منتخب السيدات لكرة القدم.. الإعداد النفسي ومساندة المجتمع في ظل الدولة المدنية
الخرطوم: هيام تاج السر
يواصل المنتخب السوداني لكرة القدم للسيدات تمارينه استعداداً للاستحقاقات الخارجية، وأجرت (مدنية نيوز) تقريراً حول الاستعدادات الجارية والدعم البدني والفني والتهيئة النفسية للاعبات باعتبار أن المنتخب هو أول منتخب يمثل السودان عبر تاريخه، وحدث ذلك في ظل الفترة الانتقالية عقب إسقاط النظام عبر ثورة ديسمبر 2018م والتوجه نحو الدولة المدنية.
وكان المنتخب قد دخل في معسكر مغلق وضم (40) لاعبة، مثّلن كلية المنتخب وتحول لمعسكر مفتوح بعد اختيار (25) لاعبة يؤدين التمارين بملعب الأكاديمية بواقع (4) تمارين في الأسبوع تحت إشراف المدير الفني للمنتخب فاروق جبرة، والمدربة العامة سلمى الماجدي، ومساعدة المدرب جانيت هابيل، ومدرب الحراس خالد درويش، ومدرب اللياقة محمد آدم، تحت إشراف المشرفة العامة للمنتخب ميرفت حسين، والإداريات أحلام بولاد وغادة مبارك.
بيئة مواتية
وقالت المشرفة العامة لمنتخب سيدات كرة القدم، رئيسة لجنة كرة القدم للسيدات بالاتحاد السوداني ميرفت حسين، إن تجربة تكوين أول منتخب للسيدات كانت نتاجاً لجهود كبيرة في قيام موسمين لدوري السيدات، وبجانب انتشار ثقافة الكرة النسائية كانت هناك مساحة لمتابعة اللاعبات من قبل اللجان الفنية للدوري، وهي التي رشحت لنا أميز الخيارات لتكون أول كلية لمنتخب السودان للسيدات.
وعن نجاح التجربة ذكرت ميرفت، أنها مثلها مثل أية تجربة حديثة التكوين لا سيما وأنها لأول مرة، وتتوقف ظروف نجاحها على بيئة التجربة التي اعتبرتها مواتية لحد كبير، وأشارت إلى أن المنتخب وجد دعماً معنوياً وتشجيعاً واهتماماً إعلامياً كبيراً.
وعن الدعم الأسري والمجتمعي، أشارت إلى أن تفهّم الأسر ومساندتها ساهم في نجاح تجربة التجمع الأول في معسكر مغلق دام (10) أيام، استمرّت بعدها التدريبات (٤) أيام في الأسبوع.
وحول فكرة المعسكر المغلق في بداية الإعداد، أوضحت أن القصد منها تهيئة اللاعبات نفسياً وبدنياً وفنياً للنقلة التي حدثت لهن من لاعبات أندية ينشطن في الكرة النسائية على المستوى المحلي للاعبات منتخب يمثل الوطن، وأكدت حرصهم على أن يلتئم شمل اللاعبات ليصبح الهم واحداً خاصة بعد التنافس غير المحدود في الدوري، ولفتت ميرفت إلى أن المنتخب تنتظره (3) مشاركات دولية وإقليمية.
وسيشارك المنتخب في كأس العرب سيدات بجمهورية مصر العربية في أغسطس المقبل، كما سيشارك في تصفيات أمم أفريقيا أمام الجزائر في أكتوبر، وبطولة التحدي (سيكافا) في جيبوتي في نوفمبر.
مستوى مقبول
ومن جانبه قال المدير الفني لمنتخب السيدات لكرة القدم فاروق جبرة، إن تجربة تكوين منتخب تجربة جديدة، ورغم ذلك يمكن أن تكون جيدة للاهتمام الذي تجده من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأفريقي، حيث يعملان على تطوير الكرة النسائية، وأبان أن جميع الدول العربية كوّنت فرقاً نسائية، وتمنى فاروق جبرة أن تنجح التجربة بالسودان.
ووصف جبرة، المعسكر بالجيد وذكر أنه وقف على مستوى اللاعبات وقدراتهن وكيفية التعامل معهن من ناحية انضباطية وسلوكية وفنية، وأشار إلى أن المنتخب سيشارك في (3) ثلاثة محافل.
وعن تهيئة الملاعب قال: الملاعب نفس الملاعب لكرة الرجال في كل النواحي عشبية أو صناعية ولا يوجد فرق في المقاييس والمساحات.
وتحدث فاروق جبرة عن المستوى الفني عن حاجة اللاعبات إلى أساسيات كرة القدم والتمرّن عليها، وقال إن المستوى مقبول، ونشاط كرة القدم للسيدات في السودان لم يكمل (10) سنوات وتجربة المنتخب جديدة.
انضباط
ومن جهتها قالت المديرة الإدارية للمنتخب السوداني لكرة القدم للسيدات أحلام بولاد، إن المنتخب الأول تم اختياره عقب نهاية النسخة الثانية لدوري السيدات عبر اللجنة الفنية، وضم المنتخب لاعبات مميزات يمثلن الأندية المختلفة بينهن لاعبات الولايات، ويعد هذا أول تجمع للمنتخب السوداني، ووصل العدد إلى (٤٠) لاعبة، وتم اختيار (٢٥) لاعبة للمنتخب بعد التصفيات، وأشادت بانضباط اللاعبات، وقالت: (لم يكن هنالك غياب عن التمارين والكل يبذل مجهوداً لإثبات وجوده داخل الملعب).
ووصفت المديرة الإدارية التجهيز للمعسكر بالجيد، وأوضحت أنه شمل التمارين والمحاضرات منها الإرشاد والتخطيط والتحكيم، بجانب الجوانب النفسية والتعريف بالقانون لمعرفة كل ما يدور في كرة القدم، مع الالتزام بالضوابط واللوائح، ونبهت إلى أن المعسكرات فيها فوائد تمارين وانضباط وتقريب لوجهات النظر بين اللجنة الفنية والإدارة واللاعبات، ويظهر سلوك اللاعبات وبالتالي يصبح الجميع أسرة واحدة، وأضافت أن المنتخب مجتمع قائم بذاته، وأن هدفهم التطوير، وأضافت: لا بد من التعاون من أجل النجاح وبالجهد والمتابعة تتحقق الإنجازات).
ولادة بعد مخاض عسير
ومن ناحيتها ذكرت الإدارية بالمنتخب عضوة لجنة السيدات غادة مبارك، إن تكوين أول منتخب للسيدات تجربة كبيرة ووصفتها بـ (الولادة بعد مخاض عسير)، بعد تجربة النسختين الأولى والثانية للدوري، ومن خلالهما تم اختيار المنتخب.
وعن اختيارها كإدارية للمنتخب أفادت غادة، أن ذلك جاء لحكم الخبرة والعمل مع الرياضة النسوية لفترات طويلة، بجانب عملها في الاتحاد السوداني للكرة ولجنة السيدات، وأبانت أنها استفادت من التجربة، وتتمنى أن تكون على قدر المهمة، وتابعت: (يُعتبر المنتخب حلماً للاعبات، فمنهن من لعبن سنوات طوالاً وكان هدفهن الوصول لمنتخب يمثل الوطن)، وأشارت إلى أنه تم اختيار معظم اللاعبات صاحبات التجربة اللائي لعبن في ظروف صعبة (في ميادين التراب) ليصلن للهدف، وذلك قبل تكوين اللجنة، وواصلت: (حالياً وفي حضرة الدولة المدنية وفي وجود الاتحاد السوداني وبدعم رئيس الاتحاد بروفيسور كمال شداد تحقق الحلم)، ومضت للقول إن رئيس الاتحاد ورئيسة لجنة السيدات سهّلَا المهام ووفّرا المُتطلّبات.
دعم أسري
وحول الدعم الأسري والمجتمعي قالت غادة مبارك، إن اللاعبات وجدنَ دعماً أسرياً كبيراً، خاصة أن معظم اللاعبات يأتين بصحبة آبائهن وبعضهن بصحبة أمهاتهن لحضور المباريات والتمارين، وهذا يؤكد الدعم الأسري.
وأضافت: (أما المجتمع فبدأ يتقبل فكرة ممارسة السيدات لكرة القدم، وأصبح الأمر واقعاً، واتضح ذلك من خلال النسختين الأولى والثانية للدوري، حيث نجد حضوراً كبيراً وتشجيعاً في المباريات وتمارين الأندية وتمارين المنتخب).
وزادت غادة، أن زيادة عدد الأندية يعد مؤشراً على تقبل الأسرة والمجتمع، والتسجيلات شهدت تدافعاً كبيراً من أندية الخرطوم والولايات لتسجيل فرق سيدات، ومعظم الولايات طالبت بأن تكون ضمن منظومة كرة القدم للسيدات، ورددت: (أوضحنا لهم المتطلبات، وكل ذلك ينصب في تقبل المجتمع لنشاط كرة القدم للسيدات، ويؤكد نجاح تجربة الدوري بنسختيه والأثر الذي تركه).
