمان، المعنى المطابق للأمن الوطني والعام والقومي والخاص.

الخاصية التي تتميز بها أغلب الأمهات أنهنّ باعثات للأمان ومولدات للأمن وناشرات للطمأنينة وكل ما يمكن أن يؤسس لطفلها بيئة تجعله يستطيع أن ينجح في الدراسة وحتى العمل، أو إن لم يستطع الدراسة بفعل الفقر في هذه البلاد، فعلى الأقل يمكنه أن ينجح إنسانياً، فكم من نساء ورجال قليلة حظوظهم في النجاحات العلمية عالية حظوظ نجاحهم في المحبة الإنسانية بفعل فطرتهم السليمة وتنشئتهم في بيئة آمنة ومستقرة.

مستقر كل نجاح هو البدايات لا النهايات كما نظن آثمين. فإذا تمكنت من وضع بداية مستقرة لمشروع أي مشروع فبالضرورة أن تكون نهايته سعيدة. حتى و لو لم تكن بذات السيناريو المرسوم في خيالك، لذلك لم أتمكن من فهم محاولات الحكومة الانتقالية منذ بدايتها، أن تجد حلولاً للأزمة التي يعيشها السودان، وهي لم تبدأ البداية الصحيحة، بأن يستقر الأمن والأمان على الأرض وبين الناس، بعد سنوات من التخويف والإرهاب والتعذيب والقتل والاختطاف الخ.. من فعائل النظام السابق. وبشكل منظم وليس عشوائي، بشكل مستمر وليس في بدايات محاولاتهم لتمكين نظامهم، كيف لم تنتبه الحكومة وهي في وصفها (كفاءات) بشقيها العسكري والمدني في إيجاد صيغة جيدة وليس بالضرورة أن تكون مثالية لاستقرار الأمن في المدن الكبيرة لحين استكمال اتفاقيات السلام التي ومن عجب، ما زالت مستمرة.

مستقرً في نفوسنا الخوف منذ ١٩٨٩ وحتى ٢٠٢١ لم يتخلخل ولو لمجرد أوقات الثورات المبهجة في عنفوانها، فما زلنا نتلفت في بيوتنا خوفاً من زوار الليل إن كانوا بغرض السرقة أو الاعتقال، ما زلنا نتلفت في طرقاتنا خوفاً من (تسعة طويلة)، ما زلنا نتلفت في أماكن عملنا خوفاً من قائمة الصالح العام التي تتشكل لها (لجنة إزالة وتفكيك التمكين) – أو أياً كان اسمها – ما زلنا نُرقي أطفالنا حين خروجهم للمدارس خوفاً من الاختطاف والاعتداء وغيره.

غير ذلك نحن غير آمنين في مساكننا ولا في معاشنا اليومي (كل يومٍ الحالُ في شأن). لا يمكن الشعور باستقرار الوضع كله من السياسي الذي لا نستطيع فهمه بكل مجالاته.. وحتى اليومي الذي كذلك لا نستطيع فهمه.. فما مبرر ارتفاع سعر الخضروات المزروعة على ضفاف النيل؟ ومزارع أطراف ولاية الخرطوم؟ ما المبرر لعدم شعورنا بالأمان والأمن في الغذاء والدواء والإيواء؟

الإلهاء المستمر للناس بقصص السلام ومحاربة النظام السابق، قد يجعل الحياة في السودان تبدو آمنة لكنه أمن خادع كالسراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *