كيف تصنع فساداً مطهواً جيداً؟
| في ما يتعلق |
بقلم: مشاعر عبد الكريم
جديرٌ بالذكر، أن أغلبنا لا يفقه في علوم الاقتصاد ولا السياسة، هل سأكون متطرفة إن قلت، وحتى السياسيون؟ فما نعيشه من أحوال لم تزل تبارح مكانها منذ ما يزيد عن الستين عاماً، يجعلك ببساطة تقرأ فصلاً واحداً يتكرر برتابة غريبة، و الأغرب إن الوجوه مختلفة. فما يحدث في شرق السودان بمختلف مدنه و قراه، هو مستمر منذ سنوات. و كذلك في الغرب وشمال السودان _يا إلهي كيف يمكننا التخلص من العقارب التي تلدغ الصغار بالموت كل عام؟ _ و الوسط رغم مساره الإجباري *(مسار إجباري إسم لفرقة غنائية مصرية تقدم إسلوب مختلف يمكن تصنيفه ضمن الموسيقى التوعوية أو العلاجية) *
العلاج بالصدمة.. الطريقة التي اشتهرت إبان تولي السيد (معتز موسى) وزارة المالية في أواخر فترة النظام السابق. و رفضها الناس بقوة، الآن نحنُ على نظامها العلاجي. نعيش صدمات متتالية من و ضربات سريعة غير مفهومة من زيادات الأسعار أو السُعار إذا شئت، لكل شئ، إلى صدمة إنعدام الخدمات الصحية و العلاجية و التعليمية و الاجتماعية و البيئية. بمناسبة البيئية دي، هل يُعقل أن تختفي خدمات النظافة من شوارع العاصمة القومية في العام ٢٠٢١؟ و رغم كل تصريحات والي الخرطوم عبر مكتبه الإعلامي عمّا يفعله وسيفعله لعمال النظافة؟
النظام الآن نظام الرؤية الليلية فقط، فرغم حديث رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك _ لماذا يستمر مكتبه الإعلامي على كتابة( دولة رئيس الوزراء) وهي واحدة من الأخطاء المخزية جداً في هذا الوقت من التغيير الذي يفترض أننا نعيشه؟ _ رغم حديثه بالأرقام في خطابه الأخير إلا أنه حديث لا يمكنك ملامسة أثره على أرض الواقع. فما زالت الأشياء على ما هي عليه. حديث يراه من يمتلك خاصية الرؤية الليلية فقط.. أما عامة الشعب من يرون بشكل طبيعي عبر عدسات العيون و حواس اللمس الخمس، فسيرون قمة جبل الجليد التي ظهرت في فارق أرقام بين لجنة إزالة التمكين ووزارة المالية..و سينشغلون (بفوضى ) رأي خاص لناشطة نسوية و ربما بإنقاذ اللاعب الدنماركي (إريكسن) و التحسر على فرق التوقيت الذي نقوله ولا نراعيه في كافة المجالات.
المجال الآن مفتوح لصناعة فساد بطرق متعددة و شهية! فلا سلام حقيقي أسهم في (بسط أمن شامل) في أجزاء البلاد، ولا عدالة ناجزة في الكشف عن الجرائم اليومية دعك من جرائم حرب دارفور و جنوب كردفان و… يا إلهي، هل هناك أحد يشاهد القصص المنقولة على شاشة التلفزيون القومي عن فظائع جهاز الأمن (الوطني)؟؟ فتلك وصفة أخرى. ولا حرية تجعلنا نستطيع الاعتراف بأننا أبتلعنا( ثمرةُ الأناناس)،المفخخة بالديناميت و علينا الاستعداد لإنفجارنا في أي لحظة،دون أن يكون هناك يبكي علينا العالم.
عام ١٩٨٤ نزل للسينما الفيلم المصري (كلاب الحراسة) للكاتب مصطفى بركات، في إحدى مشاهده يقول الكاتب على لسان أحد الأبطال:
(الفساد زي السلم، لما تحب تنضفه، يبقى تنضفه من فوق لتحت مش من تحت لفوق) *
نتفوق على أنفسنا بتكرار الفشل بنجاح.