القطاع الصحي.. حكومة الفترة الانتقالية تخطط لتجاوز آثار خراب النظام المخلوع
الخرطوم: مدنية نيوز
ورثت حكومة الفترة الانتقالية قطاعاً صحياً متدهوراً بل مدمراً كحال جميع القطاعات الأخرى، التردي في الخدمات الصحية في الوقت الراهن و الندرة الحادة في الأدوية والمحاليل الوريدية، هي نتاج سياسة النظام المخلوع لمدة (30) عاماً، وشمل التدهور المنظومة الصحية بالكامل في كافة أرجاء الوطن: (المؤسسات الصحية جمعيعها، والكوادر الصحية من حيث الوفرة العددية والنوعية والوضع الوظيفي والتدريب و التأهيل، بجانب انهياراً نظم الإدارة والحوكمة والجودة في كافة المستويات، ويزيد الوضع تعقيداً التمييز السلبي بين العاصمة والولايات وتكدس الخدمات رغم رداءتها في العاصمة وبعض عواصم الأقاليم .
الانهيار
وكان وزير الصحة الإتحادي د. عمر محمد النجيب في آخر مؤتمر صحفي عقده بمنبر وكالة السودان للأنباء (سونا) قال: (لو استجلبت أكبر شركات الإدارة وطلب منها تدمير النظام الصحي لما استطاعت تدميره بالجودة والدقة التي دمره بها النظام البائد)، هذه المقولة تلخص حقيقة الوضع الراهن الذي ظل قطاع الصحة يعاني منه، لا سيما وأن النظام الصحي لم يطرأ عليه تحديث منذ العام 1994م مما أدى لاختلال تقديم الخدمات الصحية في الوقت الحالي.
هذا الواقع المتردي في قطاع الصحة عرض البلاد لخسارة الكوادر الصحية، إذا تعاني البلاد من نقص حاد في الكوادر بسبب الهجرة، وفي عام 2018م أعلنت نقابة الأطباء عن هجرة أكثر من (20) ألف من الكوادر للبلاد بسبب التردي الاقتصادي وانهيار القطاع الصحي، وفي مطلع مارس من هذا العام قال مدير عام وزارة الصحة بولاية الخرطوم د. محجوب تاج السر منوفلي، إن هجرة الكوادر الطبية من أكبر المشاكل التي ظلت تواجه العمل الصحي بالبلاد.
رؤية الحكومة
وتحصلت (مدنية نيوز) أمس، على الخطة الكاملة لحكومة الفترة الانتقالية الرامية لبناء وتأهيل القطاع الصحي، وأبرز ما جاء في الخطة التي أجازها مجلس الوزراء في مطلع أبريل الماضي هي (الولاية التدريجية لوزارة الصحة الاتحادية على الخدمات الصحية في كافة الولايات، وحددت الخطة الثلاثة أشهر الأولى لأيلولة مستشفيات دارفور وكردفان، يبدأ تنفيذها منذ شهر أبريل الماضي على أن تنتهي في شهر يوليو المقبل، بتولي الوزارة إدارة الشؤون الصحية في ولايات دارفور وكردفان، بالتنسيق الكامل مع الإدارات الصحية والسياسية.
وحسب الخطة فإنه وبنهاية الفترة الانتقالية تتحول وزارة الصحة الإتحادية إلى مؤسسة تشريعية تعنى بقوانين الصحة والجودة و الحوكمة (الإدارة العلمية) ومراجعة أوضاع العاملين في المهن الصحية (المسارات المهنية، الهياكل الوظيفية والمرتبات، والصحة والسلامة المهنية).
وبالفعل عقدت وزارة الصحة الاتحادية ورشاً لقطاعي كردفان ودارفور، بجانب الزيارة الحالية التي يجريها الوزير لولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار والجزيرة.
ومن ضمن المشاريع العاجلة التي تستهدفها الخطة تأهيل أقسام الطوارئ في كافة الوحدات الصحية – المراكز الصحية ومراكز الرعاية الصحية الأولية- المستشفيات الريفية والمدنية – المستشفيات المرجعية- والمراكز القومية، وتأهيل وبناء مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وفق برنامج محدد الملامح تكون أولوياته التمييز الإيجابي واستقرار العائدين من النزوح واللجوء.
تحديات وآمال
وكان وزير الصحة د. عمر النجيب، تحدث الأسبوع الماضي في وكالة السودان للأنباء (سونا) في آخر مؤتمر عقده عن التحديات الراهنة التي تعيق تطبيق الولاية الكاملة للوزارة على كل القطاع الصحي في البلاد، ولخصها في سببين رئيسين أولهما هو قانون الحكم المحلي الموروث من الحكومة السابقة الذي حدد السلطات ما بين المركز والولايات، مما يعني أن الخطة يصبح تنفيذها صعباً ما لم يتم إجراء تعديلات في قانون الحكم المحلي، أما السبب الأخر الذي قاله الوزير من الصعوبات التي تواجه الأيلولة هي ضعف النظام الإداري داخل وزارة الصحة .
الخطة التي تحصلت عليها (مدنية نيوز) استندت على مبادئ عامة تتمثل في أن (مفهوم الصحة لا يقتصر على غياب المرض والعلاج والدواء، بل يمتد ليشمل حق المواطن في بيئة صحية توفر أعلى درجات اللياقة البدنية والنفسية وجودة الحياة، والصحة حق يكفله القانون والتشريعات المعنية بالحقوق العامة وحقوق الإنسان، الرعاية الصحية الأولية هي العمود الفقري للخدمات الصحية، ويكون استقطاب الدعم الحكومي والشعبي والمهني أولوية مطلقة لإعادة تأهيلها وبنائها كأولوية في المناطق الريفية والمتأثرة بالحرب والنزوح، وتأهيل المرافق الصحية وبنائها لتقديم خدمات طوارئ أساسية مجانية لكافة المواطنين، وإشراك المواطنين في إدارة كافة أمور الصحة التي تهمهم على المستويين المحلي والوطني ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لذلك).
وفيما يتعلق بتوفير الدواء أوضحت الخطة أن التصنيع المحلي هو المخرج الأساسي لأزمة الندرة بعد معالجة الإشكاليات التي تواجهه باعتباره من سلع الأمن القومي، بيد أن الخطة أشارت لتوفير الدواء خلال الستة أشهر القادمة عن طريق الاستيراد والصناعة المحلية وبالتعاون مع شركاء وزارة الصحة.