وعن تحقيق المعسكر لأهدافه أجابت الإدارية المسؤولة والمقيمة مع اللاعبات بالمعسكر غادة مبارك (مدنية نيوز)، بأنه أدى الغرض المطلوب وتحقق الترابط، وتكون فريق (بقلب واحد) همه السودان.
الإعداد النفسي
وبدوره قال المحاضر بجامعة الأحفاد والمسؤول النفسي الرياضي د. الفاتح سليمان، والذي قدم محاضرة للاعبات منتخب السيدات، إن تكوين منتخب للسيدات فكرة تاريخية تنفذ للمرة الأولى على مستوى السودان، وأضاف: وأشار إلى أنه من حق المرأة أن تمارس النشاط الرياضي، وشدد على أن يتم النشاط بطريقة استراتيجية بعيداً عن التعقيدات الداخلية.
وطالب الفاتح سليمان، بضرورة الدعم المعنوي والنفسي للاعبات، ونبه إلى تعرضهن لحديث من داخل الأسر (أخوال، أعمام، وجدود) ومن كل فئات المجتمع، وطالب اللاعبات بالعزيمة والإصرار وتحمل المسؤولية، وقال: (اللاعبات انتهجن طريقاً أصبح احترافاً وأكل عيش وعليهن الوقوف أمام الرياح العنيفة وصدها).
وواصل أن للأندية دور نفسي ولا بد من تنظيمها وأن يكون لديها نشاط خلاف كرة القدم على مستوى الناشئين والنزول للمدارس والجامعات وتوزيع استمارات للحصول على عدد أكبر من اللاعبات.
وتحدث الفاتح، عن المعسكر المغلق قائلاً إنها المرة الأولى التي يتم فيها تجميع أكثر من (50) لاعبة لكرة القدم على مستوى معسكر للإعداد الذي شمل كل الجوانب: إدارية، فنية، طبية، نفسية، علمية، وتثقيفية، ووصف المعسكر بأنه على درجة عالية من الامتياز.
وتابع أنه لا بد من التخطيط للمشاركات الخارجية من خلال استراتيجية لكل منافسة ومعرفة طريقة التعامل، وختم حديثه بأنه على المجتمع الوقوف مع منتخب كرة القدم للسيدات، وأنه في حال وجد الدعم فمن الممكن أن يحقق انتصارات لم يحققها الرجال.
تفهم مجتمعي
ووصفت لاعبة المنتخب وفريق التحدي أرجوان عصام، تجربة المنتخب بالمهمة رغم أنها كانت تعتبر في البدايات ثقافة غريبة على المجتمع، وقالت: (حلمنا كسيدات أن يكون لدينا منتخب نسائي.. وفعلاً تحقق حلمنا في ظل الدولة المدنية).
وعن تجربتها ذكرت أرجوان لـ(مدنية نيوز) إنها وجدت دعماً كبيراً على نطاق الأسرة ومن قبل الأهل عدا والدتها التي كان لديها تخوف شديد باعتبار أنها رياضة خشنة لا تناسب السيدات.
أما على نطاق المجتمع فقالت أرجوان، إن البعض تقبل الفكرة والبعض الآخر أنكرها باعتبارها ثقافة جديدة على المجتمع، ووأردفت: (لكن بعدما أثبتنا مهاراتنا وجدنا قبولاً وتشجيعاً ودعماً قوياً جداً من المجتمع).
وعن البيئة الرياضية تقول أرجوان عصام، التي تدرس طب الأسنان: (بصراحة يوجد ضعف في تهيئة البيئة الرياضية، وضعف في الإمكانيات المطلوبة، لكن بإذن الله نأمل أن تتحسن للأفضل).
وعن رأيها في المعسكر المغلق قالت: (فكرة ناجحة وجميلة، وكان لا بد منها حتى تتقوى صلة الترابط بين اللاعبات، باعتبار أن كل واحدة من مدينة مختلفة فالمعسكر كان مهماً لكي يكون الفريق يداً واحدة).
ووصفت أرجوان، المشاركات الخارجية بالمهمة باعتبار أنها ترفع وتيرة المنافسة والحماس لإثبات الذات وتقديم الأقضل من أجل الوطن، وزادت: (باذن الله ربنا يقدرنا أن نكون عند حسن ظن جمهورنا والاتحاد السوداني لكرة القدم، وأن نرفع اسم السودان).