في إطار المسؤولية المجتمعية.. شباب المعيلق يرسمون خارطة طريقهم للفترة الانتقالية
المعيلق: صفية الصديق
تواجه الحكومة الانتقالية انتقادات عديدة بسبب تردي الأوضاع على جميع المستويات، ما جعل تحقيق شعارات الثورة في مهب الريح، فكثيرون أصابهم الإحباط ولجأوا لأشكال عديدة من المقاومة لهذا الوضع، إلا أن قوى الثورة بمدينة المعيلق بولاية الجزيرة (جنوب غرب العاصمة الخرطوم) كان لها صوتٌ آخر، ومن باب شراكتهم مع الحكومة ودورهم في تنمية منطقتهم حسب ما يرون رسموا خارطة طريق المنطقة للمرحلة القادمة بخطة طموحة وعملوا على إنجازها بمراحل.
الثورة مسئولية
نعلم أن المرحلة الانتقالية مواجهة بتحديات عظيمة، كما نعلم أننا أيضاً كشباب لا بد أن تكون لنا أدوارنا في المجتمع فالثورة مسؤولية، هكذا كان حديث أسعد مصطفى، من مدينة المعيلق محلية الكاملين بولاية الجزيرة.
إذ يرى شباب لجان المقاومة والقيادات الشبابية أن شعار (حنبنيهو) لم يكن شعاراً عادياً لأنه حمّلهم مسؤولية بناء وطن وألقى على عاتقهم مسؤوليات الدفع لإنجاح الفترة الانتقالية، وقبلها الإيفاء بالتزام قوى التغيير في تحسين أوضاع مناطقها. هذا الشعار ترجمته لجان مقاومة المعليق وقوى التغيير بالمنطقة (جنوب غرب الخرطوم) برسم خارطة طريق واضحة لأولويات قضايا المنطقة بالفترة الانتقالية.
تأهيل مؤسسات الصحة
بالجهد الشعبي ابتدر شباب المعيلق خطتهم لدعم الحكومة الانتقالية والمتمثلة في تنمية المنطقة بمعالجة قضايا الولاية عبر (6) مشاريع ذات أولوية، تمّ إنجاز بعضها ويعملون على الآخر. ويجيء هذا الجهد بمشاركة شباب قرى العمال الزراعيين (الكنابي) حول المنطقة تأسيساً لمبدأ التعايش، إذ أنشأ الشباب مركزاً لغسل الكُلى مُنفصلاً عن المستشفى ويقومون بالتسيير الكامل له، تبعه مشروع تأهيل مستشفى المعيلق ويسعون لتحويله من مستشفى ريفي إلى مستشفى تعليمي حتى يكون لديه الطاقة لاستيعاب كل سكان الوحدة الإدارية التي تحيط بها أكثر من (87) قرية.
السجل المدني
أكبر إنجاز لشباب لجان المقاومة ولجنة الخدمات والتغيير بالمنطقة – يعتبرونه كبيراً لقيمته المعنوية لديهم – هو مشروع السجل المدني بالوحدة الإدارية، إذ شرعت قيادات التغيير بالمنطقة في تأسيس مركز متكامل للسجل المدني كانت تحلم به منذ العام 2017م، وبعد الثورة كان المناخ مواتياً للمشاركة في الحكم المحلي، إذ أُتيحت لها حرية المشاركة والتعبير. وقام المواطنون بتوفير الأراضي والمباني والتجهيز الكامل للمركز وتركوا للحكومة الجوانب الفنية.
وقال أسعد مصطفى القيادي بلجان المقاومة: “في إطار العمل بالسجل المدني، وفي نهاية مارس من العام الحالي، قام مدير السجل بولاية الجزيرة بزيارة للموقع، وأشار لجاهزية الموقع من ناحية البناء والشكل العام، وتبقى العمل على إكمال ما تبقى من أبواب بجانب أعمال (الردمية) للمبنى من الداخل، ومن ثمّ المرحلة الأخيرة المتعلقة بتوصيل الشبكة ومباشرة العمل”، وأضاف: “هدفنا من ذلك تسهيل وصول المواطنين لخدمات إثبات الشخصية علماً بأن الوحدة الإدارية بها أكثر من (78) قرية، وبسبب الأوضاع الاقتصادية وطبيعة المنطقة الزراعية، لا يتمكن المواطنون من الوصول لمراكز خدمات الأوراق الثبوتية بسهولة”.
محكمة ووعي
الحلم ما زال مستمراً، إذ أن قائمة الأولويات ما زالت عامرة بالمشاريع، ولا تنحصر أولويات تنمية المنطقة في الجانب المادي فقط، فهم يتطلعون أيضاً لتطوير وتأهيل دُور الوعي والاستنارة، فكان تأهيل مركز شباب المعيلق ضمن خارطة طريقهم للفترة الانتقالية وذلك لإحياء النشاط الثقافي، الاجتماعي والسياسي بالمنطقة. ولأن المنطقة وبحكم أنها كانت قبل عهد الإنقاذ رئاسة محلية الكاملين وموجودة بها كل البنى التحتية، فإن الخطة تشمل أيضاً إعادة تأهيل محكمة القاضي المقيم بالمعيلق، وهو ما تكفل به الجهاز القضائي كاملاً.
الطريق أولاً
منطقة المعيلق هي منطقة إنتاج زراعي عالٍ إذ تمثل القسم الشمالي بمشروع الجزيرة، وحتى يتحقق الربط بينها كمنطقة إنتاج بمناطق الاستهلاك، ولأن الخدمات حق فإن مواطني المنطقة يضعون تشييد طريق (المعيلق – أبوعشر) في قمة أولوياتهم في هذه المرحلة، ويسعون لتنفيذه بكل الطرق، لكن ولأن أعمال الطرق مكلفة وهي من صميم عمل الدولة فإنهم يناشدون الحكومة لتنجز الطريق الذي بدأت أعماله منذ 1997م ولم يكتمل بعد، رغم الوعود الكثيرة من الحكومة المخلوعة. ويتطلع أهل المنطقة لوعود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في تشييد الطريق كما وعدهم خلال زيارته للمنطقة في مطلع العام.
ورغم ضيق ذات اليد ومحدودية إمكانيات المواطنين، إلا أنهم يعملون بترتيب وتناغم في تنمية المنطقة، والتي يعتبرونها مساهمة مع الحكومة لإنجاز مهام الفترة الانتقالية، إذ قاموا أيضاً بتشييد بئر للمياه بالتكاتف الشعبي خارج خارطة طريق المنطقة للفترة الانتقالية.
قضايا التعايش
لم تقف جهود مواطني المنطقة في التنمية الملموسة، ولأنهم يرون أن التنمية لا تتحقق إلا في ظل الاستقرار؛ فهم يعملون بكل جهد لرتق النسيج الاجتماعي بين مكونات المجتمع المحلي. ولأن المنطقة تتمتع بتعدد وتنوع في السكان يعمل الشباب في المشاريع السابقة بشراكة مع شباب ومكونات قرى العمال الزراعيين بعد الحادثة الأخيرة التي سعى فيها من يصفونهم بالمخربين لزرع الفتنة وخلق العنصرية بين مواطني المعيلق ومواطني قرى العمال الزراعيين بالمنطقة بحسب أسعد مصطفى، الذي أضاف لـ (مدنية نيوز) أمس: “نعيش في توافق تام ونعمل على الحفاظ على مساحات التعايش السلمي، ونتمنى أن يعكس الإعلام تجربتنا في التعايش بدلاً عن نقل الخلافات المشوهة في الأصل”